الصفعة البالستية التي تلقتها السعودية مؤخرا دفعتها لفرض الحصار، توجسا من ضربات أخرى موجعة ..
إب نيوز29صفر1439هـ الموافق2017/11/18 :- الضربة الصاروخية اليمنية على مطار الملك خالد بالرياض احدثت تداعيات واسعة، أثرت على الملف اليمني على مستويات عدة إنسانية وسياسية وعسكرية، وبنفس الحدة الانفعالية التي أبداها النظام السعودي عند اعتقال امراء ومسؤولين عشية الضربة، ارتكبت طائراته الحربية على مدى أسبوعين منذ الضربة أكثر من عشر مجازر في مناطق مختلفة من اليمن، علاوة على إغلاق المنافذ بشكل كامل أمام دخول البضائع والمساعدات، وفي وسط المطالبات الدولية والحقوقية بفتح تلك المنافذ جاء الرد بقصف برج التوجيه الملاحي في مطار صنعاء، غير أن واقع الميدان العسكري يذهب لصالح قوات الجيش واللجان الشعبية، التي تتفوق على القوات الموالية للتحالف في كل الجبهات.
السعودية تشدد إجراءات الحصار
وفيما يواصل التحالف الذي تقوده السعودية إغلاق المنافذ اليمنية، رافضًا الدعوات الأممية وتحذيرات المنظمات التابعة لها من تداعيات الحصار الشامل على اليمن، أكد مصدر بميناء الحديدة أمس الخميس أن قوات العدوان منعت دخول السفن المحملة بالمشتقات النفطية المتجهة الى ميناء الحديدة لتفريغ حمولتها، وأفاد المصدر ان السفن لا تزال محتجزة في جزيرة الطير، رغم أنها خضعت للتفتيش.
وفيما يبدو إمعانًا في جعل اليمن سجنًا كبيرًا وإصرارًا على رفض مطالبة الأمم المتحدة بإعادة فتح منافذ اليمن بشكل فوري، قصفت طائرات التحالف قبل يومين مركز الملاحة بمطار صنعاء؛ ما أدى لإخراجه تمامًا من الخدمة، وبالتالي عجزه عن استقبال حتى رحلات تابعة للأمم المتحدة.
وقالت الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد في بيانها أول أمس إن طيران التحالف استهدف مطار صنعاء؛ ما أدى “إلى تدمير كلي لمنظومة جهاز الإرشاد الملاحي؛ بهدف إخراج التجهيزات الملاحية عن الخدمة، وبالتالي إيقاف الحركة الوحيدة الموجودة في مطار صنعاء، وهي رحلات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الخاصة بالمساعدات والإغاثة الإنسانية”.
تلك المعطيات تقود إلى أن التحالف الذي تتزعمه السعودية لا يزال مصرًّا على إطباق الحصار على اليمن شماله وجنوبه، تحت ذريعة إيقاف تدفق الصواريخ الإيرانية إلى اليمن، في حين أن قواته تشرف على كل السفن التجارية والإنسانية التي تصل إلى موانئ اليمن منذ مارس 2015م.
وبالرغم من تأكيدات روسية وأخرى لخبراء عسكريين تفيد بأن الصواريخ التي تضرب بها قوات الجيش واللجان الشعبية أهدافًا داخل السعودية ليست إيرانية، بل روسية الصنع، إلا أن السعودية كما يبدو تتمسك بهذا الاتهام؛ لتبرر ردة فعلها التي تستهدف المدنيين، سواء الضربات الجوية على أهداف سكنية، أو الحصار الشامل.
خارجية صنعاء تعاتب جامعة الدول العربية
استنكر وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ بصنعاء هشام شرف ما أسماه محاولات الرياض لخلق مواجهة لإيران في اليمن، وأضاف “يمكن تفهم حالة القلق لدى السعودية تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهذا شأن يخص المملكة وحلفاءها، إلا أن محاولات الرياض المتكررة لجر جامعة الدول العربية وأعضاء فيها للدخول في مواجهة مباشرة مع طهران سياسيًّا وإعلاميًّا، والتي قد تتطور عسكريًّا تأتي في نفس السياق الذي ورطت فيه الرياض عددًا من الدول حليفاتها للعدوان العسكري على اليمن تحت ذريعة إعادة الشرعية، بينما هي محاولة عقيمة لخلق مواجهة مع طهران باليمن”.
