استثمار رابح على معارج الشهادة
إب نيوز ٢٥ جمادي الأول
دينا الرميمة
في زمن يكتظ بالحروب ومن بين أنين السنين ووجع الفقد جبال من العزة والكرامة تراها وأينما وجهت ناضريك في ربوع يمننا الحبيب وينفح منها عبق من رائحة الجنان والدم الزاكي يحينا ويحي فينا روحية الإيمان التي تكاد نيران الحروب وروائح البارود ان تطمرها فينا فنبرز من جديد لنصلي في محراب الشهادة متحدين كل باب لليأس كلما عرجنا على قصة شهيد ومررنا بسيرة أخر وعظيم تضحيات معمدة بالروح والدم،
وبالتالي فالذكرى التي خصصت للوفاء لهم وليس لتذكرهم كما يعتقد البعض نستلهم منهم القوة والصمود فكيف لهم أن يكونوا من المنسيين!! ونحن من بين ثناياومنعطفات أيامنا، ومن بين ركامات الحزن والفرح معاً نتحسس رؤوسنا التي تعتليها تيجان الكرامة التي توجونا بها فنزاد بهم فخرا وحياة ونعتلي مقامات العزة وتدون ارضنا بشموخ على صفحات التأريخ اسمها خالدا بأثرهم الواضح عليها وعلينا!!
وهل لمثل تضحياتهم ان تجحدها القلوب أو يطفئها الغياب ونحن حتى على موائدنا نتحسس أماكنهم الفارغة منهم فتذرف العين دمعا حراقا نابع من حنين القلب اليهم ولهم ثم نبتسم فور تذكرنا انهم احياء ينعمون بافضل ممانحن فيه في مقعد صدق عند مليك مقتدر؟؟
وحده الشهيد الذي لا تغيبه توالي الأيام ولا يغيب اثره ومقامه هو الأرفع شأنا بين الراحلين، فالجميع على اختلاف الأديان وتباين العرق والمعتقد يضع للشهيد مقاما خاصا تحيطه كل سياجات الوفاء والأحترام والمنة التي لايمكن ان يخترقها الجحود والنكران ولو بقليل من الغفلة والغفوة.
الشهداء لاينتهي ذكرهم او يموتون، فهم كالوطن لا يدفنون ولا من الممكن في خوابئ النسيان يطمرون ومابدلوا تبديلا، انما ينتهي ذكر الجبناء والمتخاذلين من باعوا ارضهم وقضايا شعبهم ارضاء لمحتل حتما ستكون نهايتهم على يديه وساء المصير والمنقلب!!
وبالتالي فالذكرى ليست إلا تذكيرا لنا حتى نقتفي نفس نهجهم لمواصلة مابقي من التحرير ان كانت لاتزال الحرب قائمة ونستكمل عظمة ماصنعوه من نصر مخلوط بدم وعظيم أثر،
هم الربيون الصابرون الذين ماوهنوا وماضعفوا ومااستكانوا أتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الأخرة، هم ورثة الروح الايمانية التي غرسها النبي الكريم في اصحابه وبها وبهم جاهد فلول الشرك واليهود والمنافقين وبها أسس الدولة الإسلامية العظمى والأمة التي كانت وستبقى خير الأمم. وهنيئا لهم هذا الأرث الذي أهلهم لنيل هذا الشرف العظيم والحظ الأعظم،
هم خفايا وخبايا نذر أنذروا به حياتهم ومماتهم لله فأنطلقوا جاهدين يبحثون عن باب يوفون به نذرهم به فكان باب الجهاد هو الباب الذي فتحه الله لهم لاستثمار حياتهم ومماتهم فابتاعوا منه انفس واموال اشتراها منهم مقابل جنة عرضها السموات والأرض، على طريق جهاد أعدائه وفي سبيل إعلاء كلمته وإظهار دينه، فيَقْتلون ويُقتَلون، صدقا ووعدا حقا بمبايعة عظيمة، ومعاوضة جسيمة، وهو أنه {اشْتَرَى} بنفسه الكريمة {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} فهي المثمن والسلعة المبيعة.{بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} الجنة التي لا تضاهيها كل جنان الأرض وكنوزها وحياة مترفة بالنعيم حينما إمتلات قلوبهم يقينا بأن الحياة الدنيا فانية وان ماعند الله خير وابقى وحياة ابدية لاموتا فيها ولا نشور فطردوا من قلوبهم حب الدنيا لأجل غاية نالوها على عتبات حرب و أرض ظنها الاعداء لقمة سائغة سرعان مايلوكونها بافواههم ونيران صواريخهم وقنابلهم فما كانت إلا قلعة محصنة بابنائها المحبين لها حد النصر و الاستشهاد ومنهم من قضى نحبه ومنهم ينتظر في ذات طريق باتت معبدة إلى القدس أرض الانبياء والإسراء ومهد الرسالات غاية تمنوها وحملوها في كل معركة وجبهة حتى غدت واقعا في معركة الفتح الموعود لن تتنتهي إلا بتكبيرات النصر على أبواب القدس والأقصى اللذين تقيدهما يد الأحتلال الخبيث يوما ما ستتفكك قيدا قيدا على معارج الشهادة دفقة إيمان وصدق انها التجارة الرابحة ورهانات معقودة للأرض والكرامة على ناصية رجال آمنوا بأن الله لا يخلف وعده من وثق به واتخذ من قوته قوة يواجه بها كل قوة على الأرض.
ولذا وأمام عظمتهم دائما ما افتح محفظة كلماتي المركونة في زوايا العقل ويخوض قلمي مخاضا عسيرا لإنجاب نص ينصفهم ويصفهم وكلما اعلنت عن ميلاده أراه ضئيلا جدا أمام عظمة بذلهم ولاأراه يعبر سوى عن غيض من فيض جزيل امتنانا لهم ولا أجد الأنصاف لهم إلا بقوله تعالى«من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ومابدلوا تبديلا»أوفوا بما عاهدوه عليه من الصبر على البأساء والضرّاء، وحين البأس فمنهم من فرغ من العمل الذي كان نذره الله وأوجبه له على نفسه، فاستشهد (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) قضاءه والفراغ منه، كما قضى من مضى منهم على الوفاء لله بعهده، والنصر من الله، والظفر على عدوّه.