أيهما كان مجرماً: ترومان أم هتلر..؟!
إب نيوز ٧ يناير
بقلم الشيخ/ عبدالمنان السنبلي..
هاري ترومان يراه الأمريكان والأوروبيون بطلاً قومياً..
وأما هتلر فيراه الأمريكيون والأوروبيون بمن فيهم الألمان أنفسهم ديكتاتوراً ومجرماً..
والحقيقة أنك لو قرأت التاريخ بتعمق وتجرد تام لوجدت عكس هذا الكلام تماماً، وأنه لا يمت إلى الحقيقة بصلة..
وأن ترومان هو من كان بالفعل مجرماً..
وأن هتلر هو من كان بطلاً قومياً وزعيماً مقاوماً..
فالرجل الذي أمر بإلقاء قنبلتين ذريتين على مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين، وأباد بضغطة زرٍ واحدة مئات الآلاف من البشر لا يمكن أن يدعى بطلاً قومياً..
إنما هو قاتل ومجرم حرب..
فماذا عن هتلر..؟
تخيلوا رجلاً يعتز بوطنه وأمته جاء إلى السلطة ووطنه مهزوماً ومستسلماً ومكبلاً بشروط وقيود معاهدة فرساي المذلة والمهينة..
تلك المعاهدة التي قضت بنودها بنزع سلاح الجيش الألماني، وتنازل ألمانيا عن كثير من أراضيها لصالح بولندا وبلجيكا وتشيكوسلوفاكيا وفرنسا، وكذلك إلزامها بدفع تعويضات مجحفة وطائلة..
رجلاً جاء إلى السلطة وهو يعلم ما صنع الجيش الفرنسي بحق المواطنين الألمان في شوارع برلين وما ارتكبه بحقهم من جرائم واعتقالاتٍ وإهاناتٍ لفظية وجسدية..
رجلاً جاء ولا يزال عالقاً بذاكرته ما صنعه اليهود وحاكوه من مؤامراتٍ ودسائس لصالح دول الحلفاء والتي كلفت ألمانيا خسارة الحرب العالمية الأولى..
تخيلوا رجلاً جاء في ظروف كهذه..
فأراد أن يقاوم ذلك كله..
وأن يعمل على رد اعتبار وطنه..
وفعلاً فعل..
انقلب على معاهدة فرساي..
وأدب اليهود..
واستعاد أراضي ألمانيا..
واجتاح النمسا، وبولندا، وبلجيكا وفرنسا، حتى أنه أجبر الفرنسيين أنفسهم على توقيع وثيقة الإستسلام في ذات العربة التي أُجبر فيها الألمان على توقيع وثيقة الإستسلام في الحرب العالمية الأولى..
يعني: رد اعتبار ألمانيا كما يجب..
تخيلوا رجلاً بهذه الحمية والغيرة..
ماذا نسميه..؟
هل نسميه ديكتاتوراً أم مقاوماً..؟
مجرماً أم بطلاً وزعيماً قومياً..؟
هل تعلمون ما هو الفرق بينه وبين ترومان..؟
أن ترومان خدمته الظروف..
وأما هتلر، فقد خذلته الظروف..
ولولا أنه قد وقع في خطأٍ استراتيجيٍ كارثي كلفه وكلف ألمانيا الكثير، لكان قد قدم للتاريخ نموذجاً فريداً في الرفض والمقاومة والتحدي..
على أية حال،
ما أريد أن أقوله هنا هو أن التاريخ أحياناً لا يُقرأ بحيادية وتجرد تام، وإنما بحسب الأهواء والأمزجة..
وهذا يفسر بالطبع حال معظم المسلمين الذين يرفعون من شأن معاوية ويعلون من قدره مثلا مع أنه، في حقيقته، كان باغياً بنص الحديث..
يحدث هذا في الوقت الذي يقللون فيه من شأن الإمام علي ويُحقِّرون من دوره رغم أنه كان من رسول الله بمنزلة هارون من موسى، وبنص الحديث أيضاً..
يعني: مشكلة..!
والمشكلة الأكثر تعقيداً هي أنك عندما تأتي محاولاً تبيين بعض الأمور وتصويب بعض الأخطاء عن علم ومعرفة ناتجة عن دراسة وعملية بحثٍ وتحليلٍ وتحرٍ دقيق للتاريخ، تفاجأ بحملة تسفيه وتحقير مضادة وشعواء قد تنتهي بتكفيرك وإخراجك من الملة في بعض الأحيان..!
فهل كتب علينا أن لا نقرأ ونصدِّق من التاريخ إلا ما كتبته وسطرته لنا أيدي المنتصرين دائماً..؟!
لا أدري، بصراحة..
#جبهة_ال_قوا_صم