صورة ذابت مع جثة خاشقجي! .. تعرف عليها.
إب نيوز ٩ نوفمبر
مضى اكثر من شهر ولازال العموض هو سيد الموقف في بعض جوانب جريمة قتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي الذي تمت تصفيته خلال دخوله القنصلبة السعودية في اسطنبول التركية في الثاني من اكتوبر الفائت.
وفي تطور ملفت على صعيد الأزمة القائمة، أكد مصدر في النيابة العامة التركية أن جثة جمال خاشقجي تمت إذابتها بالكامل بواسطة أمحاض كيميائية فور مقتله قبل شهر.
وأضاف هذا المصدر التركي عن العثور على بقايا مواد كيميائية خاصة في بئر ببيت القنصل السعودي و من قنوات الصرف الصحي في المنطقة .
وحول كيفية هذه العملية قال المصدر بأن الأشخاص الذين قاموا بقتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية أذابوا الجثة بالأحماض داخل إحدى غرف منزل القنصل السعودي شهر الماضي .
هذه التصريحات تأتي ضمن حرب إعلامية شرسة وقعت بين تركيا و السعودية عقب إختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي في أسطنبول إذ أعلنت السلطات التركية منذ بدء الأزمة بأنهم سيتابعون ملف إختفاء خاشقجي لمعرفة مصيره الغامض بعد ان دخل الى القنصلية السعودية من دون ان يسجل اي خروج له.
وفي أحدث تصريحات لمسؤولين اتراك حول مكان جثة خاشقجي طالبت النيابة العامة التركية الى فتح التحقيق حول “التخلص من جثة خاشقجي عببر تذوبيها ” بعد أن كشف مسؤول تركي رفيع المستوى عن إرسال السعودية خبراء في مجال السموم و الكيمياء لإخفاء أدلة مقتل خاشقجي قبل تفتيش القنصلية السعودية من قبل السلطات التركية .
والقضية لم تنته عند هذا الحد بل وجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أصابع الإتهام الى القيادة السعودية من أعلى مستويات حيث قال في مقال له في جريدة ” واشنطن بوست” الأمريكية : “نعلم أن الأمر بقتل خاشقجي جاء من أعلى مستويات في الحكومة السعودية”.
في سياق متصل رد محمد بن سلمان ” الملك الحقيقي” في السعودية على سؤال وسائل الإعلام حول مصير الصحافي جمال خاشقجي قائلاً بأنه غادر القنصلية بعد دقائق من مجيئ اليها ليأتي بعد كلامه بيان سعودي يعلن رسمياً مقتل جمال خاشقجي إثر “شجار” مع “من قابلهم” في القنصلية من دون اي توضيح آخر.
هذا البيان السعودي أكد إعتقال 18 شخصاً من الذين شاركوا في جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي بينهم سعود القحطاني مستشار الديوان الملكي و من أقرب شخصيات الى محمد بن سلمان حيث سبق و اعلن بأنه “موظف” لأوامر الملك و ولي العهد إضافة الى تقرير جريدة واشنطن بوست الأمريكية التي أشارت بأمر محمد بن سلمان الى إستدراج جمال خاشقجي الى تركيا.
الوضع يصبح اكثر صعوبة لمحمد بن سلمان عندما تنشر وسائل الإعلام التركية صور 15 سعودياً دخلوا الى القنصلية السعودية قبل مجيئ خاشقجي بساعات لتنشر صورة ماهر مطرب احد أعضاء فريق محمد بن سلمان الأمني الذي كان يرافقه في معظم زياراته الخارجية و كان يتولى مسؤولية أمن ولي العهد في تلك الزيارات.
هذه التسريبات التي بدأت وسائل الإعلام الغربية بنشرها نسفت صورة محمد بن سلمان حيث لم يعد لرجل مكانة حتى بين أصدقائه الأروبيين والأمريكيين الذين الغوا رحلاتهم الى مؤتمر الإستثمار السعودي عقب مقتل خاشقجي .. لكن ما هي طبيعة صورة بن سلمان في الغرب و كيف نسفتها جريمة مقتل خاشقجي؟!