الوزير اليمني هشام شرف في رسالته إلى الجامعة العربية أمس هاجم ما أسماه بـ”دولة العدوان السعودية”، وقال في سياق توصيفه لرد الفعل السعودي بعد ضربة مطار الرياض: بدلاً من استيعاب الرسالة التي حملها الصاروخ اليمني عمدت السعودية إلى إجراءات عقابية جماعية، تمثلت بالإغلاق التام لكافة المنافذ البرية والبحرية والجوية ومضاعفة معاناة الشعب اليمني ومنع المنظمات الإغاثية والإنسانية الدولية من القيام بأعمالها، بل وصعدت ذلك بضربات جوية استهدفت التدمير الكلي لمنظومة جهاز الإرشاد الملاحي في مطار صنعاء؛ بغية عدم تمكين الطائرات الأممية وشحنات المساعدات الإغاثية والإنسانية من الهبوط بأمان وسلامة في المطار، واعتبر أن الضربة الصاروخية هي حق دفاعي مشروع في كل المواثيق والمعاهدات الدولية، مستغربًا من ادعاءات السعودية أن الصاروخ إيراني.
كما أبدى وزير الخارجية في حكومة صنعاء استغرابه من صمت الجامعة العربية على ما يتعرض له الشعب اليمني من عدوان وحصار، ودعا هاشم شرف إلى تحمل المسؤولية الإنسانية والأخلاقية تجاه ما يجري في اليمن وإرسال بعثة تقصي حقائق؛ للاطلاع عن كثب على حقيقة ما يحدث على أرض الواقع، والالتفات إلى ما تعانيه الجمهورية اليمنية منذ ما يقارب الألف يوم من العدوان العسكري والحصار الشامل برًّا وبحرًا وجوًّا.
وزير الخارجية اليمني هشام شرف لفت إلى أن اليمن وفقًا لتقارير الأمم المتحدة تشهد أسوأ كارثة إنسانية بالعالم في العصر الحديث، وقد تصل إلى حد المجاعة لأكثر من ثلثي الشعب، مع تدمير ممنهج لكافة البنى التحتية ومقدرات الشعب اليمني الخدمية والاقتصادية، وهناك ما يقارب العشرين ألف قتيل جلهم من الأطفال والنساء وكبار السن، بالإضافة إلى خمسين ألف جريح، استهدفتهم طائرات تحالف العدوان، معتبرًا ذلك انتهاكًا لكافة المواثيق والاتفاقيات الدولية والقانون الإنساني الدولي والقيم والأعراف الإنسانية.
واستشهد الوزير شرف باستهداف طائرات التحالف مناطق سكنية مدنية وتدميرها على رؤوس ساكنيها، متعمدة شن غاراتها في أوقات الذروة على الأحياء المدنية والشوارع التي تحوي العديد من المدارس والمارة، ونوه بأن ترويع الأطفال يعتبر سياسة تدمير واضحة لنفسية الأجيال القادمة.
ضغط أممي وحقوقي لفتح المنافذ
دعوات أممية متكررة طالبت بإعادة فتح المنافذ اليمنية، حيث قال مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في بيان له الثلاثاء الماضي “ندعو إلى إعادة فتح حدود اليمن البحرية والجوية والبرية على سبيل الأولوية لاستئناف توفير الإمدادات التجارية والإنسانية وحركة عمال الإغاثة”، كما أكد منسق الشؤون الانسانية في اليمن جيمي ماكغولدريك أن إغلاق المنافذ اليمنية أدى إلى تعطيل الإمدادات الحيوية لما يقارب 27 مليون يمني معرضين للخطر، محذرًا من أن تتحول الأزمة الإنسانية في اليمن إلى كارثة.
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت رفضها لشروط التحالف لإعادة فتح منافذ اليمن، وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة، إن معبر الوديعة البري في محافظة حضرموت، وميناء عدن البحري، هما الوحيدان المفتوحان أمام الواردات التجارية، لافتًا إلى أن ميناء عدن غير مزود بإمكانيات استقبال شحنات تجارية وإنسانية.
