كلام سياسة .. الإصلاح .. وحصاد الحماقات !

إب نيوز 4 مارس
بقلم الشيخ/ عبدالمنان السنبلي .
ماذا لو أن الأخوة في حزب الإصلاح فكروا قليلاً وقرروا النزول من على الشجرة والنظر في ما ينفع حزبهم وينفع الوطن، أتسآئل هل سيستمرون في السير في هذا الإتجاه الذي يسيرون فيه ؟!
بالتأكيد لا ! لأن الإستمرار في هذا الإتجاه لا يخدمهم أنفسهم بالدرجة الأساسية وربما معظم قياداتهم يعلمون ذلك، فهم في الحقيقة المستهدف الأول من من كل ما يجرى منذ تدشين المرحلة الاولى للربيع المشئوم وإن بدى لهم غير ذلك ظاهرياً، فقد كان الطُعم الذي قُدِّم لهم مغرٍ جداً خاصةً بعد سقوط (بن علي) و(مبارك) بتلك البساطة لدرجة أنهم ظنوا أن الفرصة قد حانت لهم للوصول إلى السلطة أو (للتغيير) بصورة لم يكونوا يتوقعونها الأمر الذي جعلهم يسارعون بإندفاعٍ إلى ذلك الطعم بدون أن يفكروا للأسف الشديد أو يدرسوا جدوى اندفاعهم ذلك، فأبتلعوه ! فمالذي دفع الإصلاح لإغماض عينيه وابتلاع ذلك الطعم ؟!
في انتخابات 2006 الرئاسية نصحهم زعيم حركة النهضة التونسية ان لا يتنكروا للرئيس صالح ويقطعوا كل خيوط وروابط العلاقة معه وذلك لتمتعهم طوال فترة حكمه بإمتيازاتٍ لم يكن يحلم بها أي فصيل سياسي محسوب على حركة (الإخوان المسلمون) في كل الوطن العربي وصلت إلى حد المشاركة في اتخاذ القرار في كثيرٍ من القضايا الاستراتيجية والمصيرية لكنهم لم يلتفتوا أو يأبهوا وأصروا على المضي في طريقٍ لم يكونوا يعرفون حقيقةً ماالذي قد كان ينتظرهم في منتصفه !
بصراحةٍ شديدةٍ لم اجد حتى الآن سبباً أو مبرراً حقيقياً جعل حزب الإصلاح يفض إرتباطه وعلاقته بالرئيس صالح فقط رغم بعض التراشقات الكلامية التي لم تكن ترتقي بالعلاقة بينهما إلى حد القطيعة التامة بدليل ان الشيخ الراحل عبدالله الاحمر رئيس الحزب قد ظل متمسكاً ببقاء صالح حتى جاءه الاجل، كما ان قيادات الإصلاح الكبيرة قد ظلوا على تواصلٍ وإلتقاء به إلى ما قبل إنتهاء الربع الأول في 2011، فمالذي يا تُرى قد جعلهم فجأةً يغلقون حتى هواتفهم في وجهه ؟!
في الواقع لا أعتقد ان قرار الإصلاح القطيعة مع صالح قد تم إخضاعه للدراسة المعمقة والتشاور وإنما يبدو أنه قد جاء إرتجالياً وتماشياً مع رغبة بعض القيادات الشابة الصاعدة في داخل الحزب والتي كان لها خصومة شخصية غير معلنة مع صالح ونجله، فليس قضايا الفساد كما كانوا يقولون ولا حكاية التمديد أو التوريث ولا حتى جمعة الكرامه هي من تقف وراء هذا الجحود والنكران المفاجئ بدليل أنهم لم يقاطعوا سوى (صالح) بينما ظلوا على علاقةٍ طيبةٍ مع معظم قيادات حزبه وعلى رأسهم نائب الرئيس يومها (هادي) والذي باركوا إنتقال السلطة إليه بل وقدموه كمرشحٍ لهم مع انه – لو كان صحيحاً ما ألصقوه بصالح – يُعتبر شريكاً اساسياً له كونه كان نائبه واحد أركان النظام الذي طالبوا بإسقاطه !
