“مجتهد” ينشر رسالة مسرّبة لدعاة ونشطاء معتقلين بالسعودية .
نشر المغرد الشهير “مجتهد” رسالة، قال إن مجموعة من العلماء والدعاة في السعودية صاغوها، وكانوا ينوون نشرها، قبل أن تعتقلهم السلطات جميعا.
وقال “مجتهد” إن صيغة البيان التي تسربت له، “كان سيعلن بعد توقيع مجموعة من النشطاء والعلماء، ثم اعتقل كل الذين كان يفترض أن يوقعوا، فلم ينشر”.
وأضاف: “ولا حاجة لذكر الأسماء؛ خشية الضرر”.
واعتبر البيان، الذي لم ينشر بسبب اعتقال الموقعين عليه، “بقاء المعتقلين (الأمنيين) في السجون ظلم خطير، وسبب في عقوبة إلهية، والسعي لإطلاق سراحهم واجب فوري على الجميع، وهو متعين على طلبة العلم والدعاة أكثر من غيرهم”.
وأضاف البيان أن “الظلم ليس ضررا للمظلوم فقط، بل هو ضرر لكل الأمة التي يقع فيها الظلم”.
وجاء في البيان أيضا: “لا يخفى على أحد وجود الآلاف من المعتقلين الذين يسمون (الأمنيين) في السجون، ممن لم يقترفوا أي جريمة شرعا، ومع ذلك تعرضوا لمستويات من الظلم، كل مستوى أشد من الذي قبله”.
يشار إلى أن السلطات السعودية اعتقلت عشرات النشطاء والدعاة منذ أيلول/ سبتمبر الماضي، دون توجيه أي تهمة لهم.
وتاليا نص البيان:
الحمد لله والصلاة على رسول الله وبعد
فإن العدل مطلب عظيم ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ). ولأن العدل كذلك فقد قرنه الله بإرسال الرسل وإنزال الكتب (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْـزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ). ولهذا كان الظلم محرما في الشرع و مرفوضا في كل الملل، ففي الحديث القدسي “يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا”.
والظلم ليس ضررا للمظلوم فقط، بل هو ضرر لكل الأمة التي يقع فيها الظلم (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ). وإذا وقع العذاب لن ينجو إلا من سعى لإزالة الظلم والفساد (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ) . ولهذا جاء في الحديث “لا قدست أمة لا يأخذ ضعيفها حقه من شديدها وهو غير متعتع”.
وكل أذى يتعرض له المسلم بغير حق فهو إثم عظيم قال تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا). ومن يمارس التعذيب فجزاؤه عذاب من الله كما جاء في الحديث الصحيح “إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا” .
ولا يخفى على أحد وجود الآلاف من المعتقلين الذين يسمون “الأمنيين” في السجون ممن لم يقترفوا أي جريمة شرعا، ومع ذلك تعرضوا لمستويات من الظلم كل مستوى أشد من الذي قبله فهم:
أولا: أوقفوا ابتداء بغير وجه حق ولا توصيف شرعي للجريمة وكيف لمن يؤدي واجبا شرعيا أن يُجَرّم؟
ثانيا: بقوا في السجن مددا طويلة دون تبرير شرعي أو نظامي.
ثالثا: حرموا من حقوقهم الشرعية في الاتصال بذويهم والحصول والدفاع عن أنفسهم وغيبوا عن العالم
رابعا: تركوا تحت تصرف أشخاص سيئي الخلق والدين وهم رجال المباحث.
خامسا: تعرضوا لأشكال مختلفة من التعذيب منها الحجز الانفرادي والتعرض للبرد القارس والحر الشديد والحرمان من دورات المياه والضرب والتعليق وغيره من الإيذاء الجسدي والتسهير لأيام طويلة والتعذيب النفسي والتهديد بالاعتداء الجنسي والتهديد بالاعتداء على الأهل والتعرض لكلام قبيح في سب الدين وسب الذات الإلهية وغيرها من وسائل التعذيب القبيحة.
سادسا: الحرمان من العدالة أمام المحاكم فإما يحرم من المحاكمة بالكامل أو يعرض على محاكمة لا تتوفر فيها فرص العدالة.
سابعا: الحكم عليهم ظلما وعدوانا بالسجن سنوات طويلة رغم إنهم من أهل الصلاح والإصلاح وما قاموا به يجب أن يشكروا ويكافأوا عليه لا أن يعاقبوا.
وهذا ظلم عظيم تعرّض له ولا يزال يتعرض الآلاف بينهم نساء عفيفات ومجموعة من أفضل طلبة العلم والمصلحين والمخلصين في هذا البلد.
ولا يجوز أن نقلل من قيمة هذا الظلم ولا أن نتساهل فيه ولا أن نسميه بغير اسمه، فهو ذات الظلم المنهي عنه شرعا. كما لا يجوز التساهل في التعامل مع الظلم والظالمين (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ)، وهو ذات الظلم الذي يتسبب بالعقوبة الإلهية الشاملة إن لم يوقف أو يزول. وبقاء الظلم كل هذه السنين واستمراره يعني أننا في خطر أن يصيبنا الله بعذاب من عنده إن لم نوقفه.
وقد شرع الله بذل كل جهد لإزالة الظلم، قال تعالى (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ)، وقال (وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ. إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، بل لقد حث الإسلام على فك الأسير تحديدا كما جاء في الحديث الصحيح “فكوا العاني -يعني الأسير- وأطعموا الجائع وعودوا المريض”.
والسعي لإزالة الظلم ليس اختيارا بل هو واجب، والتقصير فيه ليس إثما فحسب بل يؤدي إلى العقوبة الأكيدة من عند الله لكل الأمة الساكتة عنه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقابه”.
وبهذا فإن بقاء هؤلاء في السجون ظلم عظيم ويجب إطلاقهم فورا وتعويضهم عما أصابهم ورد اعتبارهم وإعانتهم على استعادة حياتهم ومعاقبة من تسبب في أذاهم.
والسعي لإطلاق سراحهم بكل الطرق المشروعة واجب فوري على الجميع بما يستطيع، لأن هذا من المنكر الذي يجب أن يغير باليد أو باللسان أو بالقلب، والتقصير في السعي بذلك إيذان بعقاب رباني.
و هو متعين على طلبة العلم والمشايخ والدعاة والنشطاء أكثر من غيرهم وعليهم التعاون والتآزر على تحقيق إطلاق سراح هؤلاء وأخذ زمام المبادرة وتقدم الصفوف في الحملات والبيانات التي تخدم هذه القضية لأنهم أكثر اطلاعا من غيرهم على ما يجري لهؤلاء المعتقلين وأعرف من غيرهم بعاقبة الظلم ونتيجة السكوت عن الظلم.
نسأل الله أن يعجل فرج المعتقلين ويرفع شأنهم ويعلي قدرهم ويمكن لهم وينفع الأمة بهم، كما نسأله أن ينصفهم ممن ظلمهم وينتقم لهم ممن آذاهم ويعين الأمة على إزالة الظلم وإقامة العدل.