عبد الباري عطوان : هل سيأخذ نتنياهو بـ”نصيحة” الجنرال سلامي نائب القائد العام للحرس الثوري ويبدأ التدريب على السباحة في البحر المتوسط استعدادا للنجاة بروحه؟
إب نيوز ٦ اكتوبر
عبد الباري عطوان
هل سيأخذ نتنياهو بـ”نصيحة” الجنرال سلامي نائب القائد العام للحرس الثوري ويبدأ التدريب على السباحة في البحر المتوسط استعدادا للنجاة بروحه؟ ولماذا لا ينفذ تهديداته بقصف المنشآت النووية السرية ومصانع صواريخ “حزب الله” التي كشف عنها في خطابه بالأمم المتحدة؟ وكيف تعاطى اللبنانيون مع رسائل الـ”واتس آب” الإسرائيلية التي تحذرهم من عدوان جديد؟
يوم الجمعة، وفي اجتماع تعبوي لقوات الباسيج الإيرانية في أصفهان، وجه الجنرال حسين سلامي، نائب القائد العام للحرس الثوري، “نصيحة” الى بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي بالإسراع بتعلم السباحة في البحر المتوسط، لأنه قد يجد نفسه مضطرا للهرب بحرا في الأيام المقبلة.
هذه “النصيحة” الملغومة فاجأت الكثيرين، ونحن من بينهم، رغم انها ليست جديدة، فقد وجه السيد حسن نصر الله، زعيم “حزب الله”، واحدة مثلها قبل بضعة اشهر، ولكن ليس لنتنياهو وانما للاسرائيليين عموما حثهم فيها للهرب “عبر البحر” الى الدول التي قدموا منها حفاظا على أرواحهم، لانه اذا انطلقت صواريخ “حزب الله” لقصف المدن الإسرائيلية فلن يجدوا وقتا للنجاة بأرواحهم.
الجنرال سلامي لا يطلق “النصائح” مجانا، ومن قبيل الصدفة، فشخص في مكانته يعرف ما يقول، ويختار كلامه بعناية فائقة، ويوجه رسائل الى جهات معينة، وفي التوقيت المناسب، وللوصول الى النتائج المبتغاه، فالمسألة اكبر من حصرها في اطار الحرب النفسية.
***
القيادة الإسرائيلية بدأت في الأسابيع الأخيرة التلويح بالحرب، وعلى لبنان و”حزب الله” تحديدا، ودشن هذا التوجه الخطاب الذي ادلى به نتنياهو من على منبر الأمم المتحدة أواخر شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، وعرض صورا لمنشآت نووية سرية إيرانية (تبين لاحقا انها مصنع للسجاد) وثلاثة مخازن ومصانع صواريخ، وقال ان “حزب الله” أقامها في الضاحية الجنوبية وقرب مطار بيروت، وكشفت القناة العاشرة الإسرائيلية عن ارسال آلاف الرسائل عبر “الواتس آب” الى لبنانيين في بيروت تطالبهم بإتخاذ الحيطة والحذر، لان ارواحهم مهددة لوجود منازلهم قرب هذه المخازن.
السيد جبران باسيل، وزير الخارجية اللبناني، قاد وفدا يضم 67 سفيرا ودبلوماسيا من بينهم السفير الروسي، لزيارة الأماكن التي حددها نتنياهو من بينها ملعب كرة القدم، وآخر لمدرسة قرب السفارة الاسبانية قرب الضاحية الجنوبية، ليتأكدوا بأنفسهم كذب هذه الادعاءات، وقال باسيل ان إسرائيل هي التي تهدد أرواح اللبنانيين واخترقت الأجواء 1417 مرة في الأعوام الأخيرة.
السؤال المطروح: اذا كان نتنياهو واثقا من معلوماته حول المفاعل النووي السري الإيراني، ومصانع الصواريخ التابعة لحزب الله، فلماذا لا يقوم بقصفها مثلما شن اكثر من 200 غارة لقصف اهداف إيرانية على الأرض السورية في اقل من 18 شهرا، وقبلها بسنوات عندما دمرت طائراته ما قيل انه منشآت نووية قيد التأسيس بمساعدة خبراء من كوريا الشمالية في دير الزور شرق سورية عام 2007؟
الإجابة على هذا السؤال يمكن اختصارها بالقول ان “الرعب” من “حزب الله” وصواريخه هو الذي يجعل نتنياهو يفكر مليون مرة قبل إعطاء الامر لطائراته بقصف لبنان وتدمير ضاحيته الجنوبية ومدن وقرى الجنوب، مثلما فعل في مرات سابقة.
الجنرال سلامي قال بالحرف الواحد في الخطاب المذكور آنفا “ان حزب الله اللبناني، حليف إيران، قادر وحده على تدمير إسرائيل، وان الإسرائيليين لا يصلون الى مستوى تشكيل تهديد لنا، حزب الله يكفي لتدميرهم”.
نشرح اكثر ونقول ان “الحزب” لا يحتاج الى صواريخ بعيدة المدى أي 800 الى 2000 كيلومتر للقيام بمهمة تدمير الدولة العبرية، وانما صواريخ قصيرة المدى في حدود 300 كيلومتر، وهو يملك عشرات الآلاف منها برؤوس اكثر دقة واكبر تدميرا، علاوة على آلاف الطائرات المسيرة (بدون طيار).
جاء الإعلان عن اكمال تسليم الجيش السوري لبطاريات صواريخ “اس 300” الروسية المضادة للطيران والصواريخ ليجعل أي محاولة إسرائيلية لضرب لبنان في قمة الصعوبة، لان هذه الصواريخ التي تصل مداها الى 250 كيلومترا قادرة على ضرب أي طائرات إسرائيلية مغيرة على لبنان قبل ان تدخل الجواء اللبنانية.
جنرالات إسرائيليون متقاعدون حذروا اكثر من مرة من ان القبب الحديدية الإسرائيلية لن تستطيع مواجهة الف صاروخ يمكن ان يطلقها “حزب الله” دفعة واحدة على حيفا ويافا وتل ابيب ونهاريا، ولا ننسى عكا وايلات وديمونا.
***
نختم بالقول، انه في ظل توازن الرعب الذي حققه “حزب الله” والقوة الاستراتيجية الصاروخية الإيرانية، وتعافي الجيش العربي السوري واستعادة سيطرته على اكثر من 90 بالمئة من الأراضي السورية، واكتساب خبرة قتالية جبارة، ننصح نتنياهو بأخذ نصيحة الجنرال سلامي بكل الجدية، فهذا الرجل لا يمزح، وزمن الغطرسة الإسرائيلية يقترب من نهايته.. واذا كان يعتقد بغير ذلك فعليه ان يجرب حظه، والأجواء اللبنانية مفتوحة امامه.. وهذا الميدان يا حميدان.. ومن يضحك أخيرا يضحك كثيرا.. والأيام بيننا.