*صورة محمد بن سلمان ” الليبرالي”، من صالونات الغناء الى قيادة السيارة
منذ توليه منصب ولاية العهد قبل عام 2017 اي بعد إنقلاب خفي على ابن عمه محمد بن نايف، بذل محمد بن سلمان اقصى جهوده لرسم صورة قوية لنفسه في الإعلام الغربي والاوساط السياسية الغربية ليوفر بذلك الارضية للتربع على العرشبعد التخلص من والده.
وقد زار بن سلمان عواصم أوروبية عدة إضافة الى الولايات المتحدة حيث التقى بشركات عالمية في مجال التقنية و الإعلام ناهيك عن البدء بمشاريع علمية و إقتصادية تشبه بـ “أحلام صبيانبة” مثل رؤية السعودية 2030 اضافة الى مشروع مدينة “نيوم” حيث اراد بن سلمان ان يوصل نفسه الى أعلى مستويات في العالم خلال سنوات قليلة! الأمر الذي لم و لن يتحقق في ظل الاوضاع التي تعيشها السعودية حاليا.
أما الوجه الآخر لمحمد بن سلمان يعود الى المجتمع السعودي حيث يعيش سنوات طويلة تحت سياسة قاسية تقيد حرية الأشخاص خاصة النساء اللاتي يشكلن جزءً كبيراً من المجتمع. دخل محمد بن سلمان في الساحة الاجتماعية من منطلق الإصلاح والإنفتاح مخدعا أبناء الشعب حيث أمر بسماح قيادة السيارة للنساء فضلاً عن إدخال حفلات الغناء وعرض الأفلام الهووليودية في صالونات السينما في أنحاء السعودية ليقدم نفسه بأنه رجل ” الإصلاح و الإنفتاح” و يعشق “العلم و التقدم” في الوقت الذي قام بحملة إعتقالات واسعة ادت الى سجن عشرات من معارضي نهجه الذي وصفه بـ”الاصلاحي”.
رسم هذه الصورة “الليبرالية” من ولي العهد السعودي لم يكن مجاناً للرجل الذي تحاول التربع على العرش من خلال دحس الآخرين حيث عمد الى سجن عشرات الناشطين والناشطات بتهم أمنية و التخابر مع جهاز أمنية خارجية ثم الإطاحة بمعارضيه في العائلة الحاكمة التي اشتهرت بقضية فندق ” الريتز كارلتون” وصولا الى سجن كبار رجال الدين السعوديي الذين كانت لديهم ملاحظات على طريق “الإنفتاح” الذي كان بصدد تطبيقه للتربع على عرش السلطة.
من جهة آخرى هذه الإعتقالات شوهت صورة بن سلمان في الإعلام الغربي الا انه دفع مخطاته الى الامام في ظل الدعم الذي كان يحظى من قبل الصقور في البيت الاببض فيما بينهم صهر الرئيس الأمريكي “جارد كوشنر” حيث كان ومازال يعتبر بن سلمان الرجل “المناسب” لدفع المنطقة الى ساحل الامان الا ان الغرب و أميركا و خلال هذا الدعم يهدفون الى عقد صفقات مع النظام السعودي ليجلبوا من خلاله مالا وفيرا لهم.
*الصورة التي تذوب مع جثة جمال خاشقجي!
التصریحات الترکیة التي صدرت هذه الايام رمت بن سلمان بكل جبروته و صورته المصنعة بالدولارات النفطية الى برميل الاسيد الذي أذابت فيه جثة جمال خاشقجي في منزل القنصل السعودي! و هي ليست الا نهر صغير من سيل عظيم قد يجرف بن سلمان و أحلامه من الجذور بأي لحظة فلا يمكن لأحد اليوم ان يرجع لبن سلمان ما الذي خسره في أزمة خاشقجي ولا يمكن لهذا الرجل “المعتوه” ان يفكر بعرش السلطة في ظل فضيحة عالمية كبرى قلت نظيرها في العالم على مستوى قساوة المخطط و ملابسات الجريمة !
ربما استطاع بن سلمان ان يهرب من قبضة أردوغان بعد تمويل الإنقلاب الفاشل تركيا عام 2016 او كان قطع العلاقات مع إيران و قطر في غطاء غربي تام او استطاع ان يسكت العالم بعد الإشتباك السياسي الذي دار مع كندا عقب أزمة الحقوق الإنسان لكن هذه المرة وقع نفسه في بئر عميق لا يستطيع أحد إنقاذه حتى الدولارات التي دفعها لترامب التاجر!