رمضان فرصة للتغيير
إب نيوز ٢٦ فبراير
محمد صالح حاتم
تفصلنا أيام قليلة عن قدوم شهر رمضان المبارك، شهر الخير والبر والإحسان، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، وهو من أعظم الشهور في الإسلام لما فيه من فضل كبير وأجر عظيم. ففي هذا الشهر المبارك أنزل الله القرآن الكريم، وفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، ولذلك يعد رمضان فرصة عظيمة للتقرب من الله من خلال الصيام والقيام وتلاوة القرآن والصدقة، وهو مدرسة إيمانية تهذب النفوس وتطهر القلوب وتغرس القيم النبيلة في المجتمع.
إن استقبال رمضان يجب أن يكون بروح الاستعداد للتغيير، فهو ليس مجرد شهر صيام عن الطعام والشراب، بل صيام عن كل المعاصي والسيئات، وفرصة لمراجعة النفس وتصحيح المسار، والعودة إلى الله بقلوب صادقة. فمن المهم أن نتهيأ لهذا الشهر الكريم ونعزم على استغلال أيامه ولياليه في الطاعة والعبادة، واغتنام كل لحظة فيه للتقرب إلى الله بالصلاة والذكر والدعاء وتلاوة القرآن.
يحثنا هذا الشهر الفضيل على الإحسان والعطاء، فهو موسم لتفقد الفقراء والمحتاجين، ومساعدة الأرامل وأسر الشهداء والجرحى، ومد يد العون لكل من هم في حاجة، فالبذل والكرم في رمضان مضاعف الأجر، والصدقة فيه تطهر النفس وتنمي المال وتفتح أبواب الرحمة. كما أن رمضان يعلمنا الصبر والتسامح، ويزرع فينا روح المحبة والتعاون، ويحثنا على صلة الأرحام والتقرب من الأهل والأحباب، مما يعزز الروابط الاجتماعية ويزيد من الألفة بين الناس.
من الأخطاء التي يقع فيها البعض جعل رمضان موسما للترفيه ومتابعة المسلسلات والبرامج الترفيهية التي تسرق الوقت، وتصرف الإنسان عن روحانية الشهر، بينما المفترض أن يكون رمضان موسما للعبادة والعمل الصالح. كما يجب الحذر من الإسراف والتبذير، فرمضان ليس شهرا لتكديس الطعام والإفراط في الأكل، بل هو شهر الزهد والاعتدال، حيث ينبغي أن يكون الطعام وسيلة تعين على العبادة لا غاية في حد ذاته.
إن رمضان فرصة ذهبية للتغيير والإصلاح، فهو شهر التوبة والاستغفار، وشهر تربية النفس على الطاعة والانضباط، لذا علينا أن نستغله في تهذيب أنفسنا والسمو بأخلاقنا، والابتعاد عن كل ما يضعف الإيمان وينقص من أجر الصيام. فبقدر ما نستثمر رمضان في الطاعات، بقدر ما نخرج منه بأرواح نقية، وقلوب عامرة بالإيمان، ونفوس أكثر طهرا وصفاءً. فهو ليس مجرد شهر عابر، بل محطة نعيد فيها ترتيب أولوياتنا، ونقترب أكثر من الله، لنعيش بعده بحياة أكثر بركة ونقاء.