اليمن .. و أنبياء اللّه !
إب نيوز ٢٤ اكتوبر
و في معرض ذكر ظلم السّوء للحسن ، و ظلم الغواية للعفاف في القرآن أنموذجان بارزان ؛ فرجل ذو عفاف و مجتمع غاوٍ ينجلي سيّدنا يوسف ( عليه السّلام ) في أجمل قيمة لعفّة شاب في عنفوان شبابه و وسامته فيرفض كلّ الإغواء و طرق الشّيطان و يجسّد انتهائه لنهي اللّه : “و لا تقربوا الفواحش ” في جوّ متاح و جوّ لا رقيب فيه سوى ذلك الضّمير النّبوي السّماوي الملائكي المرتبط باللّه و اللامتجاوز له ،
عظمة العِفّة لا تضاهيها عظمة أيّ قيمة في البشر !!
مضى و انتصر ذلك الذي غار منه أحد عشر كوكبا جاؤوه فيما بعد بالشّمس و القمر حين انتصر لأمانة اللّه التي وضعها الله فيه فصان روحه و جسده عن كل فاحشة و ما يدعو و يقرّب منها ، و هكذا هم الأنبياء و المرسلون و من يمضي على دربهم .
و لكنّ العفّة أجمل في المرأة التي هي موطن الغواية لو اختارت ذلك لتنجلي في القرآن مريم العذراء كأنموذج فيه من العظمة مافيه فعفّة فتاة في زهو شبابها و جمالها تنمو في جوّ النّبوة و تنقطع عن البشر لعبادة اللّه و قد تقبّلها ربها بقبول حسن حين استجاب لأمّها التي نذرتها له منذ وهي جنين في أحشائها لتضرب أقوى و أجمل تحد و انتصار على أي محاولة لانحراف الفطرة السّويّة ،.
مريم التي لم تكدها نساء مصر بقيادة زليخة كما كدن يوسف ،لكنها تتعرّض لقهر مجتمع بأكمله فمن يرميها و يقذفها مجتمع برجاله قبل نسائه لتتعاظم و يعظم ثباتها فتنذر صومها عن الرّد و تجعل من الصّمت وسيلة جديدة في محكمة كلّ قضبانها سوء و شكّ و ريبة ،
مريم يظلمها مجتمع فتواجههم بصمت لألم يحترق فيها و يتوقد دمعات تترقرق و تحاول إطفاء ألمها و هي امرأة صدقت مع اللّه فصانت أمانته في روحها و جسدها فما دام حبسها كثيرا حيث تكلّم وليدها في المهد يدفع عنها عدوان قومها و قهرهم، و يشفي ألمها و ينتصر لصبرها و يبلسم قلبها الجريح بعد قهر من تعوّذ الرسول ( صلّى اللّه عليه وآله و سلّم ) من قهرهم .
نعم أخذتني العذراء الطّاهرة مريم بنت عمران لتحكي لي عن انتصارها على من ظلمها ، انتصارا بعد حرب روحيّة نفسيّة عليها ، حرب خرجت منها منتصرة ينتصر معها و فيها العفاف و تكون أمّا غير الأمهات فهي من طراز لامثيل له ، هي أمّ لنبيّ دون أبّ ، فكيف يصدّق علم الأجنّة معجزة كهذه ؟
وليدها كان طبيبها الذي بدأ بتطبيبها فقد بدأها بالحنان منذ خروجه من بطنها كتعويض لها عمّا افتقدته من رحمة و حنان قومها الذين ما أشعروها إلا بقسوتهم و نظرتهم إليها بغيّا أو امرأة سوء .
أخذتني مظلوميّة تلك السّيّدة إلى عالم من حنان و طبّ عجيب ، طبّ الابن لأمّه ،
لقد ولدت حنانا حين ناداها وليدها شافيا مطببا لجرح قلبها ناطقا ب : ” ألّا تحزني قد جعل ربّكِ تحتكِ سريّا “،
ليواصل تطبيبه لها في أنصع آيات العرفان و برّ الولد بأمّه و هو المولود في مهده فيقول لها : ” و هزّي إليكِ بجذع النّخلة تساقط عليكِ رطبا جنيّا ، فكلي و اشربي و قرّي عينا ، فإمّا ترينّ من البشر أحدا فقولي : إنّي نذرت للرحمن صوما فلن أكلّم اليوم إنسيّا ” .
لأنبهر من تلك المرأة و من ذلك المولود فهي من تحمّلت سوء ظن قومها و أمراض نفوسهم و عقدهم ، و فسق و دناءة تفكيرهم ، و ترفعت و ارتفعت على جراحها و ألمها و اتخذت من ثقتها بالله سلاحا رجمتهم به و أقامت عليهم حدّ قذفها و هي العذراء البتول .
و أمّا أنا فبعد إنصاتي لحروف القرآن في سورة مريم و خاصّة آيات بلسمة عيسى لأمّه ( عليهما السّلام ) فقد امتزجت و اختلطت في روحي تساؤلات ما استطعت تحليل و تفكيك تشعّباتها، ولكنّي عدت أكثر إيمانا بانتصار اللّه للمظلوم الواثق باللّه ، و قد تراءت لي بلدي اليمن في صورة يوسف و انعسكت في مظلومية مريم ، كما أنّ اليمن تجاوزت يوسف و مريم عليهما السّلام إلى كلّ أنبياء و رسل اللّه،
فاليمن تقصف و تقتل و تصلب و تحاصر و تجوع و تضطهد و تقذف في عدوان ماحصل على مرّ التّاريخ !!
نعم :
اليمن يوسف بظلم إخوته له فظلم عاشقته .
اليمن هابيل بظلم قابيل .
اليمن إبراهيم بظلم الكفرة و تلمودهم.
اليمن موسى بظلم فرعون و ظلم بني إسرائيل .
اليمن مريم بظلم قومها .
اليمن عيسى بظلم بني إسرائيل .
اليمن محمّد بظلم الكفّار و اليهود .
اليمن عليّ و الحسن و الحسين و فاطمة و زيد بظلم دواعش تلك القرون من بني أميّة و امتداداتهم اليوم .
اليمن تعيش مظلوميّة التاريخ و الحضارة و لهذا فهي منتصرة انتصار أنبياء و رسل اللّه و انتصار الثّقلين : كتاب اللّه و عترة رسول اللّه( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم).
اليمن تنتصر بثقة و مسيرة قرآنية بقيادة ابن رسول اللّه السيّد القائد / عبدالملك بن بدر الدّين الحوثي و جنده و ثقافتهم و إخلاصهم و انتصارهم للّه الذي وعدهم قائلا : ” و لينصرنّ اللّه من ينصره “.
و السّلام
أشواق مهدي دومان