يحيى في أحضان المصطفى”
يحيى في أحضان المصطفى”
إب نيوز ١٦ ربيع الثاني
د. أسماء عبدالوهاب الشهاري
مسيرة بطولة جهادية عظيمة حافلة ضد أشر خلق الله.. كان قد قضى خلالها ٢٥ سنة في سجون الاحتلال؛
لكنه كان قد رأى النهاية مبكرًا. فاستمات لأجل نيلها والوصول إليها. باذلا جهدا عظيما. وتضحيات استثنائية. عاش أبا إبراهيم مجاهدا متفانيا ومقاتلا شرسا. أسطورةً فذة وعملاقا من عمالقة الجهاد وبطلا من أبطال الفداء والمقاومة وليثا من ليوث الوغى وأسود العرين. العقل المدبر لمعركة طوفان الأقصى الخالدة. يكفيه شرفًا وفضلًا ومكرمة أنه كان قد أقض مضجع الصهيونية طويلًا وقذف الرعب في قلبها. ومثل هاجسًا مرعبًا ظل يطاردها طوال الوقت. وعندما ظلت تبحث عنه عبر الطائرات وأحدث طرق الاستخبارات. ظانة أنه تحت الأرض محاطا بثلة من أسراها الأنجاس. كان هو من يطاردها فوق الأرض ويوقع بها البأس والتنكيل. ويجترح العمليات البطولية ثأرًا وانتقامًا لدين الله والمقدسات وأهله وأرضه والحرمات. وهكذا حتى أثخن بها الجراح وأدمى مقلتيها. مقاتلا وثابا مقداما عنيدا وشرسا حتى لحظاته الأخيرة. نال منها برصاص جعبته وإيمانه وعزيمته وثقته المطلقة بالله وحرفته القتالية العالية، ولم تتمكن من النيل منه إلا بعد أن استخدمت المدفعية والقنابل الثقيلة. لتتفاجأ أن ذلك البطل هو ذاته من مرغ انفها في تراب العار والذل والهزيمة طوال سنوات وانه لم يكن مجاهدا عاديا من عظماء المقاومة. بل انه سيد من ساداتها. وقائد من قاداتها المخضرمين الأجلاء. رجل لطالما جرعها مرارة الهزيمة وأذاقها طعم الخوف والرعب. كيف لمثل من عشق الجهاد واستمات طويلا في ساحاته وتنقل فوق أجنحة الملائكة في أركان أرضه الطاهرة- والمدنسة من اليهود الغاصبين- أن يهدأ له بال وهو يرى جرائمهم النكراء بحق أهله وشعبه ومقدساته. هيهات لمن هو مثله أن يألوا جهدا في التنكيل بهم ودحرهم ومقارعتهم.
وما قتلوه -قتلة الأنبياء-.. بل رفعه الله إليه كيحيى ابن زكريا. فقد حان لهذا المقاتل الفذ أن يرتاح راحة أبدية بين يدي خير البرية. وهو يقول له.. مرحى بك.. مرحى بك..
في جنات الخلد ومقام النعيم.
ليست هذه تكهنات ولا توقعات بل هو حق اليقين.
وهذا ما رآه يحيى السنوار قبل عشرون عامًا في سجون الاحتلال وخلدها في روايته “الشوك والقرنفل” التي كتبها أثناء سجنه آنذاك. وكان نصه.. “الآن جاء الموعد يا أماه، فلقد رأيت نفسي أقتحم عليهم موقعهم، أقتلهم كالنعاج ثم استشهد، ورأيتني بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في جنات النعيم، وهو يهتف بي مرحى بك مرحى بك.
هنيئًا لك.. هنيئًا لك، فقد ربحت البيع يا أبا إبراهيم يحيى السنوار مجاهدنا الأمين. نوصيك منّا السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ونعاهدك وإياه بدمائك الطاهرة ودماء قادتنا العظماء وجراحات اخوتنا وأهلنا ومقدساتنا المنتهكة أنّا على العهد باقين. وأنّا لن نغير ولن نبدل حتى نلقى الله على ذلك. ولا نامت أعين الجبناء من الصهاينة والمتصهينين.