باحث لـ«ناشيونال إنتريست»: نتائج الحرب اليمنية كارثية على السعودية.
إب نيوز ٢٩ مارس
هذا ما يراه الباحث المتخصص في السياسة الخليجية بمعهد الأمن القومي «يول جوزانسكي» في مقاله بمجلة «ناشيونال إنتريست»؛ مؤكدًا أنّ اليمن بالنسبة للسعوديين هدف تاريخي وساحة خلفية تهدد الأمن والاستقرار، خاصة وأنه يشترك معها في حدود طويلة، يسهل الوصول إليها مع البحر. واليمن لإيران ساحة ثانوية، مقارنة بالعراق وسوريا، كما أنّ استثماراتها في الحوثيين كانت منخفضة للغاية مقارنة بالوكلاء في المناطق الأخرى؛ خاصة وأنها كبّدت السعودية خسائر اقتصادية وعسكرية ودبلوماسية مرتفعة للغاية.
وفي حملتها ضد الحوثيين، تتمتع السعودية بمعلومات استخباراتية ومعونة لوجيستية من الأميركيين، ولديها رابع أكبر ميزانية أمنية في العالم، إضافة إلى أسلحة متطورة تحت تصرفها. وبالرغم من ذلك، تجد المملكة صعوبة في التغلب على عدو مصمّم على البقاء على عتبة بابها، إضافة إلى سيطرتهم على العاصمة اليمنية «صنعاء» وغيرها من المناطق الرئيسة، كما أطلق الحوثيون أكثر من مائة صاروخ، يُزعم أنها صنعت في إيران، داخل عمق الأراضي السعودية؛ حتى إنّهم استولوا على أكثر من مائة ميل مربع داخل المملكة.
وقادت الفجوة بين الاستثمار في الأمن والأداء العسكري في السعودية الملك سلمان وولي العهد محمد إلى الإطاحة بقيادات أمنية، بما في ذلك رئيس الأركان وقائد القوات البرية وقائد الطيران؛ وهذا ضريبة التحديث الذي أطلقه ابن سلمان، لكنه يعكس في الواقع الإحباط المتزايد داخل النخبة السعودية من أداء الجيش، ومن السابق لأوانه القول ما إذا كانت هذه التغييرات ستحدث بالفعل تغييرات جوهرية في الاستراتيجية السعودية، وما تأثير ذلك -إن وجد- على استمرار القتال.
وعلى المستوى الإيراني، وبغض النظر عن تصوّرهم للنجاح، تواجه «الجمهورية الإسلامية» أيضًا صعوبة في العمل داخل اليمن؛ خاصة بعد الحصار البحري الذي فرضته دول التحالف بمساعدة الغرب، وهو الحصار الذي قيّد قدرة إيران على شغل الأحداث على الأرض وإظهار حدود قوتها.
وبما أنّ إيران غير قادرة على كسر الحصار حاليًا؛ فلا اختيار أمامها سوى تهريب كميات أقل بكثير من «المستشارين والأموال والأنواع المختلفة من الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ» إلى الحوثيين.
في الوقت نفسه، كشفت الحرب في اليمن الطبيعة الضعيفة لعلاقات السعودية مع حلفائها المسلمين الرئيسين؛ أهمهم، باكستان، التي رفضت إرسال جيشها لمساعدة المملكة.
أما حكومة السيسي في مصر، التي استثمرت فيها الرياض مليارات من الدولارات واعتبرت «العمق الاستراتيجي» للمملكة، رفضت أيضًا إرسال أعداد كبرى من القوات البرية للمشاركة في القتال. وبدلًا من ذلك، أرسلت القاهرة مجموعة صغرى من الجنود وثلاث سفن أو أربع لمساعدة الرياض.
وفي حالات، حتى تلك البلدان التي وافقت على المشاركة في الحملة التي قادتها السعودية، ظهر تضارب في المصالح بينها وبين الرياض؛ على سبيل المثال: التضارب بين السعوديين والإماراتيين الذين دعموا قوى مختلفة ومتناقضة على مستقبل اليمن، وهو الاحتكاك الذي نشأ عنه قتال عنيف في أحيان بين الجماعات المحلية التي يدعمها الطرفان.
ما الحل؟
وعلى أميركا استغلال العلاقة القوية بين الرئيس دونالد ترامب مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وزيارته فرصة للضغط عليه لإنهاء هذه الحرب الكارثية؛ فلا يمكن للائتلاف الذي تقوده السعودية أن يفوز في هذه الحرب، لكن يمكنه تسوية الصراع بشروط مواتية، وعلى أميركا أن تتدخل للمساعدة على تحقيق ذلك، ليس أكثر.
أيضًا، يتوجّب مقابل زيادة الدعم الأميركي للحملة السعودية، وضرورة مطالبتها باتخاذ مزيد من الاحتياطات لمنع وقوع إصابات بين المدنيين، وزيادة المساعدات المقدمة للمدنيين اليمنيين المعرضين لخطر المرض أو الجوع؛ مع العلم أنّ الدعم الأميركي يُسحب إذا لم يستجب السعوديون للحوافز وفشلهم في التوصل لحل سياسي في أقرب وقت ممكن.
وبينما تُوجّه ضربة للحوثيين والزخم الذي يوفره الدعم الأميركي سيضع الإيرانيون تحت ضغط، وهو ما يمثل حافزا للطرفين لإنهاء حربهما، والوصول إلى اتفاق سياسي طويل الأمد، فالحرب اليمنية كانت كارثية لجميع الأطراف المعنية، لذا فإن إنهاءها «هو الشيء الذكي الذي ينبغي القيام به وكذلك الشيء الصحيح الذي يجب فعله»؛ ولأن التدخل الإيراني هو الأكثر نجاحًا في المناطق التي تعاني من الصراع أو انعدام الأمن ، فإن إنهاء الحرب له فائدة إضافية تتمثل في إضعاف قدرة الجمهورية الإسلامية على التدخل في الشؤون الإقليمية.