مدري… لكن صواريخنا تعرف الطريق

إب نيوز ٢٤ إبريل

فاطمة عبدالإله الشامي

لم تكن الضربات الأمريكية على الأعيان المدنية والأحياء السكنية في اليمن سوى علامة من علامات الإفلاس العسكري والسياسي والأخلاقي. قوةٌ عظمى لم تعد تملك من سلطان الهيبة إلا صواريخ حقد تُطلقها من بعيد، على منازل المدنيين، على المزارع، على الاطفال والنساء، هروبًا من مواجهة الإرادة اليمنية الصلبة التي ما انكسرت يوماً، ولن تنكسر.

الولايات المتحدة، ومن ورائها التحالف الغربي الصهيوني، راهنوا على أن الألم سيكسر العزم، وأن النار ستطفئ الموقف، وأن الدمار سيُرغم اليمن على الصمت. لكنّهم أغبياء التاريخ… لا يعرفون أن هذا الشعب لا يخضع، لا يساوم، لا يبيع، ولا يرفع الراية إلا في ساحة النصر. اليمن اليوم أكثر يقيناً بأن المعركة ليست معركة حدود، بل معركة مصير، معركة بين معسكر الحق ومعسكر الطغيان، معركة نكون فيها صوت فلسطين وصدى غزة ودرع القدس.

كلّما تساقطت القنابل على رؤوس المدنيين في الحديدة وصنعاء وتعز ومأرب، اشتد عزمُنا وتصاعدت ضرباتنا، واستعدّت صواريخنا الفرط صوتية للانطلاق. لم يكن ردّنا يوماً فعل انفعال، بل فعل وعي وقوة وتخطيط. رسائلنا العسكرية دقيقة، مدروسة، موجعة. والبداية لم تكن إلا تسخيناً. القادم أعظم، والأبعد تحت النيران.

المعركة التي نخوضها ليست عن اليمن فحسب، بل عن كرامة أمة، عن هوية مسلوبة، عن قبلة أولى تنتظر الفاتحين. لن تثنينا الضغوط، ولن توقفنا التهديدات. المسيّرات التي صنعتها أيادينا، والصواريخ التي نمّيها تحت الحصار، ستواصل عبورها للبحار والمحيطات، لتحيل سفن العدو إلى رماد، ولتُحرق الغطرسة في عقر دارها.

أما الحملة الأمريكية فهي حملة عمياء، ترتد على صانعيها. فكلما اشتدت، اتّسعت جبهتنا، وازداد الالتفاف الشعبي حول المعركة الكبرى. لم تفلح الحروب الناعمة، فجاءوا بالحرب المباشرة، لكنهم سيخرجون منها أذلاء، مدحورين، كما خرجوا من قبل، وكما يخرجون من كل ساحة يقف فيها الأحرار.

وإن كانت الصواريخ الأمريكية تُسقط البيوت، فإنها تسقط معها ما تبقى من أقنعة الغرب المتحضّر. أي حضارة تلك التي تستبيح طفلاً ينام على وسادته؟ أي قانون دولي يُجيز ضرب شعوب من أجل أن تصمت عن نصرة شعبٍ آخر يُذبح في وضح النهار؟

لكننا لن نصمت. لن نخذل فلسطين. لن نترك غزة وحدها. لن نساوم على قدسنا، ولن نقايض دماء أطفالنا بشعارات زائفة. نحن هنا على العهد، على الجبهات، على خطوط النار. وكلما سقط شهيد، وُلد ألف مقاتل. وكلما تهدمت دار، شُيّد ألف خندق.

وفي هذه المرحلة الحساسة، الحس الأمني هو واجب وطني وعسكري مقدّس. فالمعلومة اليوم قذيفة، والكلمة قد تكون خيانة، والصمت درع. ولذا، فليكن شعار الجميع في كل موقع، في كل شارع، في كل مجلس: “مدري”. لا تسهّلوا للعدو عمله. لا تفتحوا له عيونًا في الداخل. لا تسمحوا للفضول أن يتحول إلى ثغرة. حين يُسأل أحد عن موقع ضربة، عن توقيت، عن خسائر، عن تجهيزات، فليقل: مدري.

“مدري” ليست جهلاً، بل دهاء. ليست ضعفاً، بل وعي قتالي. بهذه الكلمة، نجعل العدو أعمى، أخرس، مشلولاً أمام ضرباتنا، متخبطاً في تقديراته، غارقاً في ظنونه.

الحرب الآن ليست فقط بالسلاح، بل بالعقل، والوعي، والانضباط. ونحن على كل الجبهات حاضرون، مدجّجون بالإيمان، والإرادة، والسلاح… وعين الله ترعانا، وعدالة القضية تحرسنا، وزئير الميدان يبشّر بنصر قريب، “وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى”.

You might also like