أي واقع صار إليه العرب؟!
إب نيوز ٤ نوفمبر
وفاء الكبسي
ونحن نعيش اليوم زمن الجاهلية الأخرى، زمن إدعاء دول الإستكبار العالمي من أمريكا وغيرها من الدول بأنهم من أرسوا حقوق الإنسان مع أن العالم لم يلمس هذه الحقوق المزعومة، فهل فعلًا هذه الدول هي من أسست حقوق الإنسان؟!
لنعد إلى رسالة محمد بن عبدالله خاتم المرسلين وحبيب ربِ العالمين الذي أرسله الله للناس رحمة وهدى، يبلغهم الرسالة ويعلمهم كل ما فيها، ويحكم بها ويقيم العدل بينهم فلا فرق بين غني أو فقير، ورفع الظلم عن المظلومين في زمن كان يباع فيه الإنسان مثل أي سلعة تباع وتشترى، وفعلًا نجح الرسول عليه الصلاة السلام وعلى آله في تحرير كل الضعفاء من أيدي الظالمين الذين كانوا يسلبون حق الإنسانية من هؤلاء المستضعفين، وأقام الدولة الإسلامية المدنية على أساس العدل و المساواة بين الناس، والتعامل معهم بلغة الإنسانية ومقياس أنهم بشر لا فرق بين غني أو فقير أو قوي أو ضعيف ، وأصبحت هذه الدولة الإسلامية رمزًا للعالم في كل شيء من إرساء العدل والرحمة وحقوق الإنسان، إذًا يجب أن نقول أن أول من أسس دولة مدنية يقام فيها العدل والحرية وحقوق الإنسان هو خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام وعلى آله..
فأين ذهبت هذه الدولة الإسلامية وما كان يقام فيها من عدل ومساواة بين الناس دون النظر إلى أن فلان يملك كذا أو فلان ليس لديه كذا من المال والجاه والحسب والنسب ، لكن المهم أن الجميع كانوا يعيشون بلغة واحدة هي لغة الإنسانية، وهذه اللغة لا تفرق بين غني أو فقير ولا حاكم ولا محكوم ، ولذلك يستحقوا أن نتذكر أفعالهم التي كانوا يتسابقون فيها تجاه فعل الخيرات، ومنذ أن ترك المسلمون تعاليم أول دولة مدنية في الإسلام تحولت نظرة العالم إلى المسلمين أنهم إرهابيين ومتعصبين..
والغريب في الثقافة السائدة عند معظم المسلمين أنهم يتحدثون عن الأخوة دون إدراك لمعناها الحقيقي وحقوقها، بل أصبح هذا الكلام خداعًا وبعيدًا كل البعد عن الواقع القائم الآن، فهل من الأخوة أن يضرب الأخ أخاه وينتهك حرماته؟!
أي نفاق يعيشه العرب اليوم فهم يهدرون المليارات لشراء السلاح لقتلنا ودمارنا وخرابنا فلا هَمّ لهم اليوم سوى التآمر على بعضهم البعض، وشن عدوانهم على اخوتهم، على أصل العرب ، على اليمن، إنهم بذلك قد تراجعوا إلى عصر ما قبل الإسلام إلى عصر الجاهلية، حيث العنصرية والظلم وإستعباد الفقراء، وبالطبع أنا لا أقصد كل العرب ، وإنما أقصد كل من ساعد على الظلم والإستبداد على مدى التاريخ وخاصة من ساعد أمريكا وإسرائيل بعدوانهم على اليمن وطبلوا وبرروا ذلك.
لقد أصبحت الشعوب العربية قطيع من الغنم يقودهم حاكم ظالم فاجر إما بالظلم أو القهر، فالعرب هم صنعوا الطغاة وابتدعوا قضية أن الحكام يملكون الأرض ومن عليها، أو بمعنى آخر أنه الراعي والشعب هو الرعية مثل قطيع الغنم وإن كان ذلك قام بالظلم والقهر ولكن في النهاية لم تحصد الشعوب سوى المهانة والإذلال والإستعباد والإستحمار فاختزلت الدول العربية كلها في شخص الحاكم فتم قتل العقول ..
وسوف أضرب لكم مثالًا عن قتل العقول للشعوب، هو مايتم اليوم من تطبيع علني مفضوح وصريح مع العدو الأزلي للمسلمين الذي لن تكون إلا عدوة لدودة للإسلام والمسلمين
قال تعالى: { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا }
إسرائيل ذلك الكيان المغتصب المحتل لجزء مقدس ومهم من أراضينا، ذلك الكيان الدموي فكيف يتم معهم تطبيع ؟!، ولكن بما أن الحاكم هو من يريد ذلك التطبيع، فماكان من الشعوب إلا التطبيل والسكوت عن هذا الجرم الفادح ، بل والأدهى أنهم قدموا للشعوب بأن عدوتهم هي دولة إيران، فجعلوا منها ذريعة حمقاء واهية لشن عدوانهم الظالم الغاشم علينا رُغم تكشف الحقائق أمامهم بمدى الظلم والنهب والإستبداد والعنصرية لذلك الكيان الصهيوني، ومدى امتهان الحكام العرب لشعوبهم وإذلالهم من أجل هيمنة أمريكا عليهم..
أيها العرب هل الأسلحة التي تضرب بها الشعوب العربية اليوم إيرانية الصنع ؟!
وهل من اجتاح العراق هي إيران ؟!
وهل من يدمر سوريا ويريد ضم الجولان للكيان الصهيوني الإسرائيلي هي إيران ؟!
ومن دمر ليبيا ؟!
ومن المستفيد من تدمير واحتلال اليمن؟! وهل من يقتل في اليمن إيرانيين ؟!
أي غباء وتبلد تعيشها الشعوب العربية اليوم..
ليس دفاع مني لإيران ولكن لنعرف من هو عدونا الحقيقي، ومن هو المهيمن والمسيطر على كل المقدرات العربية بل أن أمريكا هي الحاكم الفعلي والآمر الناهي للدول العربية
وماذا نتج عن هذه الهيمنة كل هذا الواقع الدموي المأساوي للشعوب العربية ولليمن، لنقارن كيف تعامل العرب مع الرسول عليه السلام حين أرسله الله ليخرجهم من الظلمات إلى النور فماكان منهم إلا أن رموه بالحجارة ووضع الأذى في طريقة ، فإذا كان أجداد العرب قاموا برمي الرسول بالحجارة فماذا ننتظر من الأحفاد اليوم غير الظلم والإستبداد ورمي بلد الإيمان والحكمة أحفاد أنصار رسول الله بصواريخ الغدر والخيانة!
لوتسألنا أين هي الحضارة العربية بعد الإسلام وماذا قدم العرب للبشرية غير الإستبداد والظلم والفجور ، وهذا ما جعل العالم ينظر إلينا بأننا لا نعلم شيئًا عن الإنسانية ولا التعامل بين البشر وكأننا إرهابيون همجيون متخلفون رُغم إن الإسلام رفعنا درجة عالية وفضلنا على العالمين قال تعالى:{ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}، ولكن الانحراف عن الرسالة المحمدية والبعد عن رسول الله ومنهجه وأخلاقه، وموالاة الظالمين جعلت من العرب شر أمة اخرجت للناس وضربت عليهم الذلة والمسكنة فصاروا تحت أقدام أحقر خلق الله اليهود من ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة فأي مصير صار إليه العرب، وأي جهل وطغيان وواقع جاهلي مطبق يعيشونه؟!
قد يفهم البعض أني أكتب هذا الكلام كراهية في العرب أو المسلمين، لكن يشهد الله العلي القدير أني مسلمة غيورة على دين الإسلام، وأنا أكتب هذا الكلام وأتمنى من الله عز وجل أن يرجع المسلمون إلى دينهم الحق لفعل الخير، وأن يتسابقوا عليه كما فعل المسلمون الأوائل المعاصرين للرسول عليه الصلاة والسلام وعلى آله، وأن يصبح العرب المسلمين رمزًا للعالم في العدل والرحمة والمساواة وحقوق الإنسان ، لكي تتذكرنا الأجيال القادمة كما نتذكر نحن الآن من طبقوا الإسلام الحقيقي في عصر الرسول الأعظم ونكون خير أمة أخرجت للناس.