المجازر المرتبكة ضدَّ الروهينغا والدعم الصهيوني المستمر ..
إب نيوز19محرم1439هـ الموافق2017/10/9 :-لم أكن أريد الكتابة عن موضوع مأساة الروهينغا المسلمين، والذين هم أحفاد التجار العرب الذين وصلوا إلى أواسط قارة أسيا واستقروا فيها مع الفتوحات التركية والمغولية وغيرها، فأصبحت هذه المنطقة الجيواستراتيجية من العالم والواقعة بين عدَّة دول مهمة كالصين والهند، وهي تقع ضمن حدود إقليم البنغال ولها حدود جغرافية كذلك مع لاوس وتايلاند، و سواحلها البحرية تصل إلى المحيط الهادي وكذلك خليج البنغال، وتاريخياً كانت بورما أو ميانمار مُحتلة من طرف الاحتلال البريطاني الذي كان يسيطر على أجزاء واسعة من القارة الاسياوية ويحتل دولة بحجم قارة، وهي دولة الهند التي كانت بورما مقاطعة تابعة لها حتى 1 أبريل/ نيسان 1937 عندما تمَّ إجراء استفتاء بها حصلت بموجبه على نوع من الحكم الذاتي سنة 1940، و بعدها بسنوات تمَّ إنشاء” جيش بورما للاستقلال” وذلك لتحررمن نير الاحتلال البريطاني، وهو الجيش الذي كانت نواته عبارة عن تجمُّع لمقاتلي “ميليشيا الرفاق الثلاثون” ونالت استقلالها بالكامل سنة 1948 بعد كفاح مرير وتعنت ومناورات سياسية عدَّة من البريطانيين من أجل منع الاستقلال الكامل لبورما، والشعب البورمي هو خليط من عدَّة قوميات و أعراق ومنهم الهنود والصينيون والبنغلادشيون والبوذيون، وجماعات الكاشين والاركان، وتعيش في القسم الجنوبي من الدولة وينتشر بينها الإسلام بشكل واسع والدولة البورمية متكونة من عدَّة أقاليم جغرافية، ووحدات سياسية تصنَّف كولايات تابعة لسُّلطة المركزية في عاصمة البلاد والتي تعرف باسم “نايبيداو” ومنها ولاية كاران وكابا، وشان وشن…، وأقلية الروهينغا المسلمة تعيش في مرتفعات أقاليم جبلية تقع في الجزء الجنوبي من البلاد، وعانت طوال عقود من الاضطهاد والاستغلال من طرف الجماعات الدينية البوذية، وكذلك من طرف الأنظمة السِّياسية الديكتاتورية التي حكمها النظام العسكري بشكل مباشر، أو غير مباشر عن طريق تعيين رؤساء ولائهم لقادة الجيش البورمي الذي يرتكب منذ سنوات مجازر مروعة في حقهم، أدانها العالم أجمع، وبطرق وحشية غير مسبوقة في التَّاريخ الإنساني كله.
