حصاد لعام 2017 ( اليمن ) .. أرقام وأحداث . ما
أبت السعوديةُ إلا أن تَخْتِمَ عامَ اليمنيين بصورة وحشية ركيزتُها الأشلاءُ ورائحةُ الدمُ النازفُ من الأَطْفَال والنساء، المجازر وعمليات القتل الممنهج التي ترتكبُها قواتُ التحالف الذي تقوده الرياض بحق الشعب اليمني سجّلت تصاعداً قياسياً، منذ سقوط مُخَطّط الفتنة مطلع شهر كانون الأول/ دِيسمبر، حيث استهدفت الأسواقَ والمنازلَ والمزارع والمنشآت الحيوية المدنية، مصحوباً بحصار بري وبحري وجوي خانق، وسط صمتٍ مطبق للأُمَـم المتحدة والمنظمات والمجتمع الدولي.
أَكْثَر من 400 شهيد وجريح حصيلةُ مجازر العدوان في النصف الأخير من الشهر الأخير من العام الجاري، توزّعت على عدة محافظات، حيث بلغ إجمالي الشهداء والجرحى في ثلاث جرائم حرب في محافظة تعز وحدَها أَكْثَرَ من 150 مواطناً، غالبيتهم سقطوا إثر استهداف سوق شهرة بالتعزية، في حين استشهد تسعةُ مواطنين وجُرح خمسةَ عشَرَ آخرون في قصف سوق النجيبية في الهاملي، كما استشهد ثلاثة آخرون في قصف مدرسة بمنطقة الوجيز بمديرية موزع.
العامُ الثالثُ للعدوان يكادُ يكتمِلُ، ووتيرةُ القصف وارتكاب المجازر في ارتفاع، حيث بلغ معها عددُ الضحايا أَكْثَرَ من خمسةٍ وثلاثين ألفَ شهيد وجريح نصفُهم من الأَطْفَال والنساء. وتفشَّت الأوبئةُ الفتَّاكةُ بين السكان هذا العام، فجاوز عددُ المصابين بالكوليرا عتبةَ المليون وتفاقم الوضع الإنْسَاني بعد اعتماد العدوان أَكْثَرَ فأَكْثَرَ على الحصار والتجويع وإقفال المنافذ اليمنية أمام المساعدات الخارجية وجهود الإغاثة الدولية، دافعاً الملايينَ من السكان المعتمدين كلياً على تلك المساعدات إلى حافة الهلاك، فغدا الوضعُ في اليمن أَكْبَرَ كارثة إنْسَانية يشهدُها العالَمُ، بحسب المنظمات الدولية.
المجازرُ الدموية التي أثقلت كاهلَ اليمنيين لم تَحُطْ من عزيمتهم، وصمود أَكْثَر من ألف يوم في وجه آلة القتل السعودية لم يمنعهم من مواصَلة التصدّي الميداني في جبهات الداخل وما وراء الحدود، وكذلك استهداف العُمق السعودي بالصواريخ البالستية، وفرض معادلات جديدة على دول العدوان وعلى رأسها السعودية والإمَارَات، فـ ”السن بالسن والجروح قصاص”، معادلةٌ أطلقها قائدُ أنصار الله السيد عَبدالملك الحوثي في خطاب بذكرى مرور ألف يوم على العدوان، يوم 19-12-2017.
بالأرقام.. ضحايا وخسائر
بلغ عددُ الضحايا المدنيين جَرَّاء العدوان السعودي الأمريكي على اليمن خلالَ 1000 يوم 13.603 شهداء، بينهم 2.886 طفلًا، 2027 امرأة، فيما بلغ عدد الشهداء من الرجال 8.689 رجلًا. وتخطى عدد الجرحى الـ 21.812، بينهم 2.722 طفلاً، و2.233 امرأة، 16.857 رجلًا، فيما تجاوز عددُ النازحين مليونين وستمائة وخمسين ألفاً.
عدد المنازل المدمرة والمتضررة جراء قصف العدوان بلغ 409.356، كما دمر العدوان 826 مسجدًا، وعدد المدارس والمعاهد التعليمية المتضررة 827 مدرسة ومعهدا، و118 منشأة جامعية، و30 منشأة إعْـلَامية.
وفي جانب البُنَى التحتية والمنشآت الحكومية والخدمية المتضررة من قصف العدوان، استهدف العدوان 301 مستشفى ومرفق صحي و1.684 منشأة حكومية و174 محطة ومولد كهرباء، و524 خزانًا وشبكة مياه، و387 شبكة ومحطة اتصالات، و106 منشآت رياضية.
