عندما يكون الشرف ضريبة الإحتلال .. قصة واقعية .
إب نيوز ١٠ اكتوبر
كتبت / سعاد الشامي
في شهر مارس عام2017 كلفنا بمهمة زيارة للأسر النازحة وكانت معظم الأسر النازحة هي من محافظة تعز وتقطن في نفس المنطقة وتم إخباري عن وجود أسرة نازحة من عدن ولكنها غير متواجدة في نفس المكان ؛ كانت هذه الأسرة تسكن في بيت يعود إلى أحد المغتربين من أبناء تلك المنطقة وعند ذهابنا إلى هذه الأسرة لقينا بالبداية ممانعة من الأسرة بمقابلتها لنا وكان جواب الأب حينها ” لسنا نحتاج إلى أي مساعدات ولانرغب في مقابلة أحد ” ؛ كان وجود أسرة نازحة من عدن وبتلك المنطقة مثيرا للقلق وهذا ماجعلني مصرة على المقابلة والتعرف على أسباب النزوح .
كانت الأسرة مكونة من اب وابنة شابة وطفلة صغيرة وبعد أن تعرفوا عليا وأعطيتهم العهد واليمين بتنفيذ كل الشروط المطروحة من جانبهم بدأت البنت بسرد القصة وقالت: كنا نحن أكثر من رحبنا بتواجد دول التحالف في الجنوب وكنا من أكثر الناس حقدا على الحوثيين والشماليين بشكل عام وكانت نزعة الكراهية موجودة لدينا منذ الصغر وكنا نتطلع إلى التحالف بأنه المنقذ لنا.
قاطعتها بالحديث وسألتها :وهل أنقذكم التحالف فعلا؟!
تغيرت ملامح وجهها وأسود وجه الأب في ذات اللحظة وقالت وهي تبكي بل دمرونا ولهذا سأحكي لك قصة أختي المتوفية وأم هذه الطفلة والتي جعلتنا نترك عدن ونأتي إلى هنا ؛ كانت أختي في سنة رابعة طب أسنان وكانت اسرة زوج أختي بالخاص أكثر الاسر المتعاونة مع التحالف لدرجة ان معظم افرداها أصبحوا مجندين معهم ؛ وفي ذات ليلة احضر زوج أختي أحد الضباط الإماراتيين إلى منزله للعشاء وهناك عرفه على اختي على اساس لو احتاج إلى استشارة طبية في الم الأسنان فهي جاهزة لذالك.
كانت أختي في كل صباح تأتي بإبنتها إلى منزلنا وتذهب إلى الكلية وتعود للجلوس عندنا إلى أن يعود زوجها ليلا ليأخذها إلى منزلهم وفي ذات يوم خرجت أختي ولم تعد ظللنا نبحث عنها في كل مكان ولكن بلا جدوى وبعد نصف شهر بالضبط اختفى زوجها أيضا.
وبعد إكمال شهر من اختطاف أختي سمعنا دقات الباب وعند الفتح كانت المفاجأة فهذه هي أختي ولكنها أصبحت شاحبة وهزيلة جدا وفي هيئة مخيفة جعلت إبنتها تهرب منها عندما مدت ذراعها لتحضنها وهي تقول هذي مش ماما هذي مش ماما.
قاطعتها مرة أخرى وسألتها هل أخبرتكم كيف تم خطفها والتعامل معها؟!
قالت : أخبرتني أختي أنه تم خطفها أثناء عودتها من الكلية من قبل سواق الضابط الذي كان زوجها مجند عنده وكان على اساس انه مأمور من زوجها بتوصيلها إلى عندنا ولكنه اخذها إلى أحد الفنادق التي كانت تزخر بالعديد من الشخصيات الخليجية والسودانية ؛ وكلمتني بحاجات كثيرة جدا استحي ان اذكرها لكم ولكنها كانت فنادق للفسق والفجور والفاحشة وكانت تمتلئ يوميا بالكثير من الفتيات وحتى الأطفال الصغار ؛ وكان في حال التمنع او الرفض يتم أعطاهم منشطات ومشروبات غريبة تجعلهن فاقدات السيطرة على أنفسهن ؛ وقبل الافراج عنها قالت أختي أخذني الضابط الإماراتي على حد قوله لزيارة زوجي ولم اكن اعلم انه قد تم اختطافه بعد أن علم بمكان اختطافي وطالبهم بالإفراج عني وقالت ركبنا السيارة وعندما وصلنا وإذا بنا ندخل بيتا اشبه بالبدروم يمتلىء بالكثير من الرجال المعتقلين والمكبلين بالسلاسل ومن ضمنهم زوجي الذي أنهار بمجرد مشاهدتي وهو يصرخ اتركوها ياعيال الكلب؛ اتركوها ياعيال الكلب.
وواصلت حديثها قائلة : كانت أختي منهارة جدا وقالت لي وآسفاه يا سحر تضايقنا بوجود من جاؤوا لحمايتنا ورحبنا بمن اتؤوا لهتك أعراضنا وذكرتني حينها بقصة كرار ذلك الشاب الحوثي الذي كان في نقطة تفتيش أمام منزلنا عندما كان أنصار الله في عدن وغالبا ماكان يحمل في يده كتاب أخضر يظل يقرأه معظم الوقت والذي لم نلاحظ منه طرفة عينا واحدة سيئة تجاهنا برغم دخولنا وخروجنا يوميا من أمامه ونحن بدون نقاب والذي ذات مرة كان سيضحى بنفسه في سبيل انقاد بنت اختي من حادث مروري وحينها حاولت أختي أعطاه بعض الفلوس فرد عليها قائلا الله المستعان يا أختي هذا واجبنا ومانحن هنا إلالخدمتكم.
تنهدت طويلا وأبوها يبكي في الجانب الآخر وواصلت قولها ربما أن الأمر لم يكن بالهين على أختي ولكنا ماتوقعنا أنها قد تفكر بالإنتحار عندما كانت تطلب مني تصوير كل المناطق السوداء في جسدها و توصيني أنا وابي بقولها إذا مت سألتكم بالله خذوا بنتي تعيش عند الحوثيين لاتتركوها في عدن ومازالت دول التحالف هي المحتلة لها.
دخلت اختي غرفتها لتنام وعندما استيقظنا بالصباح وذهبت كي اصحيها من النوم وجدتها جثة هامدة واخذناها إلى المستشفى والتي بعد أن طلعت نتائج تحليل الجثة كان سبب الوفاة هو تعاطي مواد سامة وبعد تواصلنا مع أخي المغترب بالبحرين طلب منا دفنها والخروج من عدن فورا بعد أخذ الموافقة من صديقه هناك بالذهاب إلى مدينته والجلوس في بيته ولهذا نحن عندكم وفي مدنكم بعد أن دفعنا شرف أختي ضريبة للقبول بالإحتلال .
للعلم_ كنت قد كتبت هذه القصة في
حينها ويومها على حسابي الأول والذي تم تعطيله.