الردّ السوري: رسائل صاروخية، تهديد، فك حصار، وإنتقام
وكالات | إب نيوزت19جمادي آخر1438هـ الموافق 2017/318م :- قبل عام تقريبا، وبعد تحرير مدينة تدمر، بدأ الجيش العربي السوري وحلفائه بتوسيع نطاق الأمان حول المدينة، وتمكنوا من تحرير نقطه في المحطة الثالثة على طريق التنف، والسيطرة على محيط حقل “أراك” ليسقط عسكريا، ما يجعل الطريق مفتوحاً نحو السخنة فدير الزور… ليلاً، تقوم طائرات حربية “مجهولة الهوية” بضرب معظم نقاطنا المتقدمة، ليسقط عشرات الشهداء والجرحى.
ساد اعتقاد بأنها طائرات أمريكية ترسم خطا أحمر “يمنع” الجيش وحلفائه من التقدم نحو دير الزور. فجر اليوم، يبدو بأن نفس الطائرات تعود لممارسة نفس الدور، ولكنها لم تعلم بأن اليوم غير الأمس. علق المحلّل العسكري في تلفزيون العدو، “نوعام أمير”، على الغارة الصهيونية، قائلاً: “أنّ الأمر الاستثنائي في الحادثة هو أن طائرات سلاح الجو التقطتها الرادارات السورية أثناء تحليقها فوق أجواء الكيان”. هكذا وقطعاً للشك باليقين، قامت الدفاعات الجوية السورية بإطلاق أربعة صواريخ بعيدة المدى (SAM-5 هي ذاتها S-200)على الأقل بإتجاه الطائرات المغيرةـ فتسقط واحدة، وتصيب أخرى، وتجبر بقية السرب على الفرار.
وهذه بعض الملاحظات الهامة حول العدوان الصهيوني والرد العسكري السوري الصاعق وبيان القيادة العامة:
1- تمكنت الرادارات السورية من تحديد هوية الطائرات ومسارها، بالرغم من محاولات التضليل والتخفي، وهذا يدل على استعادة منظومات الدفاع الجوي السورية لجزء مهم من عافيتها، خصوصاً عند إضافة المعلومات التي قدمها المحلل الصهيوني نوعام أمير” في إكمال صورة المشهد.
2- سورية إستهدفت هذا العدو المعروف لها، والذي تملص دائما من الإعتراف بأي عدوان ارتكبه على الأراضي السورية، سواء على الحدود أو في العمق… ولهذا الأمر مدلولاته وتداعياته الخطيرة.
3- إستخدمت سورية صواريخ “SAM-5” المحدثة، والتي يبلغ مداها التقريبي 300 كم في إستهداف الطائرات المغيرة، لملاحقتها لأقصى مدى ممكن، وتأكيد هوية داعمي داعش للقريب والبعيد، ولإستنزاف قدرتها على المناورة حتى الرمق الأخير، ولتهديد هذه الطائرات بشكل جدي وحاسم… فكان لها ما أرادت، فسقطت شظايا صاروخ فوق القدس، وأعترف كيان العدو بالغارة، وأعلن جيشنا إسقاط طائرة وإصابة أخرى.
4- يقول محلل صهيوني:”أنّ الصواريخ المعترضة التي أطلقت على الطائرات هي صواريخ قديمة وتعتبر بدائية، ولا يستخدمها تشكيل الدفاع المتطور الذي أحضره الروس معهم إلى الشرق الأوسط”، مضيفاً “ليس واضحاً كيف كانت ستنتهي الحادثة في حال تم تشغيل منظومات متطورة ومحسنة”. لكن واقع الحال يثبت غير ذلك قطعاً، ودليلي على ذلك ما جاء في بيان صادر عن القوات المسلحة الأردنية، حيث قال:”صرح مصدر مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية-الجيش العربي، بأنه في ساعات فجر الجمعة، سقطت شظايا صواريخ على بعض القرى في محافظة اربد، وفِي غور الصافي، وفِي مناطق خاليه”. كيف لصاروخ قديم وبدائي أن يطارد أحدث طائرات العدو حتى مدينة القدس، ومنطقة غور الصافي (أقصى جنوب غور الأردن، مقابل صحراء النقب حيث مطارات العدو) التي تبعد عن الحدود السورية 200كم تقريباً؟! كيف لتلك الصواريخ القديمة والبدائية أن “تفلت” وتتغلب على أنظمة التشويش والمناورة والتضليل التي تمتلكها تلك الطائرات “الحديثة”، وأن تطاردها كل هذه المسافات الطويلة، ولولا تدخل منظومة “حيتس” لتمكن منها حتماً؟!.
5- في ردّ فعل الدفاعات الجوية السورية رسالة واضحة وحاسمة أيضا لأمريكا وتركيا، الطائرات المستخدمة هنا وهناك هي ذاتها، ولكن الفارق بأن لا تركيا ولا أمريكا يمتلكون صواريخ “حيتس” أو “باتريوت” في مسرح العمليات الشمالي والشمالي الشرقي… فقد يأتي سرب حربي ولكنّ أي من طائراته لن يعود.
6- في تأكيد على قرار فك الحصار عن دير الزور، والتصدي لأي عدوان محتمل لعرقلة هذا التحرير أو غيره، أكد بيان للقيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية، “عزمها على التصدي لأي محاولة للعدوان الصهيوني على أي جزء من أراضي الجمهورية العربية السورية وسيتم الرد عليها مباشرة بكافة الوسائط الممكنة”. ولا بد من الإلتفات لكلمة “مباشر” هنا بالكثير من الإهتمام، خصوصاً عندما تعني الردّ بشكل آلي ودون الرجوع إلى القيادة!.
7- الشهيد اللواء شرف حسن دعبول، رئيس فرع الأمن العسكري في حمص، عمل قائداً لفرع المداهمة التابع للمخابرات العسكرية في دمشق، والذي كان له دور بارز في تفكيك مركز قيادة المشروع الصهيو-وهابي وخلاياه في داريا بغوطة دمشق، وكلنا يذكر كيف صرخ مذيع القناة العاشرة الصهيونية طالباً من أدوات الكيان بداريا عدم إستخدام أجهزة الإتصال التي زودهم بها لأن المخابرات العسكرية السورية تمكنت من إختراقها… تمكن العدو الصهيوني من إغتياله على أيد أدواته في النصرة/القاعدة، ولأن المجرم سيعود يوماً إلى مسرح جريمته، كمنت له سورية، فاصطادته… لكنه لم يتوقع بأن يتم الإنتقام منه سريعاً على هذا النحو، وفي ذات المحافظة التي مارس فيها إجرامه.
ختاماً، لكل مشوار خاتمة، ولكل معتد نهاية، ويبدو بأن خاتمة هذا الكيان لن تطول… ولا يمكن فهم تصريح “نتنياهو” بعدم قبول عودة الجولان إلى سورية كثمن لنهاية الحرب، إلا بأنه أحد الأثمان التي يحاول أعدائنا رسم حدود إنتصارنا عندها… لكن المنتصر من يرسم الحدود، ولن ينتظر ما يعرضه المهزوم.