الذبح والقتل والاغتصاب وحرق الناس أحياء، وتمزيق جثثهم وتصوير تلك الجرائم مباشرة، ونقلها إلى العالم أجمع دون حياء أو خجل،.فهذه الأفعال الوحشية لقيت الاستحسان والدَّعم من الآلة السِّياسية والأمنية الصهيونية حيث أشارت عدَّة تقارير صحفية وإعلامية وكذلك إستخباراتية إلى الدعم الصهيوني لجيش البورمي عن طريق تزويده بدفعات متواصلة من الأسلحة. فحسب صحيفة هآرتس العبرية فإن السُّلطات الإسرائيلية وعلى نطاق واسع وكذلك وزارة الدفاع لا تزال تواصل بيع السِّلاح المتطور إلى سلطات بورما رغم الحظر الأمريكي الأوروبي المفروض عليها، وفي مقال لكاتب الصهيوني” جون براون” بعنوان مع” تصاعد العنف، إسرائيل تواصل بيع السلاح لميانمار” ذكر فيه عدًّة تفاصيل مهمة منها أن الجنرال البورمي”مين أونغ هيلين” بعقد صفقات سلاح ضخمة مع تل أبيب، وذلك خلال زيارته لإسرائيل بتاريخ سبتمبر/ أيلول عام 2015، فالمجازر المروعة التي حصدت أرواح أكثر من 500 ألف شخص في إقليم أركان من أقلية الروهينغا المسلمة، والتي تعتبر جرائم تطهير عرقي يجب أن يمثل مرتكبوها أمام محكمة العدل الدولية بما فيها رئيسة الوزراء المتواطئة مع القتلة في الجيش البورمي” أون سان سوشي” والتي أصبحت أول رئيسة وزراء في تاريخ البلاد تُنتخب بطريقة ديمقراطية في الانتخابات التي جرت بتاريخ تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، والحاصلة على جائزة نوبل للسَّلام والتي رفضت لجنة الجائزة سحبها منها رغم المُناشدات والعرائض الدولية تحت ذرائع، وحجج سخيفة وغير منطقية، وهي التي عانت في الماضي من السِّجن والاضطهاد على يد جنرالات الجيش البورمي المجرمين، إسرائيل والتي بدورها رفضت إدانة تلك المجازر أو حتى التفكير بوقف التعاون الأمني والعسكري بين البلدين، ونقلاً عن موقع ” The Irrawaddy” الإلكتروني المتخصص في أخبار مينامار وجنوب شرق أسيا، فإن المُحامي الصهيوني” أيتاي ماك” ذكر بأن الحكومة الإسرائيلية بتاريخ 15مارس/آذار بعثت برسالة إلى المحكمة العليا، وذلك للرد على مطالبات الحقوقيين لها بوقف دعم البورميين بالسِّلاح لارتكاب المزيد من المجازر ضدَّ الروهينغا المقيمين في ولايتي شان وكاشين، وذكر بأن الردَّ أتى من قبل الحكومة الإسرائيلية بالسَّلب، وحيث ذكرت في ردها بأن توريد الأسلحة لدولة مينامار هي مسالة سياسية خارجية تتجاوز صلاحيات القضاء والمحكمة العليا الصهيونية، فإسرائيل التي تتماهى في هذا الموقف مع الولايات المتحدة الأمريكية التي رفضت بدورها إدانة الجرائم البشعة المرتبكة ضدَّ الروهينغا أو توجيه اللوم أو الانتقاد لسلطات السِّياسية أو الأمنية فيها، انتهاج سياسة التطهير العرقي المُمنهج والإبادة الجماعية والتهجير نحو دول الجوار أصبحت ممارسات يومية تقوم بها السُّلطات البورمية وبشكل متكرر. حيث فر أكثر من 600 ألف من أقلية الروهينغا المسلمة نحو بنغلاديش وسقط الكثير منهم شهداء تحت نيران الجيش البورمي أثناء هروبهم من الحدود المشتركة بين الدولتين.
إسرائيل التي ارتكبت ولا تزال جرائم مروعة بحق الشعب الفلسطيني لا يهمها أن ترتكب دولة عنصرية غيرها نفس الجرائم بحق أقلية عرقية من شعبها، وخاصة إذا كانوا مسلمي الدِّيانة.، وذلك لأن الإستراتيجية الدينية لصهاينة تقوم على إقصاء وإلغاء كل من يقف ضدَّ مُخططاتها الجهنمية لإبادة كل الشعب الفلسطيني، وكل شعوب المنطقة العربية، فهي ترى في النظام البورمي كما رأت في أنظمة قمعية و دموية كثيرة وذلك في فترات تاريخية متعاقبة، حلفاء موثقين يمكن أن يكونوا داعمين لها، داخل أروقة مُختلف المنظمات الأممية والدولية مادام أن دول المنظومة الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية تبقى صامتة، مادام أن الضحايا ليسوا أوروبيين أو صهاينة، أماَّ العرب والمسلمين وغيرهم فلا أهمية لهم عند القوى الامبريالية، إذا كان وجودهم يعيق مصالحهم الاقتصادية والسِّياسية في النهاية.
عميرة أيسر-كاتب جزائري