أمريكا ترقي عميلها عندما هندس الحرب السعودية على اليمن ولياً للعهد في ألف يوم .

 

 

وكالات | إب نيوز26رمضان1438هـ الموافق2017/6/21 :- قبل أكثر من عامين أثار تعيين الأمير محمد بن سلمان ولياً لولي العهد عاصفة من التكهنات حول شخصيته وتوجهاته ودوره. خلال الفترة الماضية، بدا بن سلمان في كل موقف ومحطة وسلوك كمن يجيب عن هذه الأسئلة، ليكون أصدقاء المملكة اليوم كما أعدائها وحلفاؤها كما خصومها، أمام صورة شبه مكتملة لتوجهاته، أقله في عناوينها العريضة، أما التفاصيل فمتروكة للمزيد من المواقف والإطلالات لبن سلمان، لكن هذه المرّة وليّاً للعهد.

بين آذار/ مارس 2015 وحزيران/يونيو 2017، أكثر من عامين استغرقها الأمير الشاب محمد بن سلمان للانتقال رسمياً إلى منصب ولي العهد وبات على بعد خطوة من تولي عرش السعودية. أكثر من عامين، هي المدة التي احتاجها ربما من أجل الترويج لنفسه داخل المملكة وخارجها، خصوصاً وأن تعيينه ولياً لولي العهد جاء مفاجئاً نظراً لكونه الأصغر سناً الذي يتولى هذا المنصب من بين أحفاد الملك المؤسس عبدالعزيز، ولانعدام خبرته السياسية.

 

قرابة ألف يوم منذ توليه وزارة الدفاع في كانون الثاني/يناير 2015، أقدم خلالها على عملية عسكرية استحالت حرباً غير واضحة الأفق في اليمن، وقدم رؤية اقتصادية بعيداً من النفط كدعامة أساسية، سبعون زيارة أجراها إلى دول عديدة من بينها عواصم القرار في العالم، من الولايات المتحدة إلى الصين واليابان وروسيا. اتبع سياسة متشددة تجاه إيران شكلت عنواناً لاستعادة العلاقة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة. واليوم يخوض نزاعاً آخر مع قطر، قيل إنه المحرّك الأساسي له إلى جانب ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد.

خلال هذه الفترة لم يكن بن سلمان كثير الظهور على وسائل الإعلام، بدت طلعاته ومواقفه الإعلامية مقوننة، لكنها كانت كافية لإحداث الضجيج المرجو منها وتردد أصدائها خارج أروقة المملكة، وللتعرف إلى اتجاهاته السياسية والأمنية والإقليمية.

 

العنوان الأكثر حضوراً في مواقف بن سلمان إيران. الحديث عنها بدا متدرجاً من اتهامها بالتدخل في شؤون المنطقة من دون تسميتها كما في لقائه مع وزير الدفاع الأميركي في عهد باراك أوباما أشتون كارتور في حزيران/ يونيو 2016، إلى ارتفاع حدّة اللهجة أمام خلف كارتر في حكومة دونالد ترامب جايمس ماتيس، حيث اتهم إيران علناً بدعم الجماعات المتطرفة وإرباك العالم، وصولاً إلى ذروة مقابلاته الإعلامية قبل تسلّمه منصبه الجديد مع القناة السعودية الرسمية. هذه المقابلة التي شكلت آخر إطلالاته قال فيها بشكل واضح وصريح “لن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية، بل سنعمل لتكون المعركة عندهم في إيران”.

تصريح جاء قبل شهر من الهجمات الإرهابية التي استهدفت البرلمان الإيراني ومرقد الإمام الخميني في طهران، ما دفع بالمسؤولين الإيرانيين إلى الحديث عن أيادٍ سعودية مستحضرين تهديد بن سلمان.

مهندس الحرب السعودية في اليمن التي بدأت بعد أشهر قليلة فقط من توليه مهام وزارة الدفاع، يبدو أنه ماض فيها حتى “اجتثاث الحوثيين وصالح” على حدّ تعبيره في مقابلته الأخيرة مع الإعلامي السعودي داود الشريان، متوعداً بحصول ذلك خلال أيام قليلة. فهل يخوض “المعركة البرية” التي قال إن السعودية قادرة على شنها بالرغم من أن “خسائرها ستكون فادحة” باعترافه؟

 

لم يكتف بن سلمان بقيادة الحرب من الخلف بوصفه وزيراً للدفاع، بل عمل على استقطاب القبائل اليمنية والتأثير عليها من خلال خطاب العداء لإيران واعتبار أنّ ما جرى في العامين الأخيرين هو نتيجة محاولتها التدخل في العمق العربي كما قال في لقاء مع قبائل يمنية في نيسان/ أبريل الماضي.

مدركاً الضرر الذي أصاب صورة المملكة من جراء حرب اليمن ودعمها الجماعات المسلّحة في سوريا، لجأ بن سلمان إلى المكان الأمثل لتلميع هذه الصورة ومحاولة الحدّ من الأضرار، الإعلام الغربي.

مقابلته الأولى كانت مع “ايكونوميست” وجاءت بعيد إعدام رجل الدين الشيعي الشيخ نمر باقر النمر. القرار الذي دافع عنه بن سلمان مستبعداً أن يؤدي إلى زيادة التوتر بين السعودية وإيران كون “التصعيد بلغ أعلى مستوياته”.

حاول بن سلمان في إطلالته في الإعلام الغربي الابتعاد عن العناوين السياسية المثيرة للجدل مفضّلاً الترويج لرؤيته الاقتصادية “رؤية المملكة 2030” والإصلاحات في المجالات المختلفة كما في مقابلة الساعات الثماني الشهيرة مع “بلومبرغ” بتاريخ 21 نيسان/ أبريل 2016 أي بعد أقل من شهر على تعيينه ولياً لولي العهد. في تلك المقابلة كشف بن سلمان عن مشروع التريليوني دولار لنقل الاقتصاد السعودي وأعلن أنه ليست لديه مشكلة مع المؤسسة الدينية الرسمية في ما يخص قيادة المرأة للسيارة وأنه يعمل على حل المشكلة مع أولئك الذين يعمدون إلى تشويه مواقف المؤسسة الدينية كي لا تحصل النساء على حقوقهن الكاملة التي كفلها الدين الإسلامي” على حدّ قوله.

تدريجياً بدأت تتراجع في الإعلام الغربي صورة ولي العهد محمد بن نايف الرجل الذي لطالما وصف بالأقرب إلى دوائر القرار الأميركية لتحلّ مكانها صورة بن سلمان، “القائد بالفطرة” كما وصفه ديفيد أغناطيوس في صحيفة “واشنطن بوست” ضمن مقالة نشرت بالتزامن مع زيارة وزير الدفاع جيمس ماتيس إلى الرياض وتضمنت مقابلة مع بن سلمان خرج منها الكاتب بانطباع أن الأخير “يسيطر على الاستراتيجية العسكرية السعودية والسياسة الخارجية والتخطيط الاقتصادي”.

 

قبل أكثر من عامين أثار تعيين الأمير الطموح ولياً لولي العهد عاصفة من التكهنات حول شخصيته وتوجهاته ودوره. خلال الفترة الماضية، بدا بن سلمان في كل موقف ومحطة وسلوك كمن يجيب عن هذه الأسئلة، ليكون أصدقاء المملكة اليوم كما أعدائها وحلفاؤها كما خصومها، أمام صورة شبه مكتملة لتوجهاته، أقله في عناوينها العريضة، أما التفاصيل فمتروكة للمزيد من المواقف والإطلالات لبن سلمان، لكن هذه المرّة وليّاً للعهد.

(الميادين نت)

You might also like