هذا حال واقع اليمن … فتدبروا ثم اعتبروا …
إب نيوز 10 يناير
إنه منطق السماء، إنه المنطق الإلهي المقدس، إنه المنطق الذي يستوجب تدخل سكان السموات في شؤون أهل الأرض بشكل مباشر، إنه منطق الإستضعاف المبارك، الذي لا راد له، بعد أن يمن به المولى تعالى على بعض خلقه المظلومين، الذين أبوا إلا أن يعيشوا في دنياهم مع رداء العزة وجلباب الكرامة، وسقو في سبيل ذلك أراضيهم بدماء الشهادة المقدسة .
*{{{ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ }}}* القصص آية 5 .
نعم … هناك ملحمة مباركة تسطر في أرض تسمى اليمن، وتمتاز هذه الملحمة بحاكمية فلسفة خاصة على مجريات أحداثها، ومازالت عقول الكثير قاصرة على دركها، فكيف يدركونها وقلوبهم مازالت بعيدة عن منابع العشق المقدس، وكيف يدركونها وهي فلسفة يجب أن تعاش وتلمس حقائقها بالأفئدة والقلوب قبل أن تتمكن من ردك مفاهيمها الأذهان والعقول .
إن كلامي هذا…. ليس نظم كلمات، ولا هو نسج مفردات، بل هو حقائق واقعية يمكن استلال مفرداتها ومفاهيمها، من نوع حركة والمواقف التي تسطر من قبل رجالات وحرائر اليمن، الذين ركبوا بعد أن حزموا شتات دنياكم ليسوقوا كيانهم نحو عين العشق المقدس، التي هي الأخرى إذا ما شربوا منها فارقوا دنياكم المتعفنة بالأنانية .
وإن هذه الفلسفة التي أتحدث عنها، قد ترجمت سابقا في بعض الأوطان، وقلة من الناس من فهمها، ثم عملوا على تعلمها، وهي نفسها نراها اليوم تترجم بجميع مفرداتها على أرض اليمن، والتي هي في حقيقتها ترتكز على ثلاثة أسس إنسانية دينية :
العزة
الإباء
التضحية
فالعزة بالحق هي من أركان المحتوى الداخلي لبني الإنسان في عالم الدنيا، ولن يكتمل هذا الركن إلا إذا اكتمل بالموقف الذي يحكمه الإباء، الذي يوصل هو الآخر صاحبه إلى التضحية بكل ذي قيمة دنيوية وعلى رأسهم الإبن والأخ والزوجة والبنت والأخت ثم النفس .
فهذه الأسس الثلاثة، إذا ما اجتمعت في كيان فرد من بني الإنسان، وسرت ثم حكمت في كيانات الشعب أو المجتمع الواحد، وكان هذا الشعب أو المجتمع فاقدا للمقومات المناسبة للدفاع عن نفسه وعن أهدافه، فعندها سيصدق عليه أنه شعب مستضعف، وعندها سوف تفتح السماء أبوابها لتتدفق أنهر المن الإلهي، ويتفاعل ثم يحكم في أرضهم منطق الإستضعاف، الذي ستستجيب له سكان السموات وهي معتزة بأهل تلك الأرض، فتتحقق مع ذلك محلمة إنسانية تحار فيها عقول العقلاء، ويعجز عن تفسير فلسفة سيرها أغلب الحكماء .
وهنا أدعوا جميع بني الإنسان عموما وأحرارهم خصوصا، للتأمل في محلمة اليمن، والتدبر في نوع حركة ومواقف رجالاته ونسائه، لتدركوا كيف أن السنين وما حملته لهم من شدائد عظيمة ومزلزلة، لم يفرطوا في هذه الأسس الثلاثة .
وكذلك لتدركوا أن الشعب اليمني الحر، قد صار في الركب المتجه نحو عيون العشق المقدس، بعد أن عايش ورسخ فلسفة الإنسان الحر في محتواه الداخلي ولتدركوا أخيرا، أن سماء اليمن قد فتحت فيها ابواب المن الإلهي، ليحكم أرضها منطق الإستضعاف .
والشعب او الجماعة التي يكون حالها هكذا، فثقوا :
أولا : أن النصر ليس فقط حتميا لهم، بل نصرهم سيكون عظيما وهو مصداق لمفردة الفتح .
وثانيا : أن نصرهم، سيكون فاتحة وبداية لتغير واقعهم، بحيث ينقلب فيه الواقع رأسا على عقب .
ثالثا : أن عدوهم مآله ونتيجة عدوانه عليهم، هو الزوال والإندثار بأبشع الطرق .
فعلى الشعب اليمني العزيز التدبر والتمعن في وعده تعالى :
{{{ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ *الْخَوْفِ* *وَالْجُوعِ* *وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ* *وَالْأَنْفُسِ* *وَالثَّمَرَاتِ* *وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ }}} البقرة آية 155 – 157.
السيد أبو جواد
حبيب مقدم التونسي