عبدالباري عطوان : هل سيكون انسحاب قطر من منظمة “أوبك” مقدمة لإنسحابها “الأكبر” من مجلس التعاون الخليجي؟
Share
إب نيوز ٣ ديسمبر
هل سيكون انسحاب قطر من منظمة “أوبك” مقدمة لإنسحابها “الأكبر” من مجلس التعاون الخليجي؟ ولماذا نختلف مع وزير نفطها ونجزم بأنه قرار “سياسي” بالدرجة الأولى واحتجاجا على الهيمنة السعودية؟ ومن هي الدولة التالية التي ستتبع الدوحة وتغادر المنظمة؟ ايران مثلا؟
دولة قطر “مغرمة” دائما بالمفاجآت وتصدّر العناوين الرئيسية في الصحف ونشرات الاخبار التلفزيونية، وآخر مفاجآتها، الإعلان صباح اليوم عن عزمها الانسحاب من منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” التي انضمت الى عضويتها عام 1961، أي لنحو ستة عقود، اعتبارا من شهر كانون الثاني (يناير) المقبل.
السيد سعد شريدة الكعبي، وزير الدولة القطري لشؤون الطاقة، أعلن هذا القرار في مؤتمر صحافي عقده صباح اليوم، وقبل يومين من اجتماع وزراء نفط المنظمة (أوبك) في فيينا يومي الخميس والجمعة القادمين لوضع استراتيجية جديدة تتضمن تخفيض حصص الإنتاج بحوالي 5 بالمئة، لوقف انهيار الأسعار التي انخفضت بنسبة 30 بالمئة في الأسابيع الأخيرة، ووصلت الى اقل من 60 دولارا للبرميل بعد ان بلغت 86 دولارا في شهر تشرين اول (أكتوبر) الماضي.
الوزير الكعبي قال ان القرار ليس سياسيا، وانما للتركيز على انتاج الغاز المسيل الذي تعتبر دولة قطر أكبر مصدر له في العالم حيث وصلت صادراتها الى 77 مليون طن سنويا، وتريد رفعها الى 110 اطنان في حدود عام 2024.
لا نعتقد ان هذا التبرير لقرار الانسحاب سيقنع الكثيرين، سواء داخل “أوبك” او خارجها، فالعضوية داخل المنظمة التي لعبت قطر دورا نشطا فيها منذ عام 1961 رغم كونها الأصغر فيها (انتاجها الحالي 600 ألف برميل يوميا) لا يعيق تطويرها لحقولها الغازية وزيادة صادراتها بالتالي.
القرار سياسي بامتياز، ويجب النظر اليه في ظل التوتر الكبير في علاقاتها مع المملكة العربية السعودية، والحرب الإعلامية المتصاعدة بينهما منذ فرض الأخيرة وحلفائها (الامارات، مصر، والبحرين) حصارا على قطر قبل أكثر من عام، وتقدمها للائحة تضم 13 شرطا لا بد من الاستجابة لها لرفع الحصار على رأسها اغلاق قناة “الجزيرة”، ووقف دعم “الإرهاب”، وانهاء العلاقة مع حركة “الاخوان المسلمين”.
ويرى السيد عبد الصمد العوضي، الخبير الكويتي العالمي في شؤون الطاقة، الذي مثل بلاده في منظمة “أوبك” لمدة 21 عاما، ان قرار الانسحاب القطري هو قرار احتجاجي بالدرجة الأولى، وقال لـ”راي اليوم” ان دولة قطر باتت تشعر ان هناك ثلاث دول تسيطر على أسواق الطاقة واسعارها حاليا هي المملكة العربية السعودية وروسيا وامريكا الامر الذي أدى الى تراجع دور منظمة “أوبك” في هذا المضمار.
هناك سؤالان مطروحان بقوة على ضوء هذا القرار القطري: الأول، عما اذا كان سيؤدي الى انسحاب دول أخرى، وللأسباب نفسها؟ اما الثاني، فيدور حول عدم انسحاب ايران التي تعتبر من اكثر المتضررين من المملكة العربية السعودية وسياساتها المتمثلة في العمل مع أمريكا لخفض أسعار النفط، بضخ اكثر من مليون برميل في الأسواق العالمية لإغراق الأسواق، وخلق فائض كبير يؤدي الى انخفاض الأسعار، مما ينعكس سلبا على العوائد الإيرانية ويزيد من اخطار الحصار؟
انسحاب قطر من منظمة “أوبك” ليس السابقة الأولى على أي حال، فقد أقدمت على الخطوة نفسها اندونيسيا عام 2008، ولكنها عادت اليها، ولا نعرف ما اذا كان الانسحاب القطري مؤقتا ام نهائيا على أي حال.
مصادر خليجية تحدثت اليها “راي اليوم” لا تستبعد ان تقدم دولة قطر على خطوة اكبر في الأيام المقبلة، أي اعلان انسحابها من مجلس التعاون الخليجي الذي ستعقد قمته المقبلة السنوية في غضون الأسبوعين المقبلين في الرياض، فحتى هذه اللحظة لم تعلن دولة قطر عن مشاركتها فيها، وما اذا كان الأمير تميم بن حمد آل ثاني سيرأس وفدها الى القمة.
انسحاب قطر من منظمة “أوبك” قد لا يؤدي الى انهيارها بسبب دورها المحدود فيها، لكن الوضع قد يكون مختلفا اذا ما قررت الانسحاب من مجلس التعاون الخليجي الذي يعاني من الانقسامات الحادة حاليا.. والكويت اعلم.