عبدربه .. حين قرر السقوط في مستنقع العار …
بقلم الشيخ عبدالمنان السنبلي…
جمعني لقاء بأحد ضباط القوات الجوية من الصفوف العليا و كان محور الحديث يدور حول العدوان و دور القواتا الجوية و الدفاع الجوي و مدى كفاءتها في مواجهة و صد العدوان و أثناء تبادل أطراف الحديث فأجأني بمعلومة خطيرة جداً يقول فيها أن هادي في الوقت الذي كان الحوثيون قد وصلوا فيه (عمران) كان قد أمر بنقل أكثر من ثلاثة آلاف صاروخٍ مضادٍ للطيران من النوع الذي يتم حمله على الكتف إلى صحراء مأرب و من ثم أمر بتفكيكها و إتلافها برعاية خبراء أمريكيين و بصورة سرية جداً، الذريعة التي ساقها هادي للجيش طبعاً هي – و الكلام للضابط – أن الأمريكيين نصحوه بأن يقوم بالتخلص من هذه الترسانة مخافة إستيلاء القاعدة عليها الأمر الذي سيحول دون تدخل الأمريكان للحيلولة دون سقوط النظام و الدولة بيد القاعدة… إنتهى ..
طبعاً من خلال التأمل في هذه المعلومة الخطيرة و النظر فيها بعمق، فإن ذلك يقودنا إلى تفسير الكثير من المبهمات التي سبقت و صاحبت العدوان الصهيو-سعودي أمريكي على اليمن و كذلك فهم المؤامرة على الشعب اليمنى و مدى ضلوع هادي فيها ..
نتذكر جميعاً تصريح وزير خارجية السعودية عادل الجُبير مع بداية العدوان و الذي قال فيه أن حكومته و تحالفها يعملون منذ أشهر للإعداد و الترتيب لعاصفة الحزم بحسبه، و لو ربطنا هذا التصريح بعملية إتلاف الصواريخ المحمولة على الكتف و التي سبقت العدوان أيضاً بأشهر لتوصلنا إلى حتمية ضلوع هادي في تلك المؤامرة من بداياتها الأولى و أنه كان على علمٍ مسبق بما يُخطط لبلاده و جيشه من مؤامرة، كما أن دخول الحوثيين صنعاء لم يكن السبب الحقيقي لتدخل دول العدوان في اليمن بدليل أن هادي نفسه وقع معهم غداة دخولهم صنعاء إتفاقية السلم و الشراكة ..
في الواقع ليس ما يقال من أن الحوثيين قد قاموا بالإنقلاب على الشرعية و مؤسسات الجيش و الدولة لسبب بسيط هو أنهم ما كانوا ليتمددوا خارج صعدة بإتجاه عمران و صنعاء لولا إرادة و رغبة مسبقة لدى هادي بذلك مهّدت الطريق بصورة غير مباشرة لدخول الحوثيين صنعاء، و كل ما فعلوه لم يكن سوى أنهم وجدوا أمامهم طريقاً مفتوحة و ممهدة ..
بدأ ذلك من أحداث دماج حيث لجأ الفريقان الحوثيون و السلفيون بعد قتال عدة أشهر إلى تحكيم هادي بعد أن تعاهدا بالقبول و النزول عند حكمة، ليتفأجأ الجميع بمن فيهم الحوثيون بحكم هادي و الذي قضى برحيل كل من في دماج إلى الحديدة و كأنه بذلك الحكم إنما أراد أمرين إثنين في نفسه الأول هو فتح شهية الحوثيين للتمدد و التوسع أكثر و الثاني هو ضمان ولاء الأطراف المناهضة فكرياً و آيدولوجياً لفكر و آيدولوجية الحوثيين من الأحزاب و المناطق الأخرى و كذلك رفع مستوى الحقد و الكراهية لدى هذا الطرف ضد الحوثيين، و هو ما حصل بالفعل، و بذلك فقد وجد الحوثيون الطريق سالكاً و الفرصة مواتية و الفرصة سانحة لهم لفرض مشروعهم الذي لم يأخذ حقه بالوصول إلى عامة الناس في السابق بسبب الستة الحروب و ما صاحبها من تشويهٍ له إعلامياً و سياسياً، فأستثمروا تلك الفرصة و تقدموا بإتجاه صنعاء يدفعهم إلى ذلك عدم إعترافهم بما جاءت به المبادرة الخليجية كونهم لم يكونوا شركاء فيها و كونهم أيضاً لم يغادروا الساحات في الوقت الذي غادر فيه الآخرون من شركاء تلكم الساحات ..