على وقع ذلك أطلق رؤساء وكالات إنسانية تابعة للأمم المتحدة مناشدة جديدة أمس الخميس للتحالف الذي تقوده السعودية، تدعو لرفع الحصار المفروض على اليمن، ولفتت المناشدة إلى أن آلافًا لا تعد ولا تحصى من الضحايا الأبرياء بينهم كثير من الأطفال سيموتون ما لم تصل شحنات المساعدات، وفي ذات الاتجاه أكد رؤساء برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) ومنظمة الصحة العالمية في بيان مشترك أن نحو مليون طفل مهددون بالإصابة بالدفتيريا حتى إذا رفع الحصار جزئيًّا، بينما يقترب نحو 3.2 مليون شخص آخرين من شفا الجوع.
وفيما كان التحالف قد ادعى أنه خفف الحصار، كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش الثلاثاء الماضي أن إعلان التحالف السعودي تخفيف الحصار الشامل على اليمن ادعاءات غير صحيحة، داعية مجلس الأمن الدولي لفرض عقوبات على معرقلي وصول المساعدات إلى اليمنيين.
وقالت “كريستين بيكيرل” من قسم الشرق الأوسط بالمنظمة إن “السعودية حاولت اليوم إقناع الجميع بأن التغييرات التي أدخلتها على الحصار الشامل على مرافئ اليمن الأرضية والجوية والبحرية تقدم إنساني ملموس، وهذا ليس صحيحًا”، معتبرة الحصار الشامل انتهاكًا للالتزامات القانونية.
سيناتور أمريكي يعلق على الحصار السعودي
اعتبر السيناتور الأمريكي “كريس ميرفي” عضو مجلس الشيوخ بالكونجرس عن الحزب الديمقراطي قصف التحالف منظومة الإرشاد الملاحي بمطار صنعاء ليخرج عن الخدمة عملاً بربريًّا، وقال ميرفي في تغريدات له على تويتر “لقد أخرج التحالف الأمريكي السعودي مطار صنعاء عن الخدمة. الآن لا إغاثة إنسانية ستذهب إلى اليمن عبر الجو، هذا عمل بربري”. وفي سياق هجومه على السعودية أكد ميرفي أن الولايات المتحدة تستطيع إنهاء الحرب على اليمن التي وصفها بالكابوس إن أرادت بلاده ذلك، واضاف “لولا مساعدة الولايات المتحدة للسعوديين لما شهدت اليمن كل هذا الرعب الذي يحدث”. منوهًا بأن الدعم الأمريكي للتحالف جعل واشنطن متواطئة فيما وصفه “الكابوس الإنساني” في اليمن.
بريطانيا مع فتح المنافذ.. ولكن
من جهته دعا المتحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية إدوين سموأل أمس الخميس كافة الأطراف في اليمن لضمان السماح فورًا بدخول الإمدادات التجارية والإنسانية إلى المدنيين المتضررين من الحرب، مطالبًا بالوقوف أمام خطر المجاعة الذي يواجهه ملايين اليمنيين المدنيين. المتحدث البريطاني، الذي عبر عن قلقه إزاء خطر التدهور الخطير بالوضع الإنساني في اليمن، دعا إلى استئناف رحلات الأمم المتحدة فورًا وإعادة فتح ميناء الحديدة.
غير أنه في المقابل عبّر عن مشاطرة لندن الرياض قلقها إزاء التهديد الأمني الذي تشكله القذائف الباليستية، كتلك التي أطلقت في الرابع من نوفمبر الجاري، معربًا عن تفهم بلاده حاجة السعودية إلى اتخاذ إجراءات لوقف تدفق الأسلحة المتطورة إلى اليمن، وقال “يجب على جميع الدول بذل الجهود لتنفيذ حظر توريد الأسلحة الذي دعا إليه قرار مجلس الأمن رقم 2216، مع ضمان أن تكون الإمدادات التجارية والإنسانية الحيوية قادرة على الوصول إلى الشعب اليمني في الوقت نفسه”.
شارك الموضوع مع اصدقائك
المصدر وكالات