عبدالباري عطوان : هل سيؤدي اعتراف التحالف السعودي في اليمن بخطأ ارتكاب مجزرة أطفال صعدة الأخيرة الى التسريع بإنهاء الحرب؟(التفاصيل)

إب نيوز ٢ سبتمبر

هل سيؤدي اعتراف التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن بخطأ ارتكاب مجزرة أطفال صعدة الأخيرة الى التسريع بإنهاء الحرب؟ وما الجديد هذه المرة؟ ولماذا صمتت الحكومة الشرعية ولم تدنها في حينها؟ وهل ستعتذر لأسر الضحايا أيضا؟

جميل ان يقر التحالف العسكري الذي تقوده السعودية ويشن عدوانا على اليمن منذ اربع سنوات بوقوع “أخطاء” في الغارة التي نفذتها طائراته قبل شهر تقريبا واستهدفت حافلة تقل أطفالا في مدينة مزدحمة شمال صعدة، مما أدى الى مقتل 51 شخصا من بينهم 41 طفلا، متعهدا، أي التحالف، بمحاسبة المتسببين بهذه الأخطاء وتعويص أهالي الضحايا، ولكننا سمعنا الكلام نفسه اكثر من مرة، وبعد كل مجزرة ترتكب في هذا البلد، في محاولة لامتصاص ردود الفعل اليمنية والدولية.

التقرير الدولي الذي أصدره مجلس حقوق الانسان قبل يومين، وصف هذه المجازر بانها ترتقي الى مستوى “جرائم الحرب”، والشيء نفسه فعلته عدة منظمات حقوق انسان عالمية، ولكن البيان الأهم، والذي دفع التحالف، في رأينا، الى التراجع عن “حالة الانكار” التي تمسك بها طوال الاسابيع الماضية، هو الذي صدر عن الولايات المتحدة، وعلى لسان السيدة هيذر نويرت، المتحدثة باسم الخارجية، التي قالت “ان حكومتها تأخذ على محمل الجد تقريرا امميا اشار الى “جرائم حرب” محتملة ارتكبت في اليمن من اطراف النزاع كافة من ضمنها المملكة العربية السعودية”، وأضافت “ان الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي التي أشار اليها هذا التقرير تقلق بشكل عميق الحكومة الامريكية”.

قلق الإدارة الامريكية يقلق التحالف وقيادته السعودية، لان أمريكا هي المصدر الأساسي لمعظم الأسلحة والطائرات الحديثة المتطورة والصواريخ التي تستخدم في حرب اليمن، وتقتل الآلاف من الأبرياء المسحوقين الذين لا يجدون قوت يومهم، ويواجهون المجاعات واوبئة خطيرة مثل الكوليرا في اليمن.

طائرات التحالف السعودي الاماراتي التي تقول قيادتها انها تطبق قواعد الاشتباك بدقة، وتضرب أهدافا عسكرية فقط، استهدفت على مدى السنوات الأربع الماضية من عمر الحرب حفلات زفاف، ومجالس عزاء، ومدارس ومستشفيات، ومعامل تعبئة مياه، ومنسوب عدد الضحايا من الأطفال والمدنيين في ارتفاع مضطرد.

كان صادما لنا، وللكثيرين مثلنا، التصريحات التي وردت في المؤتمر الصحافي الذي عقده العقيد تركي المالكي، المتحدث باسم التحالف يوم التاسع من شهر آب (أغسطس) الماضي، للتعليق على غارة على سوق في مدينة ضحيان شمال صعدة، وقال فيها “ان قصف حافلة الأطفال يعتبر عملا عسكريا مشروعا، ويأتي في إطار القانون الدولي، لأنه استهدف عناصر خططت ونفذت اطلاق صواريخ باليستية على مدينة جازان جنوب المملكة.

لا نعرف ماذا يقول العقيد المالكي الآن، وبعد تعبير قيادته السعودية العليا عن أسفها لوقوع هذه الغارة، وتقديمها تعازيها لأهالي الضحايا، معلنة تضامنها معهم، وتكليف لجنة للنظر في منح مساعدات لأسر المتضررين، وماذا سيرد على تقرير مجلس حقوق الانسان، وما ورد فيه من اتهامات بارتكاب جرائم حرب تشكل انتهاكا للقانون الدولي؟

فمن المؤكد ان أطفال الحافلة التي رأى العالم اشلاءهم المقطعة، وكانوا في رحلة مدرسية، لا يمكن ان يطلقوا صواريخ او قنابل، او حتى حجارة لصغر سنهم على المدينة المذكورة، او أي مدينة أخرى.

من يجب عليهم ان يقدموا الاعتذار ايضا، حتى وان جاء متأخرا، هم المسؤولون في الحكومة اليمنية الشرعية، الذين التزموا الصمت عند وقوع هذه المجزرة، وكل المجازر المماثلة، ووفروا بصمتهم الغطاء لها، وكأن الضحايا ليسوا من أطفال اليمن.

التقرير الاممي الذي اتسم بالنزاهة، واعده خبراء بناء على مشاهدات وتحقيقات ميدانية، ولم يترددوا لحظة في وصف حرب التحالف في اليمن، والحديدة خاصة، بـ”العدوان”، ويجب ان يكون هذا التقرير “جرس الإنذار” الأقوى، والأخير، لهذا التحالف، للمبادرة بوقف هذه الحرب في أسرع وقت ممكن، واستغلال مؤتمر جنيف الأسبوع المقبل فرصة في هذا المضمار.

“راي اليوم”

You might also like