الاقتصاد الأخضر.. الطريق نحو الاكتفاء الذاتي
إب نيوز ٢٩ يناير
محمد صالح حاتم
اليمن بلد يتمتع بتنوع بيئي فريد ومقومات طبيعية هائلة، تمتد الأراضي الزراعية الخصبة عبر الأودية والسهول، وتتميز اليمن بتنوع محاصيلها الزراعية على مدار العام، حيث تنتج أجود أنواع الحبوب، والفواكه، والخضروات. كما تمتلك موارد مائية من الأمطار الموسمية، إضافة إلى موقع استراتيجي يتيح استغلال الطاقة الشمسية والرياح.
ولكن على الرغم من هذه الإمكانات، لا يزال اليمن يعاني من تدهور القطاع الزراعي نتيجة السياسات السابقة، وقلةالاستثمارات، وسوء إدارة الموارد، إضافة إلى الاعتماد المتزايد على استيراد الغذاء. هذه التحديات تشكل دعوة ملحة للانتقال إلى الاقتصاد الأخضر كبديل مستدام يعيد بناء القطاع الزراعي ويحمي البيئة.
الاقتصاد الأخضر هو نموذج تنموي يعتمد على الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية وتقليل الأضرار البيئية، مع تحقيق النمو الاقتصادي. بالنسبة لليمن، يمكن أن يكون هذا النموذج حلاً عملياً لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وحماية البيئة، واستغلال الموارد الطبيعية على نحو أمثل.
إن العودة إلى الزراعة والاهتمام بها يمثلان جزءاً من هذا النموذج، حيث يمكن تشجيع المزارعين على استخدام تقنيات صديقة للبيئة مثل الزراعة العضوية والري بالتنقيط، مما يساهم في تقليل استنزاف التربة والمياه. كما يمكن استخدام الطاقة الشمسية والرياح لتشغيل أنظمة الري والحد من الاستنزاف الجائر للمياه، ما يقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري ويخفض تكاليف الإنتاج.
علاوة على ذلك، يجب تعزيز الزراعة المنزلية، حيث يمكن للأسر زراعة محاصيلها الغذائية في المساحات الصغيرة، سواء في أسطح المنازل أو الشرفات أو الحدائق المنزلية، مما يسهم في تحقيق اكتفاء ذاتي للأسرة، خصوصاً في المناطق الحضرية
العالم اليوم يواجه تحديات مناخية خطيرة نتيجة الانبعاثات الغازية، ما تسبب في كوارث بيئية مثل الفيضانات والجفاف وارتفاع درجات الحرارة والحرائق. استجابة لهذه التحديات، يسعى العالم للتوسع في الغطاء النباتي من خلال زراعة مليارات الأشجار في الصحاري والجبال.
ومع ذلك، فإن اليمن للأسف يسير في الاتجاه المعاكس، حيث تعاني البلاد من ظاهرة الاحتطاب الجائر للأشجار، التي تحدث على مرأى الجميع دون إجراءات جادة للحد منها. لذلك، يعد إحياء الغطاء النباتي وزراعة الأشجار والمحاصيل المتنوعة جزءاً أساسياً من الاقتصاد الأخضر، كما أن ذلك يسهم في استعادة التوازن البيئي.
الاقتصاد الأخضر يمثل فرصة كبيرة لليمن لتوفير آلاف الوظائف في مجالات الزراعة المستدامة، والطاقة المتجددة، وإدارة الموارد البيئية. كما يمكنه تحسين معيشة المواطنين وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
لذلك، يجب نشر الوعي حول أهمية الاقتصاد الأخضر ودوره في تحقيق التنمية المستدامة، مع التوسع في استخدام الطاقة الشمسية والرياح، ودعم الدراسات والأبحاث التي تركز على تحسين الإنتاج الزراعي. إضافة إلى ذلك، يجب وضع سياسات وقوانين تحمي الموارد الطبيعية وتقلل من الممارسات الضارة.
اليمن السعيد: العودة إلى إرث حضاري مستدام
لطالما كانت اليمن تُعرف بـاليمن السعيد و التي اشتهرت بالزراعة والبيئة الخضراء. وقد اعتمدت الحضارات اليمنية القديمة على الزراعة كأساس لازدهارها.
اليوم، يجب أن نستعيد هذا الإرث الحضاري والاقتصادي من خلال تبني نموذج الاقتصاد الأخضر وجعله محوراً رئيسياً للتنمية في اليمن. كما أن قيادتنا الثورية التي تولي الزراعة اهتماماً بالغاً تُعد نعمة يجب استثمارها في تحقيق هذه الرؤية.
الاقتصاد الأخضر هو البداية الحقيقية لمرحلة جديدة تقوم على الزراعة المستدامة، وحماية البيئة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي. بالعمل الجاد والتخطيط السليم، يمكن لليمن أن تستعيد مكانتها كواحة خضراء، وتصبح نموذجاً يحتذى به في التنمية المستدامة.