عطوان : تحذير بريطانيا لرعاياها في دولة الامارات من خطر اطلاق صواريخ باليستية حديثة من اليمن على ابوظبي ودبي خطير جدا وغير مسبوق.. ولماذا يصدر الآن مع تصاعد حرب الحديدة؟ (التفاصيل)
إب نيوز ٢٣ يونيو
تحذير بريطانيا لرعاياها في دولة الامارات من خطر اطلاق صواريخ باليستية حديثة من صعدة على ابوظبي ودبي خطير جدا وغير مسبوق.. ولماذا يصدر الآن مع تصاعد حرب الحديدة؟ وما مدى جديته؟ وما هي الرسالة التي تريد الخارجية البريطانية ارسالها؟
عندما تحذر الحكومة البريطانية رعاياها المقيمين في دولة ما من خطر تهديدهم، وتطالبهم بتوخي اعلى درجات الحذر، فان هذا التحذير لا يمكن ان يصدر من فراغ، وانما استنادا على معلومات امنية موثقة، خاصة عندما تكون هذه الدولة “صديقة” مثل دولة الامارات العربية المتحدة.
وزارة الخارجية البريطانية نشرت على موقعها الرسمي يوم امس “تحذيرا” مفاجئا لرعاياها كافة في الامارات، او الذين ينوون زيارة مدنها، وخاصة دبي وابو ظبي، بالاطلاع على قسم الارهاب، لمعرفة طبيعة التهديدات الارهابية على الامارات، وابرزها احتمال سقوط صواريخ باليستية قادمة من اليمن.
هذه الخطوة المفاجئة، والخطيرة، ستزعج السلطات الاماراتية حتما، لما يمكن ان يترتب عليها من تبعات امنية واقتصادية، تنعكس سلبا على صورة الدولة التي تعتبر واحدة من اكثر دول منطقة الشرق الاوسط استقرارا وامنا، وتنعم بإزدهار اقتصادي واستثماري لافت، وتشكل قبله سياحية للملايين من الزوار من مختلف انحاء العالم.
تزامن هذه التحذيرات غير المسبوقة مع احترام المعارك حاليا في محافظة الحديدة على الساحل اليمني الغربي، بعد قرار اماراتي بشن هجوم على هذه المدينة التي يمر اكثر من 70 بالمئة من واردات اليمن عبرها، يوحي بأن الحكومة البريطانية التي تعرف اليمن جيدا، ويحمل المبعوث الدولي لحل ازمتها مارتن غريفيث جنسيتها، تملك معلومات مؤكدة بأن الحرب الحالية في الحديدة قد لا تظل محصورة داخل حدودها اولا، ويمكن ان يطول امدها ثانيا، وان ردا انتقاميا حديثا قد ينعكس من خلال اطلاق صواريخ باليستية على مدن اماراتية مثلما حدث في السعودية بات وشيكا ثالثا.
حركة “انصار الله” الحوثية وجهت رسائل على لسان مسؤولين فيها هددت بقصف الامارات بالصواريخ، ولكنها لم تنفذ مطلقا مثل هذه التهديدات، بينما اطلقت اكثر من 120 صاروخا على مدن سعودية مثل الرياض وجدة والطائف وخميس مشيط وجيزان ونجران، فهل وصلت معلومات للحكومة البريطانية تفيد بأن مرحلة ضبط النفس الحوثية هذه وصلت نقطة النهاية، وان هناك قرارا جديدا جرى اتخاذه في هذا المضمار له علاقة مباشرة بالهجوم الحالي على الحديدة؟
نجاح هجوم قوات التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية والامارات في السيطرة على ميناء الحديدة وفق المخطط الحالي يعني حرمان حركة “انصار الله” الحوثية من مورد مالي ضخم يقدر بعشرات الملايين من الدولارات شهريا، ومنع وصول اي امدادات عسكرية قادمة من الخارج، وايران تحديدا اليها حسب اتهامات خصومها، الامر الذي قد يدفعها، في حال تطور الامور الى هذا المنعطف الخطير، ان تقدم على خطوات “انتحارية” ضد خصومها، بما في ذلك اطلاق الصواريخ الباليسيتة في كل الاتجاهات دون اي قيود او ضوابط.
المدن الاماراتية “محمية” بمنظومات دفاعية دفاعية جدا، ومزودة بصواريخ “باتريوت”، ولهذا فان اسقاط اي صواريخ باليستية قادمة من صعدة من الامور البديهية على غرار ما حدث للصواريخ المماثلة التي جرى اطلاقها على المدن السعودية، لكن هناك تقارير امريكية دفاعية تؤكد في الوقت نفسه، ان صواريخ “باتريوت” ليست وثيقة كليا في اعتراض اهدافها، وان الاثر النفسي لهذه الصواريخ الحوثية التي توصف بـ”البدائية” من قبل اعلام دول التحالف، ضخم جدا خاصة عندما يكون الهدف مركزا سياحيا واستثماريا عالميا مثل مدينتي دبي وابوظبي.
لا نعرف الاسباب التي دفعت الحكومة البريطانية لاطلاق هذا التحذير الخطير جدا وفي هذا التوقيت، ولكن من غير المستبعد انه يأتي في اطار الضغط على التحالف السعودي الاماراتي لوقف الحرب في الحديدة، والتحلي بالمرونة، والتعاطي بايجابية اكثر مع مقترحات المبعوث الدولي البريطاني التي تتمحور حول انهاء هذه الحرب، تجنبا لوقوع خسائر بشرية ضخمة، لوجود 600 الف مواطن يمني، يعيشون حالة حصار ويواجهون كارثة انسانية في حال استمرار الحرب واغلاق الميناء.. البريطانيون خبثاء جدا، وتحذيراتهم محسوبة جيدا.. والله اعلم.
“راي اليوم”