هيبة الثورة السورية تسقط في أول يوم لها تحت وطأة العدوان الإسرائيلي
إب نيوز ٩ جمادي الآخر
صمت المعارضة السورية المسلحة تجاه العدوان الإسرائيلي المستمر على الأراضي السورية يمثل نقطة ضعف بارزة في سياق التحولات الجارية في سوريا والمنطقة.
بينما تواصل إسرائيل توسيع عملياتها العسكرية في الأراضي السورية، سواء من خلال استهداف المنشآت العسكرية أو احتلال المزيد من الأراضي السورية، تجد المعارضة المسلحة نفسها في موقف يتسم بالجمود السياسي والعسكري، حيث لا تُسمع أي مواقف واضحة أو مواقف تصعيدية ضد هذه الانتهاكات.
إن هذا الصمت يُظهر بوضوح التحديات التي تواجهها المعارضة السورية المسلحة في محاولاتها لتوجيه خطاباتها الدولية.
وفي ظل المتغيرات المتسارعة على الأرض، بما في ذلك سقوط نظام بشار الأسد، يبدو أن المعارضة قد اختارت التركيز على تقديم نفسها كقوة معتدلة لا تتبنى مواقف معادية تجاه إسرائيل، في محاولة لكسب رضا القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة.
لكن هذا التكتيك، وإن كان قد يحقق مكاسب سياسية في الوقت الراهن، فإنه يشكل خطراً كبيراً على المدى الطويل، حيث يُفرغ الموقف السوري من جوهره القومي، ويجعل القضية السورية مسألة داخلية بعيدة عن مجابهة العدوان الذي يمارسه الكيان الصهيوني.
ليس من المنطقي أن تظل المعارضة التي تمكنت من إسقاط نظام الأسد، صامتة إزاء التحركات العسكرية الإسرائيلية التي تستهدف سيادة سوريا وأراضيها. فهذه المعركة لم تكن فقط ضد بشار الأسد، بل ضد كل محاولات الاحتلال والتدخل الأجنبي في الشؤون السورية.
هذا العجز الذي تبديه المعارضة السورية في اطلاق حتى موقف سياسي يدين العدوان الاسرائيلي يفتح المجال أيضا للعديد من التساؤلات حول مدى استقلاليتها، وهل هي فعلاً قادرة على اتخاذ قراراتها بشكل سيادي بعيداً عن تأثيرات القوى الخارجية التي تساندها.
يجب ان تعي المعارضه السورية المسلحة ان إسرائيل من خلال غاراتها المستمرة على الأراضي السورية وتوسعها في احتلال المزيد من المناطق تسعى بشكل تدريجي إلى تشكيل ملامح المستقبل العسكري لسوريا بما يتوافق مع مصالحها الاستراتيجية والأمنية. فالعمليات العسكرية لا تقتصر على استهداف المنشآت العسكرية السورية أو مخازن الأسلحة، بل تتجاوز ذلك لتشمل تدمير البنية التحتية العسكرية في هذا السياق، يعمل كيان الاحتلال على تحديد ما يجب أن تمتلكه سوريا عسكريا وما لا يجب أن تمتلكه بما يتماشى مع رؤية إسرائيل لأمنها الإقليمي
على مستوى آخر، تشكل الأراضي السورية التي قام الكيان باحتلالها خلال الساعات الماضية نقطة استراتيجية بالغة الأهمية بالنسبة لها. من خلال توسيع نطاق احتلالها لهذه الأراضي، تسعى إلى ضمان تفوقها العسكري والسياسي في المنطقة.
كما ان قيامها إلغاء اتفاقية الجولان 1974 تشير إلى نواياها التوسعية المستمرة، وتؤكد على سعيها المستمر لتثبيت وجودها في هذه المنطقة من خلال تحويل الجولان إلى جزء لا يتجزأ من الأمن الإسرائيلي. بهذا الشكل، يسعى الكيان إلى محاصرة سوريا عسكريا من خلال التحكم في أهم المناطق الجغرافية التي يمكن أن تعيد سوريا منها بناء قدراتها العسكرية.
مع استمرار العدوان الإسرائيلي الذي يستهدف الأراضي السورية ويهدد سيادتها، تبدو الثورة وكأنها فقدت الكثير من قوتها وهيبتها صمت المعارضة السورية المسلحة تجاه هذا العدوان يعكس حالة من الضعف السياسي والعسكري الذي يعمق من معاناة الشعب السوري ويهدد بتقويض المبادئ التي نشأت من أجلها الثورة.
كما ان هذا الصمت يُحبط آمال السوريين في التحرير والاستقلال، ويعطي فرصة للعدو للتوسع في أراضيهم دون مقاومة فعالة.
يبقى السؤال الذي يفرض نفسه الآن هو هل ستستعيد المعارضة السورية قدرتها على مواجهة التحديات الوطنية الكبرى، أم أنها ستظل رهينة الحسابات الإقليمية والدولية التي لا تأخذ بعين الاعتبار حقوق الشعب السوري في استعادة أرضه وحريته؟ الوقت ينفد، وواجب القوى الثورية المسلحة يتطلب منها موقفا حازما يعيد للثورة هيبتها ويمهد الطريق لاستعادة السيادة السورية، بعيدًا عن أي تسويات تفرط في حقوق الوطن والشعب.
محلل في الشؤون العسكرية – كامل المعمري