البذرة الأولى لقوة اليمن الرادعة 

إب نيوز ٢ فبراير

دينا الرميمةــــــ

ثمة من يستغرب على اليمن حجم ما تملكه من قوة أهلتها للمشاركة في إسناد غزة ويتساءل عن المتكأ والأَسَاس المتين الذي بنيت عليه هذه القوة وطورها لقوة ردع وقفت بوجه أمريكا وهزمت قوتها البحرية الأكثر تطوراً وهيبة، ووقفت في وجه الكيان الصهيوني متجاوزة أنظمة دفاعه الأكثر شهرة ضمن معركة الفتح الموعود وإسناد غزة!!

وعلى الرغم من أن اليمنيين عرفوا بأنهم أولو قوة وأولو بأس شديد كما جاء ذكرهم في كتاب الله الكريم، إلا أنه وبالعودة إلى تاريخ اليمن وتحديداً قبل الثلاثة أَو الأربعة عقود الماضية نرى أن اليمن كانت تعيش حالة من التبعية لأمريكا ودول الجوار أوصلها إليها النظام الحاكم آنذاك الذي ما إن تسلم زمام الحكم حتى سلم اليمن لأمريكا وجعلها حديقة خلفية للسعوديّة التي يغيظها أن تكون اليمن موحدة وذات سيادة، وجعل الشعب اليمني يعيش حالة من التهميش يلوكه الفقر والجهل على أرض فيها من الثروات ما يجعلها من أغنى الدول كان لأمريكا ولأسرة النظام الحاكم الحصة الأكبر منها وللشعب يلقون ببقايا الفتات!!

وكان السفير الأمريكي هو الحاكم الفعلي لليمن، ولا يمر أي قرار من قراراتها إلا بعد موافقته، ومنذ وقت مبكر عملت أمريكا على انتزاع قوة اليمن بدءاً من أنظمة الدفاع الجوي وُصُـولًا إلى السلاح الشخصي الذي لا يخلو أي بيت يمني منه كإرث وثقافة وتحت حجّـة أنه لا يتماشى مع حضارة أمريكا التي تسير وفق قاعدة إذَا أردت السلام فأحمل السلاح، وهنا المفارقة الكبيرة التي أكّـدت أنها خطوة استباقية من أمريكا تحسباً لأي طارئ يضطرها لحرب في اليمن.

أضف إلى انتشار الإسلام الوهَّـابي الذي لوث الأدمغة بالثقافات المغلوطة، منها التسامح بين الأديان، وَحرمة الخروج على الحاكم وإن قصم الظهر، وهذا ما ألجم اليمنيين عن ما يمارسه النظام بحقهم من ظلم وتجويع وكبت!!

مثل هذه الظروف التي يعرفها الجميع هي من أثارت الاستغراب حول التحول الاستراتيجي الكبير لليمن وَأهلها لتحدي أمريكا العظمى ويواجهها بل وينتصر عليها!

كون الكثير يجهل أن اليمن وقبل عقدين ونصف من الزمن صادف زمن السيد حسين بن بدر الدين الحوثي، كفرد من أبناء اليمن وعضو في البرلمان ومتابع للوضع المزري الذي تعيشه اليمن ويعز عليه ما يعيشه شعبها من الظلم والانحراف عن العقيدة الصحيحة، لا سِـيَّـما أنه من أسرة تنتمي لآل البيت الذين لا يصمتون على الظلم ويسعون للإصلاح في الأُمَّــة تمامًا كالإمام الحسين والإمام زيد سلام ربي عليهم!

وتحت قاعدة عين على القرآن وعين على الأحداث أشعل السيد حسين ثورة وعي وعودة للقرآن؛ لمعالجة الحالة التي تعيشها اليمن والأمّة، فخرج بمشروع قرآني صحح الثقافات المغلوطة والأفكار المحرفة ودعا للعودة للقرآن بعيدًا عن الأحاديث الموضوعة، موضحًا حرمة تولي الأعداء والخوف من دائرتهم وإلزامية جهادهم، فاضحاً سياسة أمريكا الاستعمارية للشعوب ودورها في ثبيت دعائم الصهيونية في الأرض العربية، وفضح حقيقة أمريكا في صناعة الإرهاب وتوظيفه لتشويه الإسلام والنبي الكريم واتّهامه بالتخلف والرجعية ومن أبناء الأُمَّــة جندت من يقوم بالمهمة لتأتي فيما بعد وتحت ذريعة محاربة الإرهاب لتنفذ مشاريعها الاستعمارية.

فكان مشروعاً نهضوياً توعوياً تعبوياً تعليمياً جهادياً، لم يأت فيه بجديد ولا بما فيه مصلحة تعود عليه!!

ودعم مشروعه بشعار البراءة من أعداء الله كسلاح وموقف للأُمَّـة تجاه عدو ليست غافلة عن أفعاله، وحظي هذا المشروع باستجابة كبيرة قبول وصل إلى مسمع أمريكا التي صبت عليه نار غضبها؛ لأَنَّها أدركت ما سيحدثه من وعي سيحبط مخطّطاتها ويثير الشعوب عليها فوجهت أوامرها للسلطة الحاكمة بإسكات هذا الصوت الذي يزعجها، وبدورها السلطة التي جهلت عظمة هذا المشروع وتوجّـهت للسيد حسين بالتوقف عن مشروعه والكف عن ترديد الشعار خشية غضب أمريكا تارة بالترغيب وأُخرى بالترهيب، ومع رفضه الانصياع لأوامر أمريكا شنت الحرب عليه حتى ذهب شهيداً، أخفي جثمانه الطاهر ظناً أنها ستدفن مشروعه إلى جانبه وتبادلت التهاني مع أمريكا بنجاحها بالقضاء على الخطر الذي يهدّدها، غير أن رهاناتهم أخطأت وما هي إلا أَيَّـام استلم فيها السيد عبدالملك الراية، ومع أتباع السيد حسين توسعت رقعة المشروع وكثر أتباعه رغم الحملات الإعلامية التي شنت لتشويهه والصد عنه.

فكان هو الأَسَاس لما وصلت إليه اليمن من قوة مكنتها من التحرّر من هيمنة أمريكا وخوف هيبتها وخشية سلاحها، وكان السلاح الذي خاض به اليمنيون حرب سنوات عشر، وقوة الردع التي شاركت صناعة النصر لغزة ودفعت الظلم عن سكانها، وأكّـدت أن أمريكا ليست إلا قشة في قلوب الواثقين بالله الموالين لأوليائه، حقيقة أثبتتها الهزيمة التي ألحقتها قوة الردع اليمنية بحاملات الطائرات الأمريكية والتحالفات التي جلبتها لكسر حصار اليمن للاقتصاد الصهيوني وثنيها عن إسناد غزة ما جعلها تعيد تصنيف اليمن منظمة إرهابية، ما اعتبره اليمنيون وسامَ شرف يؤكّـد أنهم في المسار الصحيح الذي يرضاه الله ورسوله ولم ترضه أمريكا

You might also like