عطوان: لماذا تراجعت روسيا عن وعودها بتسليم منظومة صواريخ “س 300” لسورية؟ وهل جاء هذا القرار استجابة لطلب نتنياهو اثناء زيارته الاخيرة لموسكو؟
إب نيوز ١٢ مايو
عبد الباري عطوان: لماذا تراجعت روسيا عن وعودها بتسليم منظومة صواريخ “س 300” لسورية؟ وهل جاء هذا القرار استجابة لطلب نتنياهو اثناء زيارته الاخيرة لموسكو؟
بعد العدوان الثلاثي الامريكي الفرنسي البريطاني على سورية يوم 14 نيسان (ابريل) الماضي الذي استهدف مواقغ عسكرية بأكثر من 103 صواريخ، صرح سيرغي لافروف، وزير خارجية روسيا، بأن بلاده لم تعد ملزمة اخلاقيا بعدم تسليم الجيش السوري منظومة صواريخ “س 300” المضادة للطائرات، واكد مصدر سوري عسكري ان قرارا صدر بتسليم هذه الصواريخ مجانا كرد على هذا العدوان، وللتصدي لاي عدوان قادم.
اثار هذا الموقف الروسي ارتياحنا والكثير من امثالنا الذين لا يقبلون الظلم والعدوان والاهانات لسورية او لاي بلد عربي مسلم، ولكنه أثار في الوقت نفسه قلق القيادة الاسرائيلية بشقيها السياسي والعسكري، حتى ان افيغدور ليبرمان وزير الحرب الاسرائيلي هدد بأن سلاح الجو الاسرائيلي وصواريخه ستقصف هذه المنظمات في العمق السوري مهما كانت النتائج.
جيش الاحتلال الاسرائيلي شن ثلاثة اعتداءاءت بالصواريخ على سورية في اقل من عشرة ايام، احداها عندما كان بنيامن نتنياهو يزور موسكو ويلتقي الرئيس فلاديمير بوتين مساء الاربعاء الماضي، ولم مشاهد اي اثر لمنظومة “س 300” تتصدى لهذا العدوان الاسرائيلي على اهداف عسكرية سورية وايرانية، الامر الذي اثار العديد من علامات الاستفهام.
***
اليوم تطوع فلاديمير توجي، مساعد الرئيس الروسي لشؤون التعاون العسكري والتقني، بالاجابة عن هذه التساؤلات وحل هذا اللغز في تصريح لوكالة “ازفيستيا” الرسمية، عندما نفى تسليم روسيا لهذا النوع من الصواريخ المتقدمة الى سورية، مبررا هذه الخطوة بالقول “ان لدى سورية منظومات دفاع جوي مختلفة سوفيتية وروسية حديثة مثل منظومة “بانتسير” اظهرت جميعا نجاعتها من خلال التصدي للهجوم الصاروخي للعدوان الثلاثي”.
هذا التصريح، ومن مسؤول روسي في هذا المنصب الرفيع، وفي هذا التوقيت، يعني ان القيادة الروسية تراجعت عن وعودها السابقة في تسليم صواريخ “س 300” الى الجيس السوري لاسباب ما زالت خافية علينا، فهل نجح نتنياهو في اقناع القيادة الروسية بعدم تقديم هذه الصواريخ لسورية عندما زار موسكو الاربعاء الماضي، ام انه وجه اليها تهديدات اسرائيلية، وربما امريكية بقصفها، وجر روسيا بالتالي الى حرب مع البلدين على الارض السورية؟
لا نعرف بالضبط ما حدث، ولم تصدر اي تصريحات روسية حول البديل الذي حصلت عليه موسكو مقابل التراجع عن تسليم هذا النوع المتطور من الصواريخ لروسيا، ولكننا نستبعد في الوقت نفسه ان يتجرأ نتنياهو على تكرار تهديدات وزير حربه ليبرمان لروسيا بقصف بطاريات صواريخها في سورية، فلغة التهديد ربما لا تجدي نفعا مع الرئيس بوتين، المعروف باعتداده بنفسه، والتمتع بأعلى درجات الكرامة.
سورية، وفي ظل الغارات الصاروخية الاسرائيلية المتزايدة على اراضها، باتت في حاجة ماسة الى هذه المنظومات الدفاعية الروسية المتقدمة، للدفاع عن نفسها، وعدم استجابة القيادة الروسية لمطالبها الملحة في هذا الصدد يحتاج الى تفسير من قبل القيادة الروسية لقطاع عريض من “الرأي العام” العربي الذي يرى فيها حليفا موثوقا يمكن الاعتماد عليه، فسوريا اولى من تركيا، او اي دولة اخرى في المنطقة باتت على وشك الحصول على منظومات صواريخ اكثر تطورا، اي “س 400”.
ندرك جيدا ان القيادة الروسية لا تريد ان تنجر الى حرب عالمية ثالثة مع امريكا واسرائيل وحلف الناتو، مثلما ندرك ايضا ان علاقاتها مع دولة الاحتلال الاسرائيل قوية جدا، وتريد الحفاظ عليها، ولكن ما نحذر منه في الوقت نفسه، هو ان اسرائيل باتت تبتز روسيا، وتتطاول عليها، وتتجرأ على توجيه التهديدات المهينة لها، وتقدم على غارات صاروخية تهدف الى احراجها، ونسف انجازاتها في سورية على مدى السنوات السبع الماضية الامر الذي يتطلب موقف حازما يرتقي الى مكانة روسيا كدولة عظمى تستعيد مكانتها في العامل بشكل متسارع.
***
هذه العربدة الاسرائيلية يجب ان تتوقف، ويوضع لها حد فورا، ومن القيادة الروسية على وجه التحديد، واول خطوة في هذا المضمار تزويد سورية وايران بمنظومة صواريخ “س 300” لمنع مثل هذه الانتهاكات الاسرائيلية لاجوائها، االهم الا اذا حصلت القيادة الروسية على تعهد اسرائيلي صلب بوقف هذه الانتهاكات، وهذا ما نشك فيه بحكم معرفتنا بالغطرسة الاسرائيلية، وعدم التزامها بأي عهود مدعومة بالرئيس دوالد ترامب وصهره جاريد كوشنر.
نأمل ان نسمع في الايام المقبلة حلا روسيا مقنعا لهذا اللغز الاسرائيلي، ويسعدنا اكثر ان تفي بتعداتها وتسلم هذه المنظومة لسورية في اسرع وقت ممكن، في ظل التوترات الحالية في المنطقة والتوقعات بحدوث عدوان اسرائيلي وشيك.