مابعد الإسناد لغزة: الحرب الاستخباراتية تشكل التحدي القادم لليمن
إب نيوز ١٦ يناير
بعد توقف الحرب في غزة وهدوء جبهة الإسناد اليمنية، يُتوقع أن يبدأ الصراع العسكري مرحلة جديدة وأكثر تعقيدا على مستوى الحرب الاستخباراتية، وهي ساحة سيكون فيها التنافس على جمع وتحليل المعلومات هو العامل الحاسم.
بعد أن فشل الكيان الإسرائيلي وامريكا وبريطانيا في تحقيق أي انتصار عسكري ضد الجيش اليمني، سيكرس العدو جميع جهوده لجمع معلومات استخباراتية حول اليمن، من أجل مواجهة قوة عسكرية فرضت خلال معركة الاسناد لغزة واقعا عسكريا جديدا في المنطقة
الجيش اليمني حقق نجاحات كبيرة في معركة الإسناد لغزة، وظهر ذلك جليا في العمليات العسكرية التي نفذها في البحر، الجو، والبر. فقد تمكنت البحرية اليمنية من إلحاق خسائر جسيمة بالبحرية الأمريكية، التي فشلت في تحييد قدرات الجيش اليمني على تنفيذ هجمات بحرية دقيقة والاكثر من ذلك ان اليمن اسقط هيبة البحرية الامريكية التي ظلت سمعتها طوال عقود هي المهيمنة على كل العالم
ان نجاح الجيش اليمني في تنفيذ حصار كامل على السفن التجارية التابعة للكيان الإسرائيلي وأمريكا وبريطانيا ليس بالامر السهل بل يمثل ذلك تحديا لاكبر القوى العظمى في العالم مثل امريكا التي تعتبر نفسها حارسة البحار
وفي البر، كانت الضربات الصاروخية اليمنية على المدن المحتلة في عمق الأراضي الفلسطينية، وخصوصا تل ابيب ويافا والنقب وغيرها ، رسالة قوية بأن الجيش اليمني يملك القدرة على فرض معادلة الردع على القوى الإقليمية والدولية.
لقد كانت أكبر مشكلة تواجه العدو الإسرائيلي والأمريكي والبريطاني هي شحة المعلومات الاستخباراتية حول الجيش اليمني. وهذا النقص في المعلومات كان له تأثير كبير على فعالية العمليات الجوية، حيث كانت الغارات التي شنها العدو على المواقع اليمنية غير مؤثرة على الاطلاق على قدرات الجيش اليمني
إذا نظرنا إلى الجوانب الاستخباراتية لهذا الصراع، نجد أن هناك عدة عناصر حاسمة ساعدت الجيش اليمني في تحقيق هذه النجاحات على رأس هذه العناصر هو تكتيك التمويه المتقن الذي اعتمده الجيش اليمني، مما جعل من الصعب على العدو جمع معلومات دقيقة حول قدراته العسكرية. علاوة على ذلك، كان الجيش اليمني يعتمد على نظام متكامل من الاستخبارات العسكرية التقليدية والإلكترونية، وهو ما أتاح له البقاء في حالة تفوق استراتيجي طوال هذه المعركة
كذلك لا يمكن إغفال التحديات الأمنية والاستخباراتية التي يواجهها اليمن خصوصا في مناطق سيطرة المرتزقة الموالون للتحالف الامريكي السعودي الاماراتي في عدن ومأرب وحضرموت وغيرها فهذه المناطق بدون ادنى شك ستشكل بيئة خصبة لأنشطة العدو في مجال التجسس وجمع المعلومات باستخدام الادوات التقنية ولذلك يتعين على الجيش اليمني وضع الاستراتيجيات العسكرية للتعامل مع هذا التهديد ولعل من أهم الأولويات في هذه المرحلة هي الاستعداد لمعركة تحرير كل شبر من ارض الوطن
مواجهة الأنشطة الاستخباراتية للعدو في هذه المناطق لا يتطلب فقط العمل العسكري المباشر، بل يتطلب أيضا استراتيجية أمنية واستخباراتية شاملة
ستبذل إسرائيل وأمريكا جهودا جبارة لجمع أي معلومات ومع ذلك، يجب على اليمن أن يكون في حالة تأهب لمواجهة هذا التحدي الجديد.
تطوير القدرة الاستخباراتية الرقمية سيكون عنصرا أساسيا في هذه الحرب الجديدة، حيث ستعتمد الأطراف المعادية على وسائل متقدمة مثل الأقمار الصناعية والطائرات التجسسية لجمع المعلومات وربما ستعملان على تجنيد المزيد من الخلاياا على الارض لذا، يصبح من الضروري على اليمن تعزيز قدراته في مجال الأمن السيبراني والرقمي
نحن أمام معركة حاسمة وحاسمة للغاية تتطلب الوعي الأمني في مختلف أبعاده المعركة الأمنية ليست مجرد مواجهات عسكرية تقليدية، بل هي حرب ذكية تتطلب من الشعب اليمني والجيش اليمني أن يكونا على درجة عالية من الوعي والتحصين ضد كل محاولات العدو لاختراق أمن البلاد، سواء عبر التجسس أو التسلل الاستخباراتي أو تجنيد العملاء.
الوعي الأمني يتجاوز البُعد العسكري ليشمل جميع شرائح المجتمع، من الجيش إلى المواطن العادي. فكل فرد في المجتمع يمكن أن يكون هدفا مباشرا للعدو، سواء في محاولات تجنيد أو في حملات تضليل إعلامي تهدف إلى نشر الفتن والانقسامات.
لذلك، المعركة الكبرى اليوم هي معركة الوعي، التي يجب أن تركز على تعزيز اليقظة الأمنية، ونشر الثقافة التي تدرك تهديدات العدو بكل أشكالها.
الخلاصة، معركة الاستخبارات المقبلة ستكون التحدي الأكبر لليمن في مواجهة الكيان الإسرائيلي وامريكا فالمعركة العسكرية التقليدية قد انتهت إلى حد كبير، ولكن حرب المعلومات ستكون معركة حاسمة.
والجيش اليمني قد أظهر قدرة هائلة على استخدام تكتيكاته الاستخباراتية في الساحة العسكرية، ونجح في الحفاظ على تفوق استراتيجي طويل الأمد ومع تطور تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي ستكون هذه المعركة القادمة أكثر تعقيدًا، مما يتطلب استعدادًا استخباراتيا غير مسبوق.
كامل معمري: صحفي متخصص في الشأن العسكري: