هل إعجازُ القرآن لُغوياً فقط؟.. أم البلاغة مرتبطة بالمعنى؟.. إقرأ الإجابةَ شافيةً
-
القرآنُ واسعٌ جداً، يتناوَلُ كُلّ مجالات الحياة، وَرغم ذلك لا نجدُ أية غلطة فيه، بل محكم إحكاماً شديداً
-
تجد القرآن يستوعب الحياة, كلما تأتي من أشياء هي تشهد له, كلما يأتي من أشياء هو شاهد عليها من قبل ما تأتي, من قبل أن تأتي هو عنده شهادة, وعنده ما يرشد إليها من قبل أن تأتي
ألقى الشهيدُ القائدُ سلامُ الله عليه من 28/5 إلى 3/6/2003م سبع محاضرات ــ ملازم ــ رائعات جداً -حُقَّ لها أن تُكتبَ بماء الذهب-يشرح فيها كتاب (مديح القرآن) للإمام القاسم بن إبراهيم عليه السلام، قال عنه الشهيد القائد: [كتاب هو من إمام كبير من أئمة أهل البيت، الزيدية متفقين عليه، هو مشهور عندهم جميعاً، وكتابته بالطريقة التي تكشف كيف رؤية أهل البيت، وتوجه أهل البيت الأصلي، قبل تجي أشياء أُخْـرَى]هذه المحاضرات كلها تحكي عن القرآن، وكيفية الاهتداء بالقرآن، وكيفية طرح القرآن للقضايا، ومنهجية القرآن في كُلّ شيء.. وفي تقرير هذا العدد وفي الأعداد القادمة بإذن الله سنتناول هذه المحاضرات السبع، المعروفة بــ(مديح القرآن)، منها.
آية التحدي:ــ
ابتدأ الشهيدُ القائدُ سلام الله عليه محاضرة ــملزمة ــ الدرس الخامس من دروس (مديح القرآن) بشرح قوله تعالى: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً}حيث قال: [هذه الآية هي في نفسها تحدي, هو يقول الله لنبيه: أن يقول للآخرين الذين يجلسون يعارضونه, ويجلسون يدَّعون أنه افتراه, وأنه أساطير الأولين, وأشياء من هذه.. قل لهم: {لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} بكل قدراتهم, وفي أي زمن كانوا, الإنس والجن حق ذاك اليوم والآن, أليس الإنس حق الزمان هذا قد عندهم خبرات أكثر؟].
وتناول السيد شرح الآية من عدة أوجه:ــ
الوجه الأول:ــ القرآنُ معجزٌ.. ليس بالنص اللغوي فقط
أوضَحَ سلامُ الله عليه بأن القرآن ليس فقط بليغاً بظاهر وشكل الكلمات فقط، حيث قال: [وموضوعُ أن القرآن معجز ليس الموضوع مرتبطاً بالنص اللغوي فقط, عندما يفهم واحد بأن معنى: {لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} في جانب الفصاحة مثلاً, الفصاحة! الموضوع أوسع من هذا بكثير, جانب بلاغته, وفي كونه بليغاً.. الجانب البلاغي مرتبط بالمعنى.. أليست البلاغة مرتبطةً بالمعنى؟ ليست مرتبطة بشكلية المفردة, أَوْ بطول النص, أَوْ بقصره. فالكلامُ يُعتبَرُ بليغاً في كونه يؤدّي المعنى بشكل كامل, وبشكل جميل, وفي قالب جميل, ويعبر عن المعنى من جميع جوانبه, هذا يعتبر بليغاً عند العرب].
مثال يوضح الوجه الأول:ـ
وضرب سلام الله عليه مثالاً يوضح بأن إعجازَ القرآن لكُلِّ مَن على وجه الأرض عرباً أكانوا أَوْ أجانب، حيث قال: [موضوع أن القرآن مثلاً معجز ليس فقط مرتبطًا بالنص من ناحية الفصاحة والبلاغة, بل في جوانب أخرى, هناك ناس آخرون ليسوا عرباً نهائياً, وترى عندهم خبرات أخرى, مثلاً عندهم خبرات اقتصادية, قانونية, تربوية, أشياء كثيرة من هذه, تنظير فيما يتعلق بوضعِ أنظمة. سيعرف أي إنسان لديه اهتمامٌ في مجال من المجالات أن القرآن فوقَه, وعندما يأتي واحد يضع مثلاً نظرية معينة يجد سلبيات فيها, يجد القرآن فوق هذا, يجد القرآن هو يقدم الطريقة على أحسن ما يمكن].
الوجه الثاني:ـ القرآن معجز.. كونه أعجَزَ الأولين والآخرين
وبيّن سلامُ الله عليه بأنه من الخطأ الاكتفاء بالقول بأن القرآن قد أعجز الأولين، ونصمت!! بل يجب أن نوضحَ إعجازَه لكل زمان ومكان، حيث قال: [عندما يقولون: إنه قد كفى أنه أعجز أولئك, وهم سيقولون لنا بأنهم قد عجزوا, والآخرون سيعلمون بأنهم قد عجزوا.. هو معجز في أي زمان, الإنس والجن في أي زمان.نجد مثلاً موضوع فصاحة وبلاغة, من الناحية الفنية, الجانب الفني فيه, فبالتأكيد لا نحن ولا المعاصرين من أمم أخرى يمتلكون القدرة الفنية في التعبير, أَوْ في إدراك الجانب البلاغي, يكون عندهم قدرة على ماذا؟ قدرة في مجال البلاغة, أليس هذا معلوماً؟.. لا يوجد لدينا نحن قدرة العرب الأوائل في جانب البلاغة؛ ولكن الموضوع أوسع من هذا, قدمت القضية للناس لما فهموا أن الموضوع فقط مرتبط بالجانب الفني فيه, جانب البلاغة: أنه عجز أولئك الأولون, وعجزهم قد هو يكفينا, والأخبار بأنهم عجزوا قد هو يكفينا, ويكفي!. لكنه ما زال معجزاً للبشر جميعاً, الإنس والجن, لا يوجد حتى مسألة الفصحاء أَوْ البلغاء, الإنس والجن.. وبلاغة القرآن الكريم, عندما تأتي تقرأ قصيدة شعرية, ألست ستراها جميلة؟ أليس هناك قصائد شعرية جميلة, لكن فيما تتناوله, في عمق الأشياء, في واقعيتها, في سعتها, هذا شيء ثانٍ يختص به القرآن].
الوجه الثالث: القرآنُ معجزٌ.. كونه يُلِمُّ بالموضوع الذي يتناولُه من جميع الجوانب
وأكد سلام الله عليه على أن السور التي تتناول موضوعاً معيّناً في القرآن نجدُ آياتها من أول السورة إلى آخرها تخدُمُ ذلك الموضوع بشكل عجيب، ومن جميع الجوانب، حيث قال: [السورة مثلاً قد يكون لها مثلاً موضوع رئيسي, فيها موضوع رئيسي, هذا الموضوع هو واقعي, قضايا حقائق واقعية. تجد السورة مثلاً تخدم هذا الموضوع من أولها إلى آخرها, وعندما تخدمه هي تشخِّص أية حالة نفسية عند الإنسان, أي تفكير لديه, أي تساؤلات لديه, فيكون فيها من البداية ما يزيح كُلّ تساؤلات لديه فيتقبل الموضوع ويصبح الموضوعُ عنده مقبولاً].
مثال: يوضح الوجه الثالث:ـ
مسألة الاصطفاء:ـ
وضرب سلامُ الله عليه مثالاً لتوضيح هذا الوجه فقال: [لاحظ مثلاً سورة [فاطر] سورة فاطر من المواضيع الرئيسية فيها: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ}(فاطر32) موضوع الاصطفاء على هذا النحو, تجد السورة من أولها إلى آخرها تخدم الموضوع بشكل رهيب, وبشكل عجيب, في كُلّ ما يطلع من تساؤلات حول الموضوع.. فالقضية هي في الذهنية قضية تفاوت, أليست قضية تفاوت؟ يبدأ لك بالتفاوت من أول السورة إلى آخرها: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}(فاطر1) أليس هذا أول شيء؟ وهكذا منْزَل, مَنْزل, تصل إلى عند: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ}(فاطر27).. تجد السورة تقدم لك أن هذه سنة إلهية, سنة إلهية, وأنه أحياناً المهام نفسها تتطلب تفاوت على هذا النحو, كما أن الملائكة هم رسل, ولديهم مهام متفاوتة, فالمهمة تفرض أن تكون على نحو معين, تكون لائقاً بأداء المهمة {رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} هناك ملائكة معهم من أربعة أجنحة, وملائكة معهم من ثلاثة, أَوْ تقول ثلاثة وثلاثة, وهناك ملائكة معهم من اثنين أجنحة. أليس هذا نفسه تفاوت؟. وهكذا يمشي في الموضوع بشكل واضح].
وأضاف قائلاً: [نأتي إلى الموضوع في نفس السورة, أَوْ المواضيع الرئيسية فيها, تجدُ السورةَ تخدُمُ الموضوعَ من أولها إلى آخرها, تخدُمُه من أولها إلى آخرها. تطلع لك كلمة: {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} بالنسبة لهذا الموضوع الرئيسي أن معناه هام جداً, يعني أن الله سبحانه وتعالى لا يأتي فقط يعمل مثلما يعمَلُ الآخرون, أَوْ أنه يسايرُ تقاليدَ لدى البشر قائمة! لا, هو مبدع وفاطر, هو فاطر, هو مبدع للأشياء. هو لا يقلد! رأى العرب يعملوا شيخ, وهو قال: سنعمل لنا شيخ! رآهم يعملوا بيت مَشِيْخ, فقال: ونحن سنصطفي بيت ونقول كذا.. لا, هي مسألة من جهة نفسه, وهو عادة ليس مقلد, هو. فاطر, فطر السماوات والأرض هذه بكلها, فهل سيقلدك في حاجة بسيطة من هذه؟! وهكذا.. إلى آخر السورة].
مثال آخر: لتوضيح الوجه الثالث:ــ
الجانب التربوي:ـ
وضرب سلامُ الله عليه مثالاً آخرَ يوضّحُ به مدى شمولية القرآن الكريم وإلمامه بجميع جوانب الموضوع الذي يطرحه، حيث قال: [ترجع للجوانب التربوية التي ما يزال البشر منظِّرين فيها, وباحثين في كيف المنهج الذي يطلع الإنسان بالشكل المطلوب, فلاسفة متفلسفين, ومنظرين منظرين, تربويين, علماء نفس, كلهم مطنِّنين. هؤلاء نفوسهم, هؤلاء لو يأتوا يستعرضون, يستعرضون واقع الإنسان, وواقع الحياة, وما مرت به أعمالهم, ما مرت به نظرياتهم مثلاً من معوقات, وما رأوا من النتائج, ويرجع إلى القرآن, يجد القرآن يقدم القضية بشكل على أجمل وأفضل وأحسن.. هنا تلمس بأنه كلام فوق كُلّ شيء؛ وكونه فوق يعني ليس من داخلنا, يعني ما حصل القرآن من عندنا, ليس من عند بشر, ولا من عند مخلوق على الإطلاق. لو هو من عند مخلوق من المخلوقين لا فتضح إلى الآن].
الوجه الرابع: القرآن معجز.. كونه يستوعبُ (الحيــاة) والأزمــنة
مثال توضيحي: كثيرٌ من أخطاء المفسرين انكشفت الآن:ـ
وضرب سلام الله عليه مثالاً يوضح به الوجه الرابع، حيث قال: [ولاحظ كيف يفتضح المفسر, المفسر للقرآن نفسه, الذي فسّر لك قبل ألف سنة, تجد الآن بأن الكثيرَ من تفسيراته ليست معقولة, ولا هي مقبولة. ناس في الأخير يقولون: لأن هذا المفسر كان في زمن لا يوجد عندهم إلا الفهم هذا, يأتي الواقع يأتي بأشياء يتجلى من خلاله ما يبرهن على أن المعنى الصحيح لهذه الآية مثلاً هو كذا, أَوْ أن المفسر لم يأتِ إلا بواحد من معانيها, أَوْ بجزء محدود من معنى واسع لها.. أليس هكذا يتجلى؟ يتجلى, يتجاوزنا القرآن, يتجاوز الناس!. تفسر أنت في القرن الثالث, ما يأتي القرن الخامس إلا وقد أنت هناك وراء, تفسر في القرن الخامس ما يأتي القرن السادس أَوْ السابع إلا وقد أنت هناك! تفاسير في تفاسيرك يتركها هناك وراء! وهو تجده يستوعب الحياة, يستوعب الحياة, كلما تأتي من أشياء هي تشهد له, كلما يأتي من أشياء هو شاهد عليها من قبل ما تأتي, من قبل أن تأتي هو عنده شهادة, وعنده ما يرشد إليها من قبل أن تأتي. لا يستطيعون على الإطلاق, لو اجتمعت الإنس والجن في أي زمن, فصحاؤهم, منظروهم, تربويوهم, بلغاؤهم, عباقرتهم.. الخ, ما يستطيعون أبداً أن يأتوا بمثل هذا القرآن].
