الله الذي يسيرها
إب نيوز ٢٠ جمادي الآخر
عبدالملك سام –
صديقي (سامي) لا ينفك يردد “الله الذي يسيرها” حتى باتت هذه الكلمة تسير بمن حوله نحو الضغط والمرارة والسكري! والنعم بالله إليه يرجع الأمر كله، ولكنهم يتمنون عليه أن يكمل جميله ويحلل لهم ماذا فهم من الأحداث بطريقة تجعلهم يفهمون ماذا يقصد، أو لماذا قال هذه الجملة وكأنه فهم كل شيء بينما هم يقفون أمامه كالمهاطيل لا يفقهون لماذا يقولها دائما بهدوء وثقة وكأنه يعلم الكثير وساكت!
الموضوع ليس معقدا كما أعتقدت، وهو لا يتعمد أن يكون غامضا أو فيلسوفا.. الموضوع ببساطة ومن خلال معاشرتي له لسنين يتلخص في أنه يؤمن بالطريق الذي يسير عليه، ولأنه لا يجيد التعبير وكثرة الكلام فهو يقول: “الله الذي يسيرها” كتعبير عن موقفه المبدئي الثابت أمام كل حدث مهما كان هذا الحدث مبهما أو مربكا.
(سامي) – ببساطة – يفتح القرآن دوما ليبحث عن جواب لكل ما يحدث حولنا، ومنه فهم الكثير من التصنيفات والنفسيات والتصرفات، وعرف الكثير من الغايات والنتائج كلما تدبر أكثر. بينما الرفاق الآخرون يبحثون في الصحف والمواقع والقنوات والتصريحات والمواقف عن المبررات والتوجهات. هو يعتمد على رأي واحد واضح وثابت، بينما هم يبحثون بين عشرات وجهات النظر المتباينة، وببعض التفكير وجدت أنه كمن يقرأ “كاتلوج” المصنع، بينما الآخرون يقرأون آراء التجار المختلفة!
هو – وأعني (سامي) – ذو رأي ثابت، فمثلا لو أن “داعش” أحتلت بغداد أو طهران ستظل كما هي داعش، وإن غيرت الحركة أسمها ستظل بالنسبة لسامي داعش، حتى لو أعلنت أنها ستقاتل إسرائيل – وهذا لن يحدث بالطبع – فهو مؤمن أنها ستظل داعش، وستهزم لأنها داعش! والسبب أنه من خلال إسقاطه لآيات القرآن على كل ما يحدث، وهو مبدأ عين على القرآن وعين على الأحداث، عرف جيدا من هؤلاء القوم، وعرف مبرراتهم وتوجهاتهم واساليبهم وماهي عاقبتهم، ولذلك يراه الآخرون ثابت الجنان أمام كل حدث مهما كانت ملابساته.
وهكذا دواليك أمام كل حدث، لم يفرط الله سبحانه في كتابه من شيء، وكلما تدبر الإنسان أكثر في آيات القرآن عرف أكثر. وكلما كانت معاييرك قرآنية فلن تظل، أو تشقى، أو ترتبك، أو تقلق، أو ترتاب ….الخ، وهذا ما يحاول قائدنا وأعلامنا أن يلفتونا إليه.
اليوم كنت جالسا مع سامي نتكلم في الأحداث وبينما هو يتكلم قلت له بهدوء: “الله الذي يسيرها”، ولكنه نظر لي نظرة غريبة لم أفهمها، وكأنه ينتظر أن أكمل كلامي! ولكني أبتسمت وسكت وأنا مستمتع بفضوله.