وبلغ عدد المعالم الأثرية التي استهدفها العدوان 211 معلماً، و255 منشأة سياحية، واستهدف العدوان 15 مطارًا، و14 ميناءً، و2.144 طريقًا وجسرًا، واستهداف 3.378 وسيلة نقل، و548 ناقلة غذاء، و251 ناقلة وقود. أما عدد المنشآت التجارية المستهدفة بلغ 6.393 منشأة، و2.256 حقلًا زراعيًا، و593 سوقًا تجاريًّا، و300 مصنع، و337 محطة وقود، و692 مخزن غذاء، و245 مزرعة دواجن ومواشي.
في حين توفي مئات الآلاف من اليمنيين نتيجةَ الحصار الاقتصَادي المفروض على اليمن وقصف المنشئات الصحية في البلاد. وأكدت وزارة حقوق الإنْسَان في 29 آب/ أغسطس الماضي أن عددَ المدنيين الذين توفوا جراء العدوان والحصار بلغت 247 ألفَ مواطن؛ نتيجةَ انعدام الأدوية وانتشار الأوبئة وسوء التغذية وأمراض الفشل الكلوي.
الكوليرا.. مليون مصاب
في 21 كانون الأول/ ديسمبر، وصل عددُ المصابين بالكوليرا إلى مليون حالة شكل الأَطْفَال قرابة ثلثهم، والوفيات تجاوز الـ 2.200 حالة من بدء تفشّي المرض في 27 نيسان/ أبريل من العام 2017، حسب منظمة الصحة العالمية، في حين يعاني أَكْثَر من 80% من السكان من نقص الغذاء والوقود والمياه النظيفة والرعاية الصحية. وبات وباء الكوليرا بات متفشيًّا الآن في 92% من إجمالي مساحة اليمن، ويُعتبَرُ هذا التفشّي الأَكْبَرَ على الإطْلَاق لوباء في سنة واحدة.
كما شهد اليمن هذا العام تزايداً سريعاً في تفشّي مرض الدفتريا في 18 من محافظات اليمن الاثنتين والعشرين. والدفتريا مرضٌ شديدُ العدوى، ولكن تمكن الوقايةُ منه بسهولة عبر اللقاح.
المجاعة.. طفلٌ يموتُ كُلّ 10 دقائق
وفق الأرقام التي نشرتها منظمة الأُمَـم المتحدة ومنظمات دولية، دخل اليمن في العام 2017 رسميًّا في دوامة الجوع والمجاعة، وتشيرُ التقديراتُ الأُمَـمية إلى أن نحو سبعة ملايين يمني يعانون للحصول على الغذاء، وأن 14 مليوناً يَشْكُون بشكل عام من انعدام الأمن الغذائي، وأن الأمر يتفاقم جراء استمرار العدوان والنزوح وانهيار القطاع الزراعي والنظام الصحي.
19 مليون يمني من أصل 26 مليوناً غير قادرين على إطعام أنفسهم، وقرابة نصف مليون طفل يعانون من سوء تغذية حاد، وأَكْثَر من 7 ملايين نسمة بحاجة ماسة لمساعدات غذائية عاجلة، وفي كُلّ 10 دقائق يموت طفل في اليمن بفعل الجوع، وتقدر الاحتياجات المالية لمعالجة مشكلة الجوع التي تركزت في محافظات الحديدة وتعز وصعدة وحجة ومأرب وحضرموت بـ 2.1 مليار دولار.
الميدان.. جبهات وصمود
ميدانياً، واصل الجيش اليمني واللجان الشعبية تصدِّيَه للعدوان على جبهات الداخل وجبهات ما وراء الحدود، فنفذت مئات العمليات النوعية الهجومية والدفاعية، موقعةً خسائرَ فادحة في الأرواح والعتاد في صفوف قوى التحالف السعودي، التي لم تحقق أيَّ تقدم حقيقي على الأرض.
وبحسب إحصاء صادر عن وزارة الدفاع اليمنية، تم تدميرُ أَكْثَر من ألف ومائتي دبابة ومدرعة معادية، وإسقاط خمس وثلاثين طائرة متنوعة، واستهداف 12 قطعة بحرية، ومقتل وجرح الآلاف من جيوش العدوان ومرتزقته في عموم الجبهات.
