ضغوط دولية… السعودية تُجمل وجهها الملطخ بدماء اليمنيين .
في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط السياسية الدولية على التحالف السعودي الإماراتي، الذي يشن عدوانًا على اليمن، منذ مارس عام 2015، دون تحقيق أي نتائج تُذكر، باستثناء الأزمة الإنسانية التي دفع البلاد إليها، وسقوط 10 آلاف قتيل ومئات الآلاف من الجرحي، وتحويل اليمن إلى بؤرة تنضح بالأوبئة والأمراض والمآسي الإنسانية، تحاول الرياض وأبو ظبي اتخاذ المزيد من الخطوات والإجراءات للتغطية على الصورة الإجرامية لهما في اليمن، من خلال إقرار المساعدات الإنسانية وتقديم الدعم للبنك المركزي اليمني، في شكل من أشكال التباكي على الشعب اليمني.
اجتماع اللجنة الرباعية
واستضافت العاصمة البريطانية لندن، أمس الثلاثاء، اجتماع اللجنة الرباعية بشأن الأزمة اليمنية، بمشاركة السعودية والإمارات والولايات المتحدة؛ لبحث “الخطوات التالية للعملية السياسية” وفق وزارة الخارجية البريطانية، حيث تخلل الاجتماع تشديد وزير الخارجية، بوريس جونسون، على أن “التوصل إلى حل سياسي متفاوض عليه بعناية سيؤدي حقًا إلى إنهاء المعاناة”.
ورغم أن الاجتماع جاء في الوقت الذي وقعت فيه بعض التطورات التفاؤلية بإمكانية عودة المسار السياسي إلى الواجهة مجددًا تمهيدًا للدفع باتجاه حل الأزمة، وعلى رأسها إعفاء مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، من مهماته، وتولي البريطاني، مارتن جريفثت، بديلًا عنه، إلا أن نتائج الاجتماع جاءت مكررة وعبثية، حيث جددت التشديد على ضرورة بلورة حل سياسي سريع.
السعودية تتباكى على اليمنيين
مساعدات وإجراءات دعم تتخذها السعودية في محاولة لإظهار نفسها في صورة المعني بحقوق الإنسان، والمحافظ على سلمية العملية العسكرية المستمرة منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، والتي أدت إلى قتل الآلاف، والمظلوم سياسيًا من قبل أذرع إيران في اليمن، لكنها في الحقيقة مساعدات إنسانية بنكهة سياسية لامتصاص الغضب الشعبي اليمني والسخط والانتقادات الدولية.
دأبت السلطات السعودية على اتخاذ بعض الإجراءات والخطوات الإنسانية عندما تشتد الانتقادات الدولية عليها وتتصاعد جرائمها في حق الشعب اليمني، وهو ما حدث بالفعل قبل أيام قليلة، حيث أعلن التحالف العسكري الذي تقوده السعودية، الإثنين الماضي، أنه سيقدم 1.5 مليار دولار كمساعدات إنسانية جديدة لليمن، وأضاف أنه سيمد جسرًا جويًا إلى مأرب، وسينشئ 17 ممرًا بريًا لتوصيل المساعدات، وسيقوم بزيادة الطاقة الاستيعابية للموانئ اليمنية لاستقبال الشحنات الإنسانية والمواد الأساسية، وتابع التحالف على لسان المتحدث الرسمي باسمه، العقيد تركي المالكي، أن التحالف يدعم مهمة إنسانية مخططة ومفصلة بشكل احترافي بقوة ودقة عسكرية؛ لضمان وصول المساعدات الإنسانية لمن يحتاجونها لإنهاء معاناتهم.
الخطوة السعودية جاءت بعد أقل من أسبوع على ضخ المملكة ملياري دولار كوديعة في البنك المركزي اليمني لإنقاذ العملة اليمنية، ليصل حجم الودائع السعودية في البنك اليمني إلى 3 مليارات دولار، خاصة بعدما وصل سعر الدولار الواحد الأسبوع الماضي إلى 522 ريالًا يمنيًا، الأمر الذي أدى إلى زيادة أسعار المواد الغذائية بنسبة 100%، وإعلان شركات الصرافة في عدن عن وقف عمليات البيع والشراء، في مسعى للضغط على حكومة الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، ودفعها إلى إيجاد معالجة للتدهور السريع في سعر العملة المحلية، ما دفع رئيس وزراء اليمن، أحمد عبيد بن دغر، إلى إطلاق دعوة للتحالف السعودي لـ”إنقاذ الريال اليمني”.
