دونالد ترامب .. إنه ناقوس الخطر
وكالات | إب نيوز 2017/1/29 :- قبل اي شيء آخر، لا بد من ان نقرع ناقوس الخطر: هل اقتنع دونالد ترامب بنظرية، وبخارطة، دنيس روس حول تفكيك سوريا الى دويلات؟ هذا ما يسعى اليه، على كل حال، بنيامين نتنياهو وافيغدور ليبرمان.
وهل ان ما عارضه باراك اوباما حيال المناطق الآمنة خشية انفجار الخرائط في الشرق، وصولاً الى البلدان الحليفة، هو ما يتبناه دونالد ترامب، ولكن بلغة القفازات الحريرية، لتبدو المناطق الآمنة بمثابة ملاذات انسانية، وقد تكون المدخل لاحداث هزات كارثية، وربما تغييرات بنيوية، في دول الجوار.
جبهة النصرة (فتح الشام) على حدود الاردن، وتنظيم داعش على حدود العراق، والتنظيمات على حدود تركيا، وداخل حدود لبنان. مناطق آمنة لتكلف الذئاب (الاسلامية) التي تأكل بعضها البعض ام مناطق آمنة للاجئين؟
قال “اللاجئون” ولم يقل “النازحون” ولن نستبعد ابداً ان يحاول فرض التوطين على البلدان المحيطة، ليكون لبنان الضحية الاولى لتوطين اللاجئين الفلسطينيين واللاجئين السوريين…
وكنا قد تساءلنا منذ نحو عام او اكثر ما اذا كانت الجمهورية اللبنانية ستتحول الى جمهورية فيديرالية (لبنانية – سورية – فلسطينية) فيما قادتنا “التاريخيون” وهم شيوخ القبائل مثلما هم شيوخ المذاهب، يتصارعون حول المقاعد تحت قبة البرلمان، واقعاً…. تحت خيمة اللوياجيرغا (الافغانية).
لاحظوا كيف ان رجب طيب اردوغان، الذي يتأرجح بين لعبة الثعلب ولعبة الثعبان، استعاد حيويته فجأة لدى الحديث عن المناطق الآمنة على انها السبيل الى اقامة دويلة تركية في الداخل السوري وتتراوح مساحتها ما بين الخمسة آلاف والعشرة آلاف كيلومتر مربع…
استطراداً، هل ان فلاديمير بوتين الذي يتقن اللعب في الضوء وفي الظل خدع من قبل ترامب واردوغان معاً. بدا كما لو ان الاثنين تقاطعا في لحظة ما حول محاصرة القيصر في الداخل السوري بل في احدى الزوايا السورية بعدما خال ان كل الخيوط تقريباً في يده، وان له اليد الطولى في صياغة قواعد اللعبة في المنطقة وباتجاه مناطق اخرى في العالم.
ما فهمناه من دونالد ترامب الذي يعوّل كثيرا على اللوبي اليهودي في تأمين التغطية الداخلية له ما دام ضد كل مراكز القوة في الاستبلشمانت، ومن الصحف الى الشاشات والبنوك ووكالات الاستخبارات، ان الحرب السورية طويلة، وطويلة جداً، حتى يتحقق القول التوراتي (سفر اشعيا) حول دمشق وغير دمشق…
اذا كانت الامور تحصين نحو التسوية، ومن آستانا الى جنيف، حتى ان الروس وضعوا مسودة الدستور العتيد لسوريا، فما هي، اذاً، خلفيات وآفاق الحديث، وفي هذا الوقت بالذات، الحديث الملتبس، عن المناطق الآمنة؟
الدستور السوري بأيد روسية. خطوة عجيبة حقاً، ولكن الا تقول موسكو ان اللبنانيين الذين بينهم صراع يكاد يكون نوعاً من الفانتازيا السياسية، عجزوا، وعلى مدى ثماني سنوات، عن انتاج قانون للانتخاب، فالى كم عقد يحتاج السوريون، وبينهم جبال الدم، ليضعوا دستور جمهوريتهم الجديدة؟
الذي أذهلنا هو نزع كلمة “العربية” من عبارة “الجمهورية العربية السورية”. هذا هو منطق اشقائنا الاكراد الذين منهم صلاح الدين الايوبي ويوسف العظمة، وكل تلك المجموعة من الرجال الذين قاتلوا، وسقطوا، من اجل عروبة سوريا.
الذي حدث في العراق يفترض الا يحدث في سوريا، ليس بسبب الفارق العددي بين الاكراد العراقيين والاكراد السوريين، وانما لأن سوريا هي العروبة والعروبة هي سوريا. اذا سقطت الكلمة سقط تاريخ بأسره، وسقطت جغرافيا بأسرها. كيف لنا ان نتعامل مع دمشق على انها ليست لؤلؤة العرب ولؤلؤة العروبة.
اذاً، انه دونالد ترامب الذي يدفع اميركا، أم يدفع الكرة الارضية، الى الهاوية، فهل هو أكثر ذكاء مما نتصور ام اكثر حماقة مما نتصور، وان كان جورج دبليو بوش سبقه في طرح مشروع اقامة جدار مع المكسيك كي لا تكون اميركا “مستودعاً للحفاة”؟
غداً قد يفاجئنا باقامة جدار مع الصين على انها الهاجس الاستراتيجي له. ما يخط له ضرائبياً قد يتجاوز منطق الجدار. اعدوا انفسكم لكل اشكال المفاجآت و…الحماقات!
*نبيه البرجي – الديار