محلل عسكري أردني: غزة تمسك بالمفتاح الذهبي فهل تنقذ ترامب من ورطة اليمن؟
إب نيوز ١٥ إبريل
منذ لحظة دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بدأت رحلة خلط الأوراق على الساحة الدولية ، رحلة جمعت بين السياسة والمصالح الاقتصادية، ثم ما لبثت أن زجت بالقوة العسكرية دون أدنى إعتبار للقانون الدولي أو حتى للأمم المتحدة.
وهذا النهج العدائي أدى إلى تصعيد الحرب على غزة لتصبح في صلب أولويات الدول الكبرى، ولكن ضمن إطار المصالح الإستراتيجية لا القيم الإنسانية، الأمر الذي حوّل اليمن إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، حتى باتت مصدر قلق دائم للبيت الأبيض، واستنزافًا اقتصاديًا وأخلاقيًا وسياسيًا أثقل كاهله، مهددًا بتفجير ملفات حقوقية قد تُسقط رموز الإدارة “الترَمبية” المتورطة في إشعال تلك الحرب .
ومع فشل واشنطن في اليمن وعجزها عن ضبط أمن البحر الأحمر، وجد العالم نفسه أمام مفارقة سياسية غير مألوفة، إذ بات “المفتاح اليمني الذهبي” بيد غزة. فقد رفضت صنعاء عرضًا أمريكيًا لوقف العمليات العسكرية والعودة إلى ما قبل الهجوم الأخير، مشترطة ربط وقف إطلاق النار بمصير الحرب في غزة، ما وضع زمام الحل في يد المقاومة هناك.
وبذلك ، تكشف اليمن عن شراكة غير معلنة مع غزة، حيث وضع اليمنيون ببطولة استثنائية “المفتاح الذهبي” في يد من يواجه آلة القتل الإسرائيلية، مما يفتح نافذة لترامب للهروب من مأزق اليمن دون هزيمة معلنة تهز صورة البيت الأبيض، خاصة في ظل الحاجة الإسرائيلية الماسة لمخرج ايضا يحفظ ماء الوجه بعد أن تهاوت هيبتها العسكرية والديمقراطية في مستنقع غزة.
وما يثير الإستغراب هو إستمرار سيطرة لغة المصالح الإقليمية والدولية على مشهد الحرب، رغم أنها قامت على قاعدة “لا صديق دائم ولا عدو دائم”، وأن الحقوق لا تُمنح، بل تُنتزع بالدم, وهذا الواقع يسبب إحراجًا كبيرًا لبعض الأنظمة العربية التي تأخرت في بناء موقف موحد يستثمر أدوات الضغط الاستراتيجية المتاحة، لتتحول للأسف إلى مجرد أدوات في حسابات الآخرين، رغم يقين الجميع بأن غزة واليمن اليوم يدافعان نيابة عن كرامة الأمة، ويدفعان الثمن بالدم والشهداء.
ومع كل ذلك، تلوح في الأفق بعض المؤشرات التي قد تُبشّر بإنفراجة قريبة، وربما تُكتب هذه المرة بأقلام من قدّموا التضحيات، لا بأحبار أولئك الذين إعتادوا على صناعة النفوذ من بعيد.
وفي النهاية، لا نملك سوى الإنتظار لما قد يُعلن من إتفاقات محتملة لوقف الحرب على غزة واليمن.
حفظ الله أمتنا، وأعاد لها عزّها ومجدها.
د. بسام روبين
عميد اردني متقاعد