البالستي.. يؤرِّقُ الرياض
وفي تطوّرٍ ميداني لافت، أعلنت القوة الصاروخية اليمنية يوم 19 كانون الأول/ ديسمبر إطْلَاق صاروخ باليستي على قصر اليمامة في الرياض، وتعدّ هذه ثاني مرة في العام 2017 يصل فيها صاروخٌ أطلق من اليمن إلى كُلّ هذه المسافة، بعد صاروخ بلغ مداه 750 كيلومتراً، كان قد استهدف مطار الملك خالد في الرياض في الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
كما أطلق اليمنيون صاروخاً باليستياً بعيدَ المدى يوم 22 تموز/ يوليو على مصفاة لتكرير النفط في محافظة ينبع السعودية، وأعلنت القوة الصاروخية اليمنية أن الصاروخ أصاب هدفه وأحدث أضراراً مادية بالغة.
وعلى خط استهداف الإمَارَات، أعلنت القوة الصاروخية اليمنية ظهر يوم الأحد 3 كانون الأول/ ديسمبر، عن إطْلَاق صاروخ مجنَّح من نوع “كروز” على مفاعل براكة النووي في أبو ظبي.
وقبل هذه التواريخ، أطلقت القوةُ الصاروخيةُ اليمنية ما يقارب 77 صاروخاً بالسيتياً على الأراضي السعودية وفقَ اعترافات “التحالف”.
كما دشّن رئيس المجلس السياسي الأعلى القائد الأعلى للقوات المسلحة، صالح الصماد، في الـ6 تشرين الثاني/ نوفمبر، منظومة المندب الصاروخية البحرية. كذلك كشفت وحدة التصنع العسكري عن إنجازات عديدة كان أبرزها عدد من الصواريخ والقناصات.
فتنة صنعاء
بعد أحداث جامع الصالح في صنعاء خلال الاحتفال بذكرى المولد النبوي نهاية شهر تشرين الثاني، وقع الرئيس السابق علي عبدالله صالح في فخّ العدوان، مُصْدِراً “البيان رقم واحد” في مواجهة اللجان الشعبيّة ودَعم العدوان بعد أن دعا سابقاً إلى النفير لمواجهته، لتبدأ معاركُ صنعاء التي شهدت دعماً عسكريًّا سعودياً وإسناداً جوّياً غير مسبوق، فاق الدعمَ الذي تقدّمه السعوديّة لقوّات عبدربه منصور هادي في مختلف الجبهات، في شاهد يؤكدُ حقيقة التآمر مع قوى العدوان.
حساباتُ حقل صالح والعدوان لم تطابق حساب بيدر اللجان الشعبية في صنعاء، فقتل صالح يوم الرابع من كانون الأول/ ديسمبر خلال محاولته الفرار من العاصمة، وقال قائد أنصار الله السيد عَبدالملك الحوثي يومَها في كلمة متلفزة “اليوم استثنائي وعظيم وهو يوم سقوط المؤامرة الخطيرة التي استهدفت أمن الشعب اليمني واستقراره”.
مبادراتٌ فاشلة
وعلى مدار العام، شهدت كافة المبادرات السياسية التي قدّمها المبعوث الأُمَـمي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، فشلًا ذريعًا؛ نتيجةَ إصرار العدوان على فرض إرادته على اليمنيين، والانحياز الوسيط الواضح للسعوديين، الذي تسبب في توقف المفاوضات وانسداد تام في الأفق السياسي للأزمة خلال عام 2017م.
ولم تسفر المبادرات عن أي تقدم أَوْ حلٍّ وإنْ جزئياً للأزمة، والتي كان آخرها خارطة الطريق التي تنُصُّ على تسليم ميناء الحديدة لطرف ثالث محايد، والاتفاق على تحييد الملف الاقتصَادي لصرف مرتبات موظفي الدولة المتوقفة منذ ثمانية أشهر.
2018..السعودية والإمَارَات ليستا في مأمن
ورغم استمرارِ العدوان على اليمن من قبَل تحالف تقوده السعودية، يؤكد اليمنيون على مواصَلة التصدّي له، بكل الإمْكَانات المتوافرة، وتشدِّدُ القيادةُ العسكريةُ للجيش واللجان الشعبية على أن المنشآتِ العسكريةَ والحيويةَ في السعودية والإمَارَات لن تكونَ بمأمن عن الصواريخ الباليستية اليمنية، وبات لزاماً على الرياض أن تجدَ مخرجاً لحربها العدوانية، خصوصاً مع تصاعد الاحتجاجات الغربية على مستوى صُنَّاع القرار على استمرارها، وتسببها بالعديد من المجازر، التي ترقى لمستوى جرائم حرب تمارِسُها دول العدوان بحق شعبٍ أعزل.