أخبرني.. ماذا ترى؟!
إب نيوز ٢١ جمادي الأول
عبدالملك سام –
ليست المسألة أن إسرائيل تفعل ما تشاء، وأن الأمور ستستمر هكذا على الدوام. الأمور تسير بإيقاع خاص خفي، ولو أستطعنا أن نرى ما خلف الأحداث لأدركنا الحكمة من كل حدث مر علينا دون أن نعرف لماذا وكيف! مثلا، من كان يصدق أن عدوانا كبيرا ووحشيا كالذي حصل على اليمن كان يمكن أن يكون سببا في خروج اليمن بهذا النحو، دولة مهابة ومؤثرة تصنع سلاحها بنفسها؟! من كان سيصدق أن العدوان قد يجعل الكثير من الأشخاص يتحولون إلى قادة وعسكريين وفاعلين بعدما لم يكن لهم وزن في الماضي، وأن أمامهم أهم مهمة في التاريخ منذ خلق الله الأرض ومن عليها؛ ألا وهي إنهاء مشروع الشر الذي يحشد نفسه منذ الآف السنين؟!
ما يحدث في غزة ولبنان مؤلم، وغير منصف، ووحشي.. لكن لو رأينا نصف الكوب الآخر لرأينا أن السابع من أكتوبر أدى فيما أثاره إلى إنكشاف كل المخططات والأسلحة التي كانت تدخرها أمريكا لنا مستقبلا، وشاهدنا بوضوح العملاء الذين كانوا يعملون على تدميرنا من الداخل في الخفاء من زعماء وساسة واعلاميين ونخبويين وهم يتعرون من أستارهم، وشاهدنا أيضا أقوى ما يمكن أن تصل إليه إسرائيل من قوة ووحشية ونفوذ وخبث، وأنكشفت وسائلهم الاعلامية والثقافية والسياسية والعسكرية في مواجهتنا كما لم يحدث سابقا في التاريخ، ورأينا ما يستطيع فعله ثلة من المجاهدين الصادقين وإن قلوا بأكبر إمبراطوريات الشر رغم فارق العدد والعدة.. فمن قال أن ما حدث كان كله شر لنا؟!
الثمن باهض لا شك في ذلك، ولكني أريد أن أذكر البعض ممن ترك الأحداث تفت من عزيمته أن أشخاصا في بلاد أخرى رغم أنهم لا يعرفون الله ولا يؤمنون بالآخرة مثلنا قد قدموا أرواحهم وأرواح من يحبون في سبيل حريتهم وما يؤمنون به من قيم ولم يقبلوا أن يهزموا دون أن يتحركوا ويقاوموا وينتصروا، فكيف نسمح لأنفسنا ونحن من أختصهم الله بأوضح وأنصع دين، وبأفضل نبي وكتاب وعترة، وبأشرف وأنبل مهمة في العالم، وأفضل أرض ومناخ وتاريخ وموارد وحضارة.. وبعد هذا كله نسمح لأنفسنا أن تكون عزائمنا أقل من الآخرين، ونترك عدوا وغدا حقيرا كالأمريكي يعتقد أنه قادر على هزيمتنا وأستعبادنا، بل ويحلم بفنائنا؟!!
لمن ينشغل بأعمال أخرى اليوم عن مقارعة اليهود والصهاينة، سل نفسك ماذا ستقول لأبنائك مستقبلا عندما يسألونك ماذا فعلت في مواجهة أعداء أمتك؟ بماذا سترد عليهم؟!
هل سترد بأن خوفك من أنظمة حقيرة وتافهة لا تقوى على حماية نفسها، وتحاول أن تجعلك أحقر منها وتمنعك من التحرك مع المظلومين رغم أن هذا واجبك، ورغم أن هذا لم يمنع طالبات في الجامعات الأمريكية والأوروبية من التحرك رغم أنها في أوضاع أسوأ منك؟!
أم ستقول لهم أنك كنت مشغولا بلعب “ببجي” و “سودوكو” والترفيه عن نفسك عما يحدث لإخوانك، ودون أن تجد وقتا أو عزما لقول كلمة حق أو أتخاذ موقف ولو حتى على مواقع التواصل الاجتماعي، أو حتى تبرءة ذمتك بأي عمل ولو في السر، وأنت تمني نفسك بأنه لا أثم عليك ولا عقاب؟!
أو ستقول لهم أنك لم تشارك في مقاطعة منتجات اليهود ومن يساندهم لأنك مدمن على منتجاتهم ولا يهمك ما إذا كنت تساهم في شراء السلاح الذي يقتل به الفلسطينيون اليوم، والذي سيقتل به عرب آخرون فيما بعد، والذي سيقتل به أهلك مستقبلا؟!
صدقوني أن موقف هؤلاء الساكتون بالغ السوء، وحتى الخراف تأبى أن تظل ساكنة إذا أحست بالخطر، ولا يستطيع أحد أن يدعي بأنه لم يكن يعلم، أو أن هناك من خدعه؛ فكل شيء أصبح واضحا ومتاحا أمام عيون الجميع، ولا عذر لأحد يمنعه من أتخاذ موقف ولو في سبيل أن ينجو بنفسه من عذاب الله وغضبه على من لم يتحمل مسئوليته الدينية والأخلاقية والإنسانية أمام ما يحدث اليوم، والعقاب واقع لا محالة وقد بدأ يظهر بشكل مصائب وأزمات ومشاكل في بعض الأقطار، وسنة الأستبدال آتية لا مفر منها ولا تعفي أحد ممن لم يتحمل مسئولياته، وهزيمة المجرمين والخونة والساكتين لابد أن تحصل بك أو بدونك.. فماذا ترى؟!