الحوثيون ( أنