عاشوراء وما بعدها: شخصية السيدة زينب (ع) وحفظها للإسلام.
إب نيوز ١٥ اكتوبر
بتول عرندس
الجزء الثالث
*بحث متواضع أضعها بين يديّ القراء في سلسلة حلقات متتالية، تبيانًا لعظمة الدور الرسالي الذي لعبته السيدة زينب (ع) والذي حفظت وصانت من خلاله الإسلام بعد أن عِيث بهِ فسادًا وطغيانًا وبدعًا وجورًا*
بتول عرندس
يمكن الجزم بأن السيد الحوراء زينب (ع) أعدّت منذ نعومة أظافرها لهذا الموقف الرسالي الخالد الذي جسدته خلال عاشوراء وما بعدها. نعم، فهي التي شهدت خلال السنوات الخمس الأول من عمرها الشريف جهاد جدها الرسول محمد (ص) في نشر الرسالة وتثبيت أركان الإسلام ودعائم الدولة الإسلامية المتينة. تلا وفاته (ص) بلاغة أمها الزهراء )ع) واستبسالها في الدفاع عن مقام الإمامة وخلافة الرسول وما رافق ذلك من أحداث أليمة تطلبت الصبر والثبات وصولًا إلى تولي أبيها الخلافة والمؤمرات التي حيكت له حتى مقتله الشريف، كذلك ، تجرعت غصة فقد أخيها الحسن المجتبى (ع).
كل ذلك كان إعدادًا لثورة كربلاء، للنهضة الإنسانية السياسية الشاملة وابتي خلّدها التاريخ، نهضةُ إصلاح الدين والأمة التي عصفت بها الفتن والفساد وتولى خلافتها ورعايتها حاكمٌ فاسقٌ فاجرٌ وقاتل. أظهرت خلال هذه النهضة العقيلة (ع) وأثبتت عظيم كفاءاتها ومهاراتها القيادية وتعمقها في الدين والسياسة ووعيها الإجتماعي والنفسي والعقائدي، لتكون اليوم وفي كل زمن ومكان خير إنموذجٍ وقدوة.
جاهدت وصبرت وتحملت وتحدت طغيان المفسدين غير عابئةٍ ودون أن يتزعزع ثباتها وصمودها، مخاطبةً ربها “اللهم تقبل منا هذا القربان.” لم تضعف ولن تنهار فكانت أيقونةً خالدةً في التضحية فداءً للعقيدة والدين ومارست دورها المنوط ببلاغة وإبداع وموضوعية، وكان استخلاصها وقرائتها لما جرى، “ما رأيتُ إلا جميلًا.” هذه البصيرة النافذة فضحت جبروت يزيد الحاكم الظالم الذي عجز عن إذلالها وكشف كذب وزيف وعدم شرعية حكمه الذي لا يمت للإسلام بصلة والذي كذّب واستهزئ بآيات الله. لم ترتعد فرائص بنت الرسالة رغم وحشية هذه الجريمة، بل أماطت اللثام عن زيف الأمويين وسمو آل البيت ومكانتهم العظيمة.
#يتبع