عموماً إنتهت أزمة 2011 بحل توافقيٍ سَلّم صالح بموجبه السلطة لنائبه هادي، فأعتقد الإصلاحيون يومها انهم بإستمالة هادي – والذي بدوره سارع للإنقياد لهم والتنكر لعلاقته مع سلفه ربما تخوفاً من ان يحركوا ضده الشارع كما فعلوا مع صالح – أنهم قد اطاحوا بصالح وحده دون ان يمس ذلك بعلاقتهم مع الموتمر الشعبي العام والذي تركوا امر الإطاحة بصالح من رئاسته لعبدربه منصور هادي، وبالتالي يكون لهم ما أرادوا ويقضوا على إسطورة الزعيم صالح ويتفردوا بحكم البلاد، إلا ان ذلك لم يحدث بسبب تمسك قواعد وكوادر حزب الموتمر برئيسه وإستعدادهم للتضحية بهادي وبعض القيادات من اجله ! فمن يا تُرى قد خسر الآخر الإصلاح أم صالح ؟!
في الحقيقة لقد فشلوا في إيجاد حليفٍ لهم بحجم صالح يغطي الفراغ الذي أحدثته عملية الإطاحة الغبية به، بينما على العكس من ذلك فقد استطاع صالح أن يجد من يسد ويملأ الفراغ الذي أحدثته قطيعة الإصلاح له ووجد في الحوثيين الصاعدين بقوة ضالته في ملء الفراغ وبالتالي فقد خسر الإصلاح بالتأكيد صالح وفاز بها حتماً الحوثي وصالح بتحالفهما معاً !
ولانهم لم يكونوا يرون أمامهم إلا صالح فقد انشغلوا وفشلوا في استيعاب الموامرة العالمية التي تُحاك ضدهم حتى بعد سقوط مرسي في مصر وظلوا يسيرون في ذات الطريق المؤدية إلى الهاوية المعدة لهم فنجدهم لم يتجنبوا حتى التحالف مع النظامين الإماراتي والسعودي الذَين اطاحا بمرسي وأعلنا حركة (الإخوان المسلمون) حركةً ارهابية بكل عناوينها وتصنيفاتها في كل البلدان ظناً منهم انهم سيجدون فيهم طوق نجاةٍ لهم من تربص صالح وذلك القادم من الكهوف بحسبهم الحوثي !
في الحقيقة لم يخسر الإصلاح صالح والحوثي فحسب، وإنما خسر قطاعاً كبيراً من الشعب والمتعاطفين معه من غير المنتمين إليه يوم فاجأ الشعب اليمني وأعلنت قيادته مساندتها للعدوان ليضيع بذلك رصيداً كبيراً من جماهريته وشعبيته بدون أن يعطينا حتى مبررٍ واحدٍ مقنعٍ لذلك، ليسير مغمض العينين بخطىً متئدةً نحو ما خطط واراد له الاعداء الحقيقيون له وللوطن ! فهل يستطيع الإصلاح اليوم التعافي وإصلاح ما افسدته حماقات بعض قياداته ؟!
بصراحة التعويل على قياداته في الخارج لإنقاذ الحزب وإنتشاله من هذا الفخ ليس ممكناً في الوقت الحالي لانهم فعلاً لا يملكون اليوم القرار ولا الخيار الذي قد لا يروق لمستضيفهم السعودي او الإماراتي وبالتالي فإنه يتوجب إعطاء القيادات المتواجدة في الداخل المساحة الكافية من الصلاحية التي تخولهم عمل ما يرونه مناسباً لإنتشال الحزب .
بإعتقادي أنه لم يعد أمام حزب الإصلاح لإنتشال نفسه من هذا الفخ الذي وقع فيه إلا خياران إثنان، فإما أن يعيد حساباته ويقوم بعملية مراجعة شاملة لكل قراراته الخاطئة ويفتح قنوات إتصالٍ وحوارٍ مباشرةٍ مع كل من صالح والحوثي بما يؤدي في الأخير إلى راب الصدع وردم الهوّة بينهم، وإما أن يحل نفسه ويتيح المجال للقيادات الشابة ليعيدوا تشكيله بموجب معطيات اليوم وذلك على غرار حزب (الرفاة) الإسلامي في تركيا الذي تم حله ليعود مجدداً بقيادة جديدة وفي ثوبٍ آخر تحت إسم حزب (السعادة) والذي تم حله أيضاً ليعود مرةً أخرى في ثوبٍ جديدٍ آخر تحت إسم حزب (العدالة والتنمية) والذي أصبح يحكم تركيا اليوم !
في الحقيقة لقد خسر حزب الإصلاح كثيراً وأن عليه اليوم أن يعي حجم المؤامرة التي تستهدفه من الخارج أولاً وان لا يظل يراهن على الغزاة والمعتدين ان يعيدوهم إلى صنعاء فاتحين ومحررين كما يوهمونهم، فالشعوب لا تُقهَر والاوطان لا تُعَوَّض !

#معركة_القواصم

You might also like