الوجه الخامس: القرآنُ معجِزٌ؛ كونه فوقَ كُلّ ما هو سوى الله
وانتقد سلامُ الله عليه الذين دائماً يكتفون بالقول بأن القرآنَ الكريمَ قد أعجَـزَ الأولين، إذن فهو معجز، ويقفون عند هذا الحد!! وطلب منهم أن يتحدوا بالقرآن اليوم، حيث قال: [تحدّى به الآن, حتى جانب الفصاحة قل له: اعمل لك معهد, وتلك اللغة العربية أمامك, بقواعدها, بأساليبها, علِّمهم يكونون عرباً, علمهم يكونون كذا.. ويقوموا يشتغلوا. هل تستطيعون أن تأتوا بمثله؟ لن يستطيعوا. لاستطاعوا أن يعملوا هذه لو المسألة هكذا. أليست قضية قريبة؟ حتى في هذا الجانب أليسوا يعملون معاهدَ أبحاث في موضوع الدين, يعني فيما بين المسلمين من تراث ديني؟ ليس الدين نفسه, يجب أن تفهم أن الدينَ نفسَه لا يمكنُ على الإطلاق أن يزيَّفَ, لكن فيما بين المسلمين أنفسهم من تُراث ديني محسوب دين يقولون: هذه نشغلها وهم يكونون هم عارفين أن ما هي دين. في هذا الموضوع تعمل معاهد, وأبحاث وسنين طويلة].
وأضاف قائلاً في نفس السياق: [لو أن القضية يعني مثلاً حتى في هذا, في جانب البلاغة أنه لو يعملون لهم معهد ويدرِّسوا أشخاص, ويعلمونهم اللغة العربية, ويقرؤون أدب اللغة هذه فيصبحوا بلغاء, ويقوموا يشتغلوا. قل لهم يعملوا معهد من هذا؛ لأنه خلِّيه يأخذ له عشر سنين, عشر سنين ممكن, عشرين سنة حتى, وطلعوا لك خمسة, ستة أشخاص بلغاء, ويقولون لهم يصلحوا مثل القرآن. أليسوا سيعملون هذه؟.لكن لا يستطيعون, ولا يتوقف على هذا الجانب الفني أبداً؛ لأنه مما أظهر فيه, في كونه معجز, في كونه حكيماً بشكل لا أحد يستطيع أن يأتي بمثله {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ}(النساء82) بلغاء أَوْ غير بلغاء كيفما كانوا {لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً}. هذه واحدة من مظاهر أنه فوق, فوق كُلّ ما هو سوى الله, فوق المخلوقين جميعاً, {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً}. إذاً فهذا هو جانب أعظم من الجانب الفني في النص, أليس أعظم منه؟].
الوجهُ السادسُ: القرآنُ معجزٌ؛ لأنه محكمٌ على الرغم من سِعَته.. يخدُمُ بعضُه بعضاً
وأشار سلامُ الله عليه إلى أن القرآنَ واسع جداً، يتناوَلُ كُلّ مجالات الحياة، وبالرغم من هذا لا نجد أية غلطة فيه، بل محكم إحكاماً شديداً، وهذا أقوى أنواع الإعجاز فيه، حيث قال: [طيب كونه محكماً فيما يتناوله على الرغم من سعته, واسع جداً جداً, ومحكم, ولا تجد شيئاً منه إلا وهو يخدم الشيء الآخر, ما تجد تناقض: هذا يناقض هذا, يكون هذا يمشي في اتجاه, وهذا يمشي في اتجاه, وبعد مسافة ألف كيلو يتناقضون هناك, ويتعارضون. هذه لا تحصل, ما تحصل على الإطلاق, وهذا هو الجانب المهم, يعني الجانب المعجز].
مثال يوضح الوجه السادس:ـ
وضرب سلام الله عليه مثالاً عن النظرة الضيقة لبعض العلماء لآيات القرآن الكريم، في بعض مواضيعه، كموضوع (الترغيب والترهيب).. فأدى بهم هذا إلى أن يكونوا بعيدين عن القرآن، حيث قال: [لاحظ عندما يقوم من يشتغلون في الدين نفسه, مثلاً يلاحظ أن الجانب, جانب الترغيب والترهيب في القرآن جانب ـ مثلما نقول ـ من المواضيع التي ركّز عليها.. فقام يشتغل ترغيب وترهيب, ألم يحصل هذا؟ اشتغلوا ترغيب وترهيب, وفي الأخير تلاحظ أن ما قدموه أن غايتَه هناك على بُعد مسافة تقرب أَوْ تبعد, يختلفُ مع القرآن على بُعد مسافة يختلفُ مع بعضه بعض في نفس الكتاب حقه!. تقرأ كتاباً من هذه تجد أن كلامه هنا يؤدي إلى خلق حالة نفسية عند الإنسان تختلف عما يؤدي إليه كلامه في موضوع آخر, عندما يلتقي في نقطة معينة, يحصل اختلاف, يحصل تعارض, يحصل تباين!]