الولايات المتحدة تعيش فترة شبيهة بالتي عاشها السوفييت قبل السقوط..

 

إب نيوز ١٤ ربيع الثاني

سامح عسكر

كانت من أبرز صفات السوفييت التي يرثها الأمريكيون الآن (غرور القوة + فقدان الطموح)

غرور القوة واضح في غياب الدبلوماسية بشكل تام، فلم تعقد الولايات المتحدة أي صفقة سياسية أو تفاوض دولي وإقليمي منذ عام 2015 وهو العام الذي نجح فيه أوباما بعقد الاتفاق النووي..

لحق ذلك سلسلة انسحابات من اتفاقيات دولية، وإشعال صراعات عبثية على يد ترامب، ثم بايدن…

أما فقدان الطموح فهو مرتبط بحالة الغرور والتشبع النفسي من السيادة، حيث لم تعد أسئلة المستقبل مطروحة في أمريكا، بل أسئلة الحاضر و الماضي..

فلو انشغل الأمريكيون بالمستقبل لسألوا عن طبيعة ومستقبل الحروب الحالية، والفوضى التي تجتاح العالم، ومن ثم وضعوا الخطط والمشاريع لوقفها أو السيطرة عليها..

اليوم في ‎#اليمن قصفوا صعدة وصنعاء للمرة 200 وفي كل مرة يزهو البنتاجون بنفسه، وبخيلاء وغرور الطاووس يخرج مسؤولي الدفاع منتفخين يهددون ويتوعدون، ويُبشرون بقرب القضاء على الحوثي وسلاحه..

إن الذي دفع هذا المُنتفخ للتباهي بالقاذفة B2 الاستراتيجية هو نفسه موطن ضعف وانكشاف قادة أمريكا في الاعتراف الضمني بعدة أشياء:

أولا: رفض الدول العربية مشاركة قواعدها في قصف اليمن خشية انتقام الحوثي، وبما أنه يريد القصف بقنابل ثقيلة خارقة للتحصينات استعان بالقاذفة الاستراتيجية النووية التي أقلعت من مطارات الولايات المتحدة كبديل..

ثانيا: فشل السياسات السابقة باستهداف اليمن عن طريق مطارات قبرص وتركيا وحاملات الطائرات في المتوسط والأحمر في الخروج بأي نتيجة..

فالقاعدة العسكرية تقول أن استخدام سلاح أقوى وأهم يعني فشل السلاح السابق في تحقيق أهدافه، وبدلا من الاعتراف بهذا القصور أو التفكير بمراجعة شاملة وذاتية للعمليات، يخرج البنتاجون منتفخا ويتباهى بسلاحه الجديد دون النظر لفشل القديم ، أو الإجابة على الأسئلة الطبيعية التي يفرضها الحدث وأهميته..

ثالثا: جهل الولايات المتحدة باليمن ومخازنه وأنفاقه وتحصيناته، ففي المرات السابقة وطوال 10 أشهر من القصف كان يخرج البنتاجون مُدعيا نجاحه في تدمير صواريخ الحوثي، وبحسب تصريحاته الموثقة أن معظم صواريخ الحوثي جرى تدميرها…

حتى باتت هذه التصريحات موضع سخرية، ففي كل مرة يخرج البنتاجون مدعيا هذا الادعاء يعقبه قصف سفينة إسرائيلية أو بريطانية أو أمريكية، في إثبات عملي على كذب الادعاء دون الحاجة لمؤتمر صحفي..

اليمنيون يعلمون جيدا قبل تخزين سلاحهم طبيعة عدوهم وما يملكه من سلاح، لذا فهم يختارون مخازنهم بعناية، وفي أعماق الجبال بما يجعل 100 قنبلة نووية غير مفيدة في خرق هذه الأعماق، أو الوصول للهدف المعلن..

فكرة تخزين السلاح المهم على السطح، أو في تحصينات بسيطة لا يعرفها محور المقاومة، لذا فكل تصريحات إسرائيل والولايات المتحدة في القضاء على صواريخ المحور وأسلحته المهمة تطيش، وتصبح لاحقا موضع سخرية..

هذا على المستوى العسكري ..

أما سياسيا فالقصف على أي بلد عربي بسبب تضامنه مع ‎#غزة وفلسطين يُزدهم صلابة وقناعة بأهمية وصدق موقفهم، وتأثيره السلبي البالغ على عدوهم، وفوق ذلك يرفع شعبية هؤلاء المتضامنين في الداخل اليمني، حتى أصبحت المعادلة، أن انتشار وقوة المتضامن تزداد شرطيا مع ازدياد معدل القصف..

الولايات المتحدة الأمريكية تخلق قوة عربية إقليمية وعسكرية هائلة، ليس بإرادتها، ولكن نتيجة طبيعية لغرور القوة، وفقدان الطموح

You might also like