الضغوط تتصاعد
تأتي التحركات السعودية بعد أيام من إطلاق الأمم المتحدة وشركاء العمل الإنساني بصنعاء خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام 2018، بمبلغ 2.96 مليار دولار، حيث قال المنسق المقيم للشؤون الإنسانية باليمن، جيمي ماكغولدريك، الأحد الماضي، إن الأمم المتحدة بحاجة لتقديم المساعدات المنقذة للأرواح لعدد 13 مليونا و100 ألف شخص خلال العام الجاري، وأشار إلى أن الصراع المتصاعد منذ ثلاث سنوات أدى إلى دخول اليمن أسوأ أزمة إنسانية من صنع البشر، حيث يحتاج ثلاثة أرباع السكان إلى مساعدات إنسانية؛ منهم 11 مليونا و300 ألف بحاجة شديدة إلى مساعدات عاجلة للبقاء على قيد الحياة، وأوضح ما كغولدريك أن مليونا و800 ألف طفل دون سن الخامسة من العمر يعانون سوء التغذية الحاد، و400 ألف طفل يعانون سوء التغذية الحاد الوخيم ويتعرضون للموت بعشرة أضعاف مقارنة بأقرانهم إذا لم يتلقوا العلاج الطبي اللازم.
من جانبه، أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، عن قلقه إزاء ترحيل آلاف اليمنيين من السعودية، داعيًا الرياض إلى الأخذ في الاعتبار تدهور الأوضاع في اليمن، ونبه المركز إلى أن “اليمنيين يمكن أن ينطبق عليهم وصف لاجئين، ما يجعلهم يندرجون تحت قاعدة اللجوء وعدم الطرد”، حاضًا السلطات السعودية على “وقف الممارسات المجحفة في حقهم، خصوصًا عمليات الطرد والترحيل والاعتقال”، وأشار إلى أنه تلقى إفادات من يمنيين تؤكد أن حملة “وطن بلا مخالف” التي أطلقتها السعودية، أدت إلى اعتقال عشرات اليمنيين، الذين نُقلوا قسرًا إلى معسكرات التجنيد للقتال في الجبهات نيابة عن الجيش السعودي.
وفي السياق، وجهت بعض الدول الأوروبية وعلى رأسها ألمانيا وبريطانيا والنرويج صفعة قوية لتحالف العدوان؛ بعدما أوقفت الحكومة الألمانية تصدير الأسلحة للدول المشاركة في حرب اليمن وعلى رأسها السعودية والإمارات، وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفن زايبرت، الجمعة الماضية، إن الحكومة الألمانية لن تمنح من الآن فصاعدًا تصاريح بتصدير أسلحة لهذه الدول مادامت تشارك في الحرب في اليمن، مضيفًا “مجلس الأمن الاتحادي لا يمنح حاليًا تراخيص بتصدير أسلحة لا تتوافق مع نتائج المباحثات الاستطلاعية، التي جرت بين التحالف المسيحي المنتمية إليه المستشارة أنجيلا ميركل والحزب الاشتراكي الديمقراطي لتشكيل ائتلاف حاكم”.
وجاء القرار الألماني بعد حوالي أسبوعين من قرار مماثل اتخذته النرويج قضى بوقف جميع صادرات الأسلحة والذخائر إلى دولة الإمارات؛ بسبب الانتهاكات التي ترتكبها قواتها في اليمن، وفي الوقت نفسه، تتزايد الضغوط على حكومة رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي؛ لوقف صادرات السلاح البريطاني إلى السعودية، واعتبرت منظمات حقوقية بريطانية استمرار تصدير السلاح للسعودية مشاركة في جرائم الحرب التي ترتكب في اليمن.