عطوان : هل تعثر “الحزم” في اليمن ودخول الحرب عامها الرابع ابرز أسباب التغييرات المفاجئة في قمة الجيش السعودي؟
إب نيوز ٢٧ فبراير
هل تعثر “الحزم” في اليمن ودخول الحرب عامها الرابع ابرز أسباب التغييرات المفاجئة في قمة الجيش السعودي؟ وما هي الدروس التي استخلصها الأمير بن سلمان من هذه الحرب؟ وهل أصبحت الكفاءة تتقدم على الانتماء للأسرة الحاكمة؟
ذكر مصدر غربي زار المملكة العربية السعودية في الأشهر القليلة الماضية، والتقى الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، في جلسة خاصة تحصلت “راي اليوم” على بعض تفاصيلها، ان الأمير بن سلمان كان في قمة الغضب من أداء القوات المسلحة السعودية في حرب اليمن، لدرجة انه قال “ان من اهم إنجازات هذه الحرب انها كشفت لنا انه لا يوجد لدينا جيش يرتقي الى مستوى طموحات المملكة وخططها المستقبلية في التحول الى قوة عسكرية إقليمية عظمى تواجه التحديات الخطيرة التي تواجهها”.
التغييرات التي اجراها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في قمة هرم القوات المسلحة السعودية فجر اليوم الثلاثاء، واطاحت برئيس هيئة الأركان، وقيادتي القوات المسلحة الجوية والبرية، تؤكد ان ما ذكره المصدر الغربي، مثلما تعكس رغبة سعودية عليا في إعادة هيكلية الجيش، بشكل جذري من القمة الى القاع، بحيث تشمل عملية التحديث ليس انفاق عشرات المليارات من الدولارات على الأسلحة الحديثة، من طائرات ودبابات، وانما العامل البشري ايضا.
لم يصدر أي توضيح رسمي لعملية التغيير الشاملة هذه التي طالت قيادات المؤسسة العسكرية السعودية، ولكن تزامنها مع اكمال الحرب في اليمن عامها الثالث، ودخولها الرابع، دون تحقيق معظم أهدافها، يؤكد علاقتها الوثيقة بهذه الحرب وبعض اخفاقاتها، خاصة ان القيادة السعودية على قناعة راسخة بأنها تخوض حربا بالإنابة ضد ايران في معظم جبهاتها مع حركة “انصار الله” الحوثية.
ملوك المملكة لم يعيروا الكثير من الاهتمام لتقوية الجيش السعودي، الذي ظل لسنوات يعتبر الأضعف بين نظرائه في الدول الإقليمية الكبرى، خاصة في مرحلتي الستينات والسبعينات من القرن الماضي، حيث اجتاحت الانقلابات العسكرية المنطقة، وقاوم هؤلاء معظم المحاولات لتحديث الجيش خوفا من انتقال هذه الظاهرة الى المملكة.
قبل 15 عاما تقريبا، دق الأمير بندر بن سلطان الجرس عندما كان سفيرا لبلاده في واشنطن، حيث انتقد اثناء اجتماع له مع عدد من رجال الاعمال السعوديين كان يزور العاصمة الأميركية، وجرى تسريب بعض ما ورد فيه الى احد الصحف اللندنية، انتقد وضعية الجيش السعودي، وطريقة إدارة والده الأمير المرحوم سلطان بن عبد العزيز له، الذي كان وزيرا للدفاع في حينها، واكد انه بحاجة الى إعادة هيكلة وتحديث شاملة، على أساس تقديم الكفاءة على الاعتبارات الأخرى.
كان لافتا ان المراسيم التي أصدرها العاهل السعودي وتضمنت هذه التغييرات في قمة قيادة الجيش، جاءت بناء على طلب من وزير الدفاع، أي نجله الأمير محمد بن سلمان، الرجل الذي اطلق “عاصفة الحزم” في اليمن لـ”حرب وقائية” حسب تعبيره، بعد أسابيع معدودة من توليه الوزارة الأهم في الدولة، وكان في حينها وليا لولي العهد.
كان لافتا في هذه المراسيم، عزل رئيس هيئة الأركان الفريق الأول الركن عبد الرحمن بن صالح بن عبد الله البنيان، وتعيين نائبه الفريق الركن فياض بن حامد بن رقاد الرويلي بعد ترقيته، وكذلك انهاء خدمات قائد قوات الدفاع الجوي، الفريق ركن محمد بن عوض بن منصور بن سحيم، وقائد القوات البرية الفريق ركن الأمير فهد بن تركي بن عبد العزيز آل سعود رغم ان الأخير عُين في هذا المنصب قبل عام تقريبا، مما يعني ان الثلاثة يتحملون مسؤولية الإخفاقات في ميادين الحرب في اليمن، وجرى تقديمهم ككبش فداء”.
اعفاء امير من الجيل الثاني من احفاد الملك عبد العزيز من منصبه بهذه الطريقة، وتعيين بديل من خارج الاسرة الحاكمة، يوحي بنقله جديدة في كيفية إدارة شؤون المؤسسة العسكرية تتسم بالجرآة والجدية، حسب رأي العارفين ببواطن الأمور في الشأن السعودي الرسمي.
الأمير محمد بن سلمان الذي يستعد للقيام بجولة خارجية تشمل بريطانيا كأحد ابرز محطاتها، يريد ان يحكم قبضته الحديدية على المؤسسة العسكرية، من خلال وضع رجاله في مواقع القيادة، تماما مثلما فعل في المؤسسة الأمنية، والحرس الوطني، الجيش الموازي.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو عما اذا كانت هذه التغييرات ستحدث تحولا في ميادين القتال في اليمن، وخاصة على جبهة الحدود السعودية اليمنية الملتهبة، التي تفيد تقارير قادمة منها ان الجماعات المسلحة الحوثية حققت تقدما ملموسا فيها رغم ضعف قدراتها التسليحية؟ وهل ستخفف من حدة الانتقادات الدولية لحجم الخسائر البشرية والمادية، من جراء القصف الجوي والحصار الخانق وما تسببه من معاناة وفقر وجوع لأكثر من 23 مليون يمني؟
من الصعب الإجابة عن هذه الاسئلة، خاصة انه لم يمر الا يوم واحد عليها، أي التغييرات، ولكن ما نحن واثقون منه في هذه الصحيفة “راي اليوم” ان الحل
العسكري الذي جرى تجربته لمدة ثلاث سنوات، من الصعب ان يحسم الحرب ويخرج المملكة من مأزقها، وان كان تحسين أداء القوات السعودية المفترض، قد يشكل ورقة ضغط للوصول الى الحل السياسي عبر المفاوضات، ولعل تزامن هذه التغييرات مع تعيين بريطاني كمبعوث دولي جديد خلفا للسيد إسماعيل ولي الشيخ يشي بالكثير في هذا الاطار.
سننتظر التطورات على الأرض قبل اصدار أي احكام، ومن المؤكد انه ستكون لنا عودة الى هذا الملف في الاسابيع المقبلة.
“راي اليوم”