تقرير اميركي لهذ السبب يلجأ النظام السعودي الى الانفاق العسكري الضخم.
إب نيوز 3 يناير 2017
في تقرير لموقع «ذا هيل» الأمريكي المتخصص في صنع القرار والسياسات، ناقش الكاتب ريان ريج التراجع الكبير في الاقتصاد السعودي، وكيف يهدد ذلك استقرار النظام الملكي، وكيف يمكن أن يكون دافعًا لخوض السعودية حربًا شاملة.
واستنتج التقرير، إن الإنفاق العسكري السعودي الضخم في ظل التراجع الحاد لاقتصادها، يعني انها تنوي خوض الحرب لتجنب السخط المحلي.. لافتا الى أن السعودية بدأت في التسليح بشكل مكثف بعد مرورها بالأزمة المالية في عام 2009 على الفور، مما يرجّح الرأي بأن الخوف من عدم الاستقرار الاقتصادي هو السبب وراء الاتجاه لشراء الأسلحة بشكل مكثف، وليس الخوف من العدوان الإيراني.
وذكر الموقع الامريكي، إن الإنفاق العسكري السعودي للفرد يصل إلى نحو أربعة أضعاف مقارنة بالولايات المتحدة أو إسرائيل أو روسيا، مما يعني أن إعلان السعودية الحرب على بلد آخر سيحمل آثارًا سلبية على استقرار المنطقة.
وأشار الى أن سياسة السعودية الاستفزازية تجاه إيران في ظل وجود الأمير محمد بن سلمان في منصب وزير الدفاع – والتي تضمنت رجل الدين الشيعي البارز نمر النمر، وقصف اليمن – هدفها خلق أسباب كافية للدخول في حرب إذا ما استمر الاقتصاد السعودي في التدهور، وهو من المرجح أن يحدث.
وشدد التقرير، على أن السبب الأساسي في شراء السعودية الأسلحة بشكل مكثف على مدار السنوات الست الماضية، هو الخوف من عدم الاستقرار الداخلي.
وأشار إلى أنه في حالة تدهور الاقتصاد السعودي بشكل كبير، فقد يرى البعض من آل سعود أن الخيار الأفضل للتعامل مع الوضع هو الدخول في حرب شاملة مع أحد البلدان المجاورة. وذكر أن السعودية لا تزال تحاول إتمام صفقة دبابات بقيمة 1.15 مليار دولار.
وقد بلغ الإنفاق العسكري السعودي كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات الست الأخيرة نحو 13%، أي ضعف نظيره الإيراني الذي بلغ 6%، بينما تصل القيمة الإجمالية للإنفاق العسكري السعودي إلى نحو خمسة أضعاف مقارنة بنظيره الإيراني. لكن، كما ذكر الكاتب، الإنفاق العسكري السعودي مستقل تمامًا عن الإنفاق العسكري الإيراني.
وتطرق التقرير الذي ترجمه “ساسة بوست”، الى المشاكل الاقتصادية التي تواجهها السعودية، وعدم القدرة على التعامل معها .. مشيرا الى أن شراء المملكة الأسلحة باستمرار على مدار السنوات الست الماضية، وافتقار رؤية 2030 إلى التفاصيل، قد يوحي بأن بعض العناصر المتشددة داخل السلطة السياسية السعودية تستعد لحرب كوسيلة للتحوط ضد فشل الدولة.
ولفت الى التراجع في قيمة الصادرات والاقتصاد السعودي الذي لا يعتبره “مرحلة مؤقتة”، وإنما هو ناتج عن مشكلة كُبرى تهدد السعودية، ألا وهي مشكلة استهلاك الطاقة، فمن المتوقع أن يتجاوز الاستهلاك المحلي السعودي صادراتها من الطاقة. أي أن الاستهلاك السعودي سوف يتخطى 50% من إنتاج المملكة للطاقة.
وأضاف “في اقتصادات الدول الطبيعية، لا يُعدّ ارتفاع استهلاك الطاقة مشكلة، بل غالبًا ما يدل على النمو الاقتصادي. على سبيل المثال، يزداد استهلاك الطاقة في الصين سنويًا، لكن لأنها تستخدم هذه الطاقة لزيادة الإنتاج، وبالتالي زيادة التصدير.
