من هم الموريسكيون..؟
إب نيوز ١٠ فبراير
بقلم الشيخ/ عبدالمنان السنبلي.
من هم الموريسكيون..؟
سؤالٌ قد يبدو غريباً لدى البعض، وقد تكون،ربما، هذه هي المرة الأولى التي يسمعون به هذا الإسم..!
فنحن العرب، بصراحة، أكثر من ينسى..
وأكثر من يجهل التاريخ..
وأكثر من لا يتعلم من التاريخ..
لن أوتوهكم كثيراً..
الموريسكيون، ببساطة، هم أولئـك العرب المسـلمون الذين بقوا في الأندلس تحت الحكم الأسباني المسيحي بعد سقوط الحكم الإسلامي في الأندلس وأجبروا قسراً على اعتناق المسيحية وتبديل أسماءهم وألقابهم ولغتهم..
لم يشفع لهم ذلك، بل ظلوا محل إضطهاد وإزدراء واحتقار السلطات والمجتمع الجديد لأكثر من قرن كامل من الزمن؛ ليتم بعد ذلك تهجيرهم وترحيلهم عن أرضهم قسراً بمرسوم ملكي أصدره الملك فيليب الثالث في عام 1609، وتحت عنوان: أما التهجير وأما التطهير العرقي..
ما أشبه الليلة بالبارحة..
وما أشبه أهل غـزة بأولئـك الموريسكيين، لولا أن أهل غـزة أكثر مقاومة وصموداً وثباتاً وتشبثاً بأرضهم..!
وما أشبه ترامب ونتنياهو بفيليب الثالث..!
وما أشبه عربان اليوم بعربان الأمس..!
وكأن التاريخ يعيد نفسه..
على أية حال،
هنـالك في جـامعة غرنـاطة (الأسبـانية)، وفي قاعة المحـاضرات، وقف أستاذ فقه اللغة والتاريخ العربي والإسلامي، وعلى مسامع طلاب المستوى الأول محاضراً باللغة العربية، وقف مفاخراً يقول:
أنا أبن أولئـك الأسبان الذين طـردوا وهـجروا العرب والمسلمين من هذه الأرض..
وكانت هنالك في قاعة المحاضرات تجلس طالبة أسبانية جميلة وحالمة تدعى أديبة روميرو..
تقول روميرو: أثار الأمر استغرابي واستهجاني..
تساءلت في نفسي: كيف لدكتور جامعي في نهاية القرن العشرين أن يقول مثل هذا الكلام..؟!
وفجأة أخذ ذلك المحاضر مصحفاً كان أمامه وسأل:
من يـقرأ..؟ وأراد أن يشير بأصبعه إلى أحد الطلاب..
ووقع الإختيار مصادفة علي..
أخذت المصحف، وكنت أجيد العربية وقراءة القـرآن الكريـم وتلاوته في آن معاً، وفتحتـه عـلى سـورة الـنور..
وبدأت أقرأ آية النور تلاوةً..
قاطعني الدكتور مستغرباً وقال: من أنتِ..؟
فقلت له: أنا أديبة حفيدة من أجدادك لم يطردوهم..!
صعق المدرس وأبيض وجهه المصفر مثل الجدار..
أو كما روت الطالبة أديبة..
هذا ما تـذكرته الباحثة والأكاديـمية والأديـبة الأسبـانية المسلمة الدكتورة أديبة روميرو في مقابلة لها مع قناة الجزيرة الإخبارية..
وهذا أبلغ مثال وخير دليل على أن الإنسان مهما تعرض للإضطهاد والظلم أو كان عرضة للتهجير أو التطهير العرقي، لن يستطيع أحد اقتلاعه من جذوره ومحو ذكره ما دام مقاوماً ومتمسكاً وثابتاً على حقه وفي أرضه..
ولكم أن تتخيلوا كيف لمرأة موريسكية أن تظل متمسكة بهويتها العربية والإسلامية رغم مرور أكثر من خمسة قرون على محاولات طمس هذه الهوية ومحوها..!
إنها فطرة الإنسان..
إنها المقاومة والثبات يا سادة..
لذلك، وكما أن الطاغية فيليب الثالث، ورغم ما قام به وأسلافه من أبشع عملية تطهير عرقي وتهجير على مر التاريخ بحق الموريسكيين، لم يستطع اقتلاع ومحو ذكر من ظل مقاوماً وثابتاً في أرضه من أولئك الموريسكيين، فإن الفرعون ترامب ونتنياهو ومن على شكلتهما من طغاة العالم لن يتمكنوا أبداً من تهجير واقتلاع أهل غزة المقاومين والصامدين من أرضهم مهما حاولوا أو سعوا إلى ذلك..
هكذا تمضي سنن الله في خلقه وأرضـه..
والعاقبة للمتقين..
#جبهة_القواصم