ثبات الإنتظار !!
إب نيوز ٣٠ اكتوبر
بقلم / سكينة المناري.
تدور عدة أسئلة عنه وتجول في خاطرها منذ وقت طويل لم تجد لها خبراً يقين ،بعد أن خلد أبنائها الثلاثة للنوم ،ترى هل مازال على قيّد هذه الحياة أم قد غادرها وارتقى إلى جوار ربه!
ترى هل هو يمكث في مكان يأكل ويشرب أم هو مشرد جائع !
هل هو يعيش في راحة وعيش هانئ أم هو أسير يعذب ويلاقي أصناف التعذيب من تلك الوحوش البشرية التي لا ترحم !!!
دقّت الساعة الثانية عشرة وأنصتت الزوجة إلى الدقّات تعدها واحدة واحدة ، ثم أرسلت من صدرها زفرةً حارّة ، أغمضت عينيها وقد استعصى عليها النوم،وقد وأرهقها عناء أبنائها اللذين يتلهفون شوقاً لرؤية والدهم المجاهد الذي ذهب إلى الجبهة ولم يعد ولم يُعرف مصيره المجهول أكان حياً أم ميتاً!
مازال في اعداد المفقودين قال البعض أنه ربما أُسرّ، ويقول آخر ربما أنه أستشهد وقد أخذ العدو جثته! وآخر يقول ربما مازال حياً وسيأتي !
كلها مجرد أقوال فقط وليس أي منها خبراً قاطعاً ومؤكداً ، سنة ونصف مرت ولم يعرفوا عن مصيره شيء
تذكرت الزوجة ابنها الصغير حين قال لها متى سأرى أبي لقد أشتقت إليه كثيراً وأصبحت أراه في الحُلم كل يوم ، انسابت من جفنيها دمعتان جرتا على وجهها المغضن واستقرتا على الوسادة ،تذكرت أيضاً أهلها اللذين قاطعوها بسبب إنتمائها للمسيرة القرآنية ومواصلة الطريق الذي رسمه لها زوجها ، والذي خيروها بين أن تترك هذا الطريق أو مقاطعتهم لها
تشعر بقواها خائرة وحيدة لم يعد لها سند تتكئ عليه، سيما أن أهلها أصبحوا لها مخاصمين وقاطعين صلة الرحم بها أو حتى زيارتها في المناسبات ، اندفعت في نوبة من البكاء
ثم رفعت يديها مرتجية ربها
إلهي!! أسألك أن تلهمني الصبر والثبات وقوة الإيمان
إلهي!! إنك تمتحنني فجعلني من عبادك المخلصين واكشف كربتي فلا ملجأ إلا إليك ولا مفر إلا بك …
جاء إليها أهلها كمرة أخيرة لثنيها عن طريق الجهاد بترهيب وترغيب
لكنها ترى أنه لا بد من مواصلة المسير الذي وصاه به زوجها قبل رحيلة بأن تظل تنهج نهجه ودربه
فقالت لهم وكلها ثقة بالله وعزيمة ، أنتم أهلي وإن تخليتم عني لن يضرني شيء فالله عز وجل قد بصّرني و هداني إلى النور ، لقد عاهدت الله ومن ثم زوجي المفارق لي بأن أثبت على هذا الطريق ما حييت
نعم! أنتم أهلي لا يضرني مقاطعتكم لي ولن تشفعوا لي إن تخليت عن المسؤولية التي حُملت على عاتقي
سأُربي أبنائي على نهج القرآن والجهاد وسأواصل قول الحق ومواجهة الباطل
إذهبوا!! والله إني لن أحيد عن هذا الدرب وأني لأنتظر زوجي المفقود فإن جائني حياً أكملت معه حياة الجهاد في سبيل الله وإن جائني شهيداً سأعبر الجسر الذي بناه لي بدمائه الطاهرة حتى أصل إليه.