لكن التقرير اوضح أنه بالنسبة للسعودية فإن زيادة استهلاك الطاقة ليس نتيجة لزيادة إنتاج السلع ذات القيمة المضافة للتصدير، وإنما نتيجة زيادة الاستهلاك المنزلي واستهلاك المزيد من السيارات للطاقة. ونظرًا لأن نحو 90% من الصادرات السعودية لا تزال من النفط والغاز، فإن زيادة الاستهلاك المحلي ينتج عنه نقص في الصادرات، أي ينتج تراجع في عائدات الصادرات وزيادة في الإنفاق في الوقت ذاته” مشيرا إلى أن السعودية قد حاولت كثيرًا تنويع اقتصادها وإصلاحه، ولكنها فشلت.
واعتبر القيود الدينية أحد أسباب هذا الفشل، إذ إن ما يقرب من نصف القوة العاملة – أي غالبية النساء – ممنوعة من العمل. والنتيجة هي بدء الاقتصاد السعودي في الفشل، حيث تتجه السعودية لإلغاء مشروعات عامة بقيمة 20 مليار دولار، ورفع الدعم عن الطاقة، واتجاه الأمراء إلى تخبئة أموالهم في بنما وفي دول أخرى، بحسب ما ذكره التقرير.
وعلاوة على ذلك، تواجه السعودية مشكلة زيادة عدد الشباب، إذ إن ما يقرب من نصف السكان هم ذوو أعمار أقل من 25 عامًا، وهذا يعني أن عددًا متزايدًا من الشباب السعودي سيدخل في تعداد القوى العاملة خلال فترة ما بين خمس إلى عشر سنوات قادمة. وبالنظر إلى عجز السعودية عن تنويع اقتصادها، فإن الكثير من هؤلاء الشباب لن يتمكنوا من العثور على وظائف. جدير بالذكر أن معدل بطالة الشباب في المملكة يصل إلى نحو 28%. وعلى الحكومة السعودية أن تدرك أن ترك الشباب بلا عمل فترةً طويلة يثير غضبهم، مما يمكن أن يؤدي إلى ثورات مثلما حدث في الربيع العربي.
وتساءل كاتب التقرير عن ماذا لو انهار الاقتصاد السعودي؟.. مؤكدا انه في حالة فشل الاقتصاد السعودي، فإن عدد من العوامل قد تمنع إطاحة النظام الملكي السعودي، بينها مهاجمة أو غزو احدى الدول المجاورة عدم مبالاة السعوديين، وإلقاؤهم اللوم على الولايات المتحدة، وتقوية الامن الداخلي ممثلا في الشرطة.
وأوضح ان النظام الملكي السعودي أمضى السنوات الست الماضية في اتخاذ عدد من الاحتياطات، منها شراء كميات ضخمة من الأسلحة الهجومية مثل الطائرات والصواريخ بعيدة المدى والقنابل العنقودية، والتي تهدف إلى شن هجمات خارج المملكة، وزيادة الإنفاق بشكل كبير على الرقابة الإلكترونية ومراكز القيادة والتحكم وغيرها من الوسائل التي تهدف إلى الحفاظ على سيطرة الدولة بما في ذلك تدعيم ميزانية هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وعلاوة على ذلك، هددت الحكومة السعودية بسحب 750 مليار دولار متمثلة في سندات خزانة وأصول أخرى بالولايات المتحدة إذا ما أقرت الولايات المتحدة قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب «قانون جاستا»، وهو ما اعتبره الكاتب إستراتيجية سعودية لجعل السعوديين يلقون اللوم في مشاكلهم الاقتصادية على الولايات المتحدة. أي أن السعودية تحاول الترويج لفكرة أن سبب الأزمة الاقتصادية هو تصدّيها لمحاولات الولايات المتحدة لاضطهاد السعودية من خلال «قانون جاستا».
ومع ذلك، يرى الكاتب أن إلقاء اللوم على الولايات المتحدة وحده لن يكون كافيًا لتحقيق الاستقرار في المملكة، خصوصًا في ظل التنافس الكبير بين ولي العهد الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حول خلافة العرش بعد الملك سلمان.