في الوقت نفسه ظل هادي يوهم الآخرين بأن الرئيس صالح هو من يقدم التسهيلات للحوثيين و يساعدهم على التقدم و لولاه لما إستطاع الحوثيون التقدم شبراً واحداً، فقام بإفتعال ما سماه يومها بإنقلاب ( التواير ) و إغلاق قناة اليمن اليوم و محاصرة جامع الصالح موهماً الطرف الآخر ( خصوم صالح ) بأن ثمة مؤامرة يتعرض لها و هم معه يديرها صالح و الحوثيون ليزدادوا بذلك كراهيةًً و عداءً لهذين التيارين، المؤتمر و أنصارالله، كذلك هدف هادي من وراء ذلك إلى إيهام الجانب الأممي بأن صالح هو المعرقل للعملية السياسية و ذلك بغية حشرة في الزاوية و فرض نوعاً من القيود الدولية عليه…
و القول بأن صالح هو من كان المسيطر الفعلي على قوات الحرس الجمهوري و أنه هو من كان يأمرها بمساعدة الحوثيين ليس صحيحاً بالمرة بدليل أن هادي إستطاع تغيير و إبعاد أكبر القيادات المقربة من صالح بدون أي إعتراض أو تمرد، فكيف به لا يستطيع تغيير قيادات صغيرة في الحرس لم تكن تنفذ أوامره كما كان يدعي ؟!! مع العلم أنه قام بحركة تنقلات واسعة داخل قوات الحرس على مستوى قيادات الألوية و الكتائب بدون أن يعترض أحدٌ على ذلك ..
شكّل الإعلان الدستوري الذي أعلنه أنصار الله و بعض المكونات السياسية و فرض الإقامة الجبرية على هادي بعد إعلان إستقالته ضربة مفاجئة لخطط هادي المتفق عليها سراً مع السعودية و التي تقضي بإفساح المجال للحوثيين للدخول إلى صنعاء و كأنهم بذلك أرادوا إستدراجهم إلى الصدام مع الإصلاح و تيار صالح داخل المؤتمر عن طريق مساعدتهم بطريقة غير مباشرة للقضاء عليهما ليتم بعدها إستدعاء السعودية و تحالفهم و الإستقواء بهم على الحوثيين ليتم القضاء عليهم ليستفرد بعدها عبدربه بالسلطة و بالتالي تتخلص السعودية من هاجس يؤرقها إسمه ( الحوثيون ) إنتقاماً من هزيمتها على أيديهم في 2009، و كذلك تتخلص الإمارات من حزب الإصلاح و بذلك تظل اليمن بالنسبة للسعودية و الخليج مجرد حديقة خلفية لرمي النفايات ..
و مع ذلك فقد تمكنت المخابرات السعودية من تخليص هادي من قبضة الحوثيين و إستطاعت الفرار به إلى عدن في الوقت الذي أوشكت على الإنتهاء من الإعداد لعملية عاصفة الحزم ..
و لكي يثير هادي حفيظة الحوثيين، فقد قام و هو في عدن بمحاصرة فرع الأمن المركزي هناك و إقتحامه في عملية إستدراج واضحة للحوثيين إلى عدن يقوم بعدها بمناشدة السعوديين و تحالفها و الذين أكملوا إستعداداتهم للتدخل و إنقاذ الشرعية بحسبه، و هذا ما تم بالفعل لتبدأ العاصفة ليلة 26 من آذار 2015 في الوقت الذي كان هادي يتسلل بإتجاه عمان هرباً و لم يكن يدري عن بدء عمليات العاصفة شيئا…
الأصلاح بدوره و قد إستفحل الخلاف و توسع الشرخ بينه و بين أنصار الله و قيادة المؤتمر بفعل ما سبق من تحريض عبدربه له ضدهما، فقد أعلن تأييده للعاصفة و شرعية هادي المزعومة كنوع من الإنتقام منهما و تصفية الحسابات ليصبح الإصلاح غباءً هو المكون السياسي الوحيد من بين الثلاثة المكونات – التي أراد هادي التخلص منها – و الذي إستطاع هادي إستدراجه إلى الفخ الذي كان يريده لهم جميعاً بطريقة أو بأخرى وذلك بجره إلى مربع العدوان و التآمر على الشعب اليمني ..
كانوا يعتقدون في حقيقة الأمر أن العاصفة لن تستمر أكثر من عشرة أيام خلالها يتم تحقيق جميع أهدافها إلا أن صمود الشعب اليمني و تلاحمه في وجه العدوان قد أربك كل الحسابات و أجهض كل الخطط ليمضي العام الأول من العدوان و قد إزداد اليمنيون تلاحماً و إصراراً على النصر بينما إزدادت قوى العدوان الغاشم توغلاً و تورطاً في المستنقع اليمني و باتوا يبحثون عن مخرجٍ آمنٍ و سريع…
هكذا كانت رحلة هادي إلى هاوية السقوط في براثن العار و قد كان يريدها لنفسه أن تكون رحلةً آمنة و مريحة في بحر التآمر و الغباء لولا أن سفينة الشعب اليمني سارت بما لا تشتهيه عاصفة سلمان لتعود أدراجها مجرجرةً أذيال الخزي و الهزيمة و قد أغرقت عبدربه منصور هادي و من معه في مستنقعات العار و السقوط !!
#معركة_القواصم