محلل سياسي بحريني: السعودية فشلت في تركيع قطر لهذه الأسباب؟
إب نيوز 16 يوليو
تطورات أزمة الخليج، وفرص الحل والتصعيد ومصير مجلس التعاون، وعلاقة الولايات المتحدة الأمريكية بالأزمة، وهل حققت “دول الحصار” أهدافها، ومن الرابح والخاسر، ولماذا اختفت المناورة في تلك الحالة ولم يكن هناك سوى سيناريو واحد في البداية، وهل لدى الرياض حلفاء حقيقيين أم أن الأمر لا يتعدى تحقيق مصالح مؤقتة،؟
“سبوتنيك” طرحت تلك النقاط على المحلل السياسي البحريني الدكتور سعيد الشهابي وكان الحوار التالي.
سبوتنيك: في أي الطرق تسيرالأزمة الخليجية خلال هذه المرحلة ؟
في مثل تلك الأزمات إما أن تكون الاستراتيجية واضحة، وإلا ستكون نوعاً من شد الحبال، والواضح أن السعودية لم يكن لديها خطة بديلة في حال فشل الخطة الأولى، فبدأت بالهجوم الشرس على قطر دون أن يكون لديها البديل، وكان في اعتقادهم أن هذه الضربة ستكون قاضية، وأن قطر سوف تستسلم أمامها، والواضح أن القطريين لم يستسلموا وأن الحسابات السعودية كانت في غير مكانها، فالرياض في اعتقادها أن مجلس التعاون ملكها وهو ما يعتقده الأمريكان والغربيون، وقد تأسس هذا المجلس في العام 1981 في بداية الحرب العراقية- الإيرانية، والسعودية كانت وكيلاً للغرب في مجلس التعاون ولا يسمح لها الغرب أن تتصرف بمفردها بالطريقة التي تريد مع الأعضاء “هذا غير مقبول غربياً”، فمن حق الرياض أن تحارب في اليمن أو سوريا أو ليبيا، وليس مسموحاً لها بأن تتلاعب بمصير المجلس وأعضاءه.
لذلك كانت السعودية تعتقد أن بإمكانها أن تضرب قطر عسكرياً ولكن الغربيين أنذروها بأن هذا ليس من مهامها، وهنا انتهت الخطة السعودية بغياب المشروع العسكري، فليس هناك شيء تستطيع أن تضغط به على قطر سوى التدخل العسكري وهذا غير ممكن، وعندما رفض القطريون الشروط الثلاثة عشر وقعت الرياض في ورطة، وتحولت المعركة لحرب استنزاف بين الجانبين، وفي اعتقادي أن فرص تركيع قطر تراجعت وفرص تفكك مجلس التعاون تصاعدت، ومنها استطيع القول أن السعودية ليس لديها القدرة على التصرف كقوة إقليمية بالانفصال عن التوجهات الغربية والأمريكية، بعدما فشلت في كل الملفات الخارجية “اليمن- سوريا- العراق- ليبيا- قطر”.
سبوتنيك: هل تراجعت الخطط الغربية تجاة الأزمة بتراجع المخطط السعودي؟
لا أظن أن الغربيين كانوا يريدون تفكيك مجلس التعاون، الأزمة أنشأتها السعودية عندما اعتقدت أن بإمكانها التحرك بأكثر مما هو متاح، وأن تضرب في كل الجبهات وهذا غير مسموح به، بإمكان السعودية أن تتحرك فقط فيما يخدم المشروع الغربي في المنطقة وليس خارجها، تستطيع أن ترسخ علاقاتها مع اسرائيل وتصعد مع إيران فهذا مقبول، أما أن تعكر صفو العلاقات وتتصدى لدولة حليفة للغرب فهذا من غير المقبول، ومن الملاحظ في الأزمة الحالية أن “الرياض” تحركت خارج المسموح به أو كما تصورت أنه من حقها، وهو ما جعلها تصطدم بالواقع، وبريطانيا منذ ثلاث سنوات قالت إنها تريد العودة للمنطقة وبنت القاعدة العسكرية في البحرين وقالت إن أمريكا ستنتقل إلى جنوب شرق آسيا وإلى بحر الصين، وأن بريطانيا وحلفائها الأوربيين ستأخذ مكانها في العراق وفي الخليج، بريطانيا لا تريد أن تكون السعودية صاحبة القرار في الخليج ومجلس التعاون، وهناك تنافس أمريكي بريطاني على موارد المنطقة، فقد حصل ترامب على مئات المليارات خلال زيارته الأخيرة، ولم يبق شيء لبريطانيا، فهناك صراع خفي بين الجانبين و”ترامب” لن يزور بريطانيا هذا العام، فهناك مزاج مختلف في بريطانيا بصعود حزب العمال وتراجع شعبية المحافظين وهو ما لا ينسجم مع الهوى الأمريكي ومع صعود “ترامب ” بشكل خاص، وهذا بدوره سينعكس على منطقة الخليج، لذلك السعودية الآن تلعب خارج السرب وهذا لن يطول كثيراً.
سبوتنيك: هل المشروع الغربي متوافق حول الخليج؟
هناك صراع مصالح بين الغربيين وتداخل مع الخليج، وحالياً تتم إعادة رسم للتحالفات، وترامب لم يخف رغبته في أن يرى الإتحاد الأوروبي مفككاً فقد قال لبريطانيا “هذا رأي صائب وأتمنى أن يخرج أعضاء آخرون من الاتحاد”، وهنا يمكننا القول أن المشروع الغربي يتأرجح بين مشاكل اقتصادية وصراعات إيديولوجية، وترامب ظاهرة جديدة خطيرة على الغرب قبل أن تكون خطيرة على بقية أنحاء العالم، فالغرب غير مستقر ويكفينا أن نعلم أن كوريا الشمالية تلعب بالأمريكان كل يوم وواشنطن لا تستطيع فعل شيء.
سبوتنيك: تغير الموقف الأمريكي خلال مراحل الأزمة… ما هي الأسباب؟
أظن أن هناك أمور تحدث دون إرادة أمريكا، فالسعودية تصرفت في الأزمة كأن لها الحق، وفي أمريكا هناك صراعات داخلية بين البيت الأبيض والخارجية والدفاع، والسبب هو ترامب، الذي ساقته الظروف لقيادة أمريكا دون أن يكون لدية تجربة سياسية، وبالقطع يختلف هذا الأمر بالنسبة لـ”بوتين”، والذي جاء بعد تجارب سياسية، وبالنسبة للخارجية الأمريكية والدفاع لا يقبلا أن تكون هناك خلافات حادة بين حلفائهم، فما الذي تستفيده واشنطن من الصراع بين الرياض والدوحة، فالخارجية الأمريكية تنظر إلى المشكلة بشكل موضوعي بخلاف نظرة البيت الأبيض، فترامب يقول ما يريد ولكن في النهاية لن يكون إلا ما تريده الخارجية الأمريكية.
سبوتنيك: كان سقف مطالب “دول الحصار” عالياً في بداية الأزمة ثم بدأ بالتراجع وتوجيه كيف تفسر ذلك؟
هناك بالفعل ضغوط على الدول الأربع المقاطعة، أوربا وبريطانيا ليستا مرتاحتين لهذا الأمر، وكذلك الخارجية الأمريكية، والسعوديون يعلمون أنهم متورطون ومتهمون في الداخل الأمريكي بقانون “جاستا” والذي يسمح لعائلات ضحايا 11 أيلول/ سبتمبر برفع قضايا ضد السعودية وطلب تعويضات وهو اتهام صريح بالارهاب، في الوقت الذي تتهم فيه الرياض قطر بدعم الإرهاب، يمكن أن يكون لقطر دور لكن دورك أنت أكبر بعشرات المرات، فالأمريكان يرون أن هذا كلام غير منطقي وغير مبرر، ومن المنطقي أن تقول الخارجية الأمريكية للسعودية أننا تغاضينا عنكم عندما دخلتم البحرين لدعم الحكومة ولكن لن نتغاضى عنكم في قطر لانكم تحاربون الحكومة في بلد فيه أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة، وحال أمريكا يقول فشلتم في اليمن على مدار أكثر من عامين وقمتم بتوريطنا معكم بارتكاب “جرائم حرب”، في الوقت الذي نريد منكم التحالف من أجل مواجهه إيران وروسيا وكوريا الشمالية، أمريكا لا تريد تكسير النظام السعودي الحليف الاستراتيجي، لكنها تريد تحجيمه لأن التوسع السعودي مشكلة، والداخل السعودي يظهر أشياء وفي باطنه أشياء أخرى.
سبوتنيك: هل يمتلك الغرب أوراق ضغط على السعودية؟
نعم.. هناك تقرير في بريطانيا متورطة فيه رئيسة الوزراء تيريزا ماي، لأن هذا التقرير يُجرم السعودية ويقول أنها “تمول مساجد ومراكز إسلامية تٌفرخ الإرهاب في بريطانيا”، وهو ما أوقع ماي في ورطة كبيرة ما بين الكشف عن التقرير وتحمل تبعاته أو إخفاءه ووضع مصداقية بريطانيا على “المحك”، فأصبحت الرياض بالنسبة لهم “كالعظم في الحلق” لاتستطيع بلعه ولا إخراجه.
سبوتنيك: الحملات الإعلامية المتبادلة حالياً… هل هي ورقة الضغط الأخيرة في الأزمة؟
هناك عدم ارتياح غربي ودولي من السياسة السعودية، وقبل ثلاثة أعوام في العام 2014 طرحت السعودية مشروع الإتحاد الخليجي والذي يعني انتهاء “المشيخات”، وقد قال وزير الخارجية العُماني أمام مؤتمر