لماذا تتسارع الخُطوات الانفتاحيّة والتطبيعيّة بين إيران والسعوديّة هذه الأيّام؟
إب نيوز2ذي الحجة1438هـ الموافق2017/8/25 :- صحافة عربية عبدالباري عطوان
لماذا تتسارع الخُطوات الانفتاحيّة والتطبيعيّة بين إيران والسعوديّة هذه الأيّام؟ وما هي العوامل الستّة التي تُحتّم التّقارب بين البَلدين؟ وهل نَرى روحاني بعد الصّدر في الرّياض قريبًا؟
تَشهد العلاقات السعودية الإيرانية تحسّنًا مُضطّردًا بسبب إدراك المَسؤولين في البلدين بأن التّصعيد والحَملات الإعلامية المُتبادلة، وقَطع كل أنواع الحِوار، تُعطي نتائج عكسيّةٍ مُكلفة.
إعلان السيد محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، مُوافقة الدّولتين على تبادل زيارات الدبلوماسيين، لتفقّد السفارات المُغلقة، ومَنح تأشيرات دُخول للقيام بهذه المُهمّة، يُمكن أن تكون بدايةً لتطبيع العلاقات، وتخفيف حِدّة التوتّر بالتّالي، تمهيدًا لإعادة فَتح السفارات المُغلقة منذ أزمة اقتحام السفارة السعودية عام 2016.
القيادة السعودية التي لجأت إلى التّصعيد ضد إيران، وأكّدت في أكثر من مُناسبة أنها لن تُعيد العلاقات معها، لأنّها مَحكومة من قبل نظام الولي الفقيه، وتُؤمن بعَودة المَهدي المُنتظر، كانت الأكثر مُبادرة في تخفيف حدّة التوتر، عندما أبدت مُرونةً غير مَسبوقةً في المُفاوضات المُتعلّقة بعَودة الحُجّاج الإيرانيين لأداء مَناسكهم، وإنهاء المُقاطعة، وأسقطت العديد من شُروطها في هذا الصّدد، مثل ضرورة حُصولهم على تأشيرات الحج من سفاراتها في دولٍ ثالثة، واستخدام شركات طيران غير الشركة الإيرانية، ومَنحت تأشيرات دُخول لحوالي عشرة دبلوماسيين إيرانيين للإشراف والسّهر على رعاية هؤلاء، وتذليل أي عقبات تقف في طريق أداء فُروضهم.
هذه المُرونة تتناقض كُليًّا مع التصريحات التي أدلى بها الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي في حِواره مع الزميل داوود الشريان في 3 أيار (مايو) الماضي، الذي اتهم فيه إيران بمُحاولة احتلال المناطق المُقدّسة في مكّة المكرمة والمدينة المنورة، وهدّد بالقيام بضربةٍ استباقيّةٍ تنقل الحرب إلى العُمق الإيراني، مُلمّحًا إلى احتمال “تثوير” الأقليّات العربيّة والأذريّة والبلوشيّة ضد النظام الإيراني.
***
السؤال الذي يَطرح نفسه بقوّة يتعلّق بأسباب هذا الانقلاب التدريجي في المَوقف السعودي تُجاه إيران، ومَيل القيادة السعودية إلى الانفتاح بشكلٍ مُتسارعٍ على “خَصمها” الإيراني؟
للإجابة على هذا السؤال لا بُد من التوقّف عند عدّة تطوّرات رئيسيّة نُوجزها في النّقاط التالية:
-
أولاً: فَشل المَشروع الأمريكي الذي كانت المملكة العربية السعودية لاعبًا رئيسيًّا فيه، أي إسقاط النظام في سورية، فبَعد سبع سنوات من الحرب تقريبًا، أدركت القيادة السعودية أن الرئيس السوري بشار الأسد بدعمٍ من روسيا وإيران وحزب الله، باقٍ في السلطة، وأبلغت حُلفاءها في المُعارضة السورية بهذهِ القناعة الجديدة.
-
ثانيًا: مُرور عامين ونِصف العام على انطلاق “عاصفة الحزم” في اليمن، وعدم تمكّن هذه العاصفة من إنجاز الهَدف الذي انطلقت من أجله، وهو هَزيمة التّحالف “الحوثي الصالحي”، وإعادة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى صنعاء.
-
ثالثًا: تراجع الإمكانيّات الماليّة السعوديّة الضّخمة التي كانت تُشكّل أقوى الأسلحة السعودية بسبب تراجع أسعار النّفط، وارتفاع تكاليف الحُروب بالنيابة التي تَخوضها في سورية واليمن التي استنزفت احتياطاتها.
-
رابعًا: صُدور قانون مُعاقبة الدّول الراعية للإرهاب الأمريكي “جستا”، والسّماح لأهالي الضحايا برَفع قضايا أمام المحاكم الأمريكية طلبًا للتّعويضات، وهُناك 25 دعوى قضائية مَرفوعة حاليًّا ضد المملكة العربية السعودية، ويُمكن أن تَصل التعويضات إلى أكثر من خمسة تريليون دولار.
-
خامسًا: إعطاء القيادة السعودية الأولويّة المُطلقة للحرب السياسية والاقتصادية التي تَخوضها حاليًّا ضِد دولة قطر، وبذلها جُهودًا لتحييد إيران في هذا الصّراع، وإبعادها عن الدّوحة مهما كلّف الأمر.
-
سادسًا: “البراغماتية” الإيرانية، والنّفس الإيراني الطويل، وترجمة هذه البراغماتيّة إلى مُرونةٍ سياسيّةٍ تُجاه السعودية، وترحيب طهران بأي خُطوةٍ سُعوديّةٍ نحو الحِوار وتَطبيع العلاقات.