المنظمات الطلابية واستغلالها لطلبة في الجزائر
من الجوائز
إب نيوز28ذي الحجة1438هـ الموافق2017/9/19 :- تُعتبر المنظمات الطلابية في كل دول العالم البوتقة الجامعة لطلبة في مختلف الجامعات الوطنية لتلك الدّول ومخرناً لكوادر والقيادات النقابية والحزبية المستقبلية، إذ أنَّ هناك الكثير من رؤساء الدول المتطورة كانوا أعضاء قياديين أو رؤساء تنظيمات طلابية وخاصة في فترة النضال الاشتراكي الشيوعي ضدَّ الامبريالية العالمية و تعمل تلك المنظمات الطلابية على حماية الطلبة والدفاع عن حقوقهم المشروعة سواء لدى مدراء الجامعات أو وزارات التعليم العالي والبحث العلمي وتكون تلك المنظمات في العادة الواجهة المشرفة لدولها في الخارج في المؤتمرات واللقاءات الشَّبابية والطلابية سواءٌ على المستوى الإقليمي أو الدولي، أماّ عندنا فالأمور تختلف كلية. فالتنظيمات الطلابية بمختلف مسمياتها و توجهاتها الحزبية والإيديولوجية والفكرية خرجت عن الإطار القانوني والتنظيمي المرسوم لها وأصبحت ذات طابع مادي ربحي مصلحي استغلالي. إذ أن القائمين عليها و الأمناء العامين لها قد حوَّلوها إلى شبه ملكية خاصة وعمروا فيها طويلاً لدرجة أن بعضهم قد ترك مقاعد الجامعة منذ أكثر من عقد أو عقدين من الزمن ومع ذلك لا يزال هؤلاء مستمرين في السَّيطرة على زمام تلك التنظيمات التي يرأسونها منذ مدة طويلة وإن كان كل قيادات تلك التنظيمات الطلابية في كل خَرجاتهم الإعلامية يدَّعون بأن تنظيماتهم ديمقراطية وبأن هناك شفافية في التَّسيير ولكن الواقع يخالف ذلك ويجانب الصواب ، وكذلك يعمل قادة التنظيمات الطلابية الجزائرية على إسكات الأصوات المعارضة لهم سواء على المستويات المركزية في اللجنة المركزية أو المؤتمر الوطني والمكتب السِّياسي أو على مستوى الولايات و داخل المراكز الجامعية، فكل من يخرجون عن سلطتهم من رفقاء الأمس يقومون بالانتقام منهم وتشويه سمعتهم إعلامياً إن استطاعوا إلى ذلك سبيلاً وتلفيق التُّهم لبعضهم البعض أسلوب معروف لدى قادة هذه التنظيمات بما يشبه حرب العصابات إلى حد كبير.
أمَّا الفساد الأخلاقي والمالي في تلك التنظيمات فحدث ولا حرج وهذا بشهادات موثقَّة لكثير من الطلبة والطالبات اللَّواتي يجدن أنفسهن بينَ أنياب أعضاء تلك التنظيمات والابتزاز العلني لهنَّ في مقابل مساعدتهن على اجتياز العام الدِّراسي بنجاح أو دفع مبالغ مالية في المقابل بالإضافة إلى استغلال مناصبهم في توظيف أقاربهم ومعارفهم ومن يوالونهم في مراكز إدارية وكأساتذة في الجامعات الجزائرية وهناك من انخرط علانية في عقد صفقات من بعض مدراء الجامعات و بعض مسئولي الوزارة الفاسدين، والإعلام الوطني قد تطرق إلى الكثير من تلك الممارسات سابقاً، وهناك من رؤساء تلك التنظيمات الطلابية من كانوا نواباً في البرلمان و لم يتركوا مناصبهم فيها إلاَّ بشقِّ الأنفس وهناك منهم من أصبحوا رؤساء أحزاب سياسية مستقلة…، وأما الميزانية السَّنوية التي تعطيها الدولة لتلك التنظيمات فلا يظهر لها أثر عيني إلاَّ في ارتفاع مستوى عيش هؤلاء القادة في تلك التنظيمات الطلابية الذين أصبح بعضهم وفي ظرف وجيز من الأغنياء ويمتلكون سيارات فارهة وحسابات بنكية ومحلات تجارية دون أن يسألهم أحد من أين لكم هذا؟ أمَّا فروع التنظيمات الطلابية داخل الإحياء الجامعية فتحولت إلى أداة ضغط لابتزاز مدرائها وكذلك المسئولين فيها حيث يقوم معظمهم بالمتاجرة بالمواد الغذائية التي تقتنيها تلك الإقامات الجامعية وبمبالغ باهظة لإطعام الطلبة وإعادة بيعها بأسعار مرتفعة تحت التهديد والوعيد لهؤلاء المسئولين الذين يضطر بعضهم إلى مسايرتهم خوفاً من غضبهم لأنهم سيقومون بشنِّ إضراب في الإقامة يستهدف المدير شخصياً وربما يؤدي إلى إقالته كما حدث في الكثير من المرات، بالإضافة إلى سيطرتهم على عدد كبيرٍ من الغرف داخل تلك الإقامات الجامعية التي يؤجِّرون بعضها لغرباء في مُقابل مبالغ مالية مجزية وهناك من حولَّ بعضها إلى دكاكين لبيع السجائر ومختلف حاجيا ت الطلبة إلى غيرها من المُمارسات التي تتمّ تحت سمع وبصر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي التي يفضل مسئولوها عدم الدُّخول معهم في صراعات سياسية جانبية يعرفون جيداً بأنهم سيخسرونها، لأن رؤساء تلك التنظيمات الطلابية يكونون في معظم الأحيان أعضاء بارزين في أحزابِ قوية ومهمَّة في البلاد، فسياسة المهادنة والمسايرة التي باتت الجهات الوصية تتعامل بها مع هذه التنظيمات الطلابية التي توظف سياسياً عادةَ في عمليات التَّحشيد والدَّعم لصالح مرشح أو جهة ما وخاصة في أوقات الحملات الانتخابية أدَّت في النهاية إلى استشراء البيروقراطية والفساد الكبير داخلها والضحية الوحيدة هي الطالب الجزائري الذي يجد نفسه بين رحى الظروف المزرية التي تعيشها مختلف الإقامات والجامعات الجزائرية و البيروقراطية الإدارية الكبيرة داخلها وبين سندان التنظيمات الطلابية التي تستغله من أجل تحقيق مصالح ذاتية نفعية شخصية، فإلى متى يستمر هذا الوضع يا ترى؟ وذلك وسط صمتٍ مطبق من الجميع وخاصة جمعيات المجتمع المدني والنخب المثقفة التي تبقى صامتةً خوفاً من أن يفتح عليها قادة التنظيمات الطلابية أبواب الجحيم إنّ فكرت تلك النخب في توجيه أصابع اللوم أو الانتقاد لهم، أو فضح ممارساتهم السِّلبية والوقوف مع المعاناة اليومية لطلبة في مختلف الجامعات الجزائرية.
عميرة أيسر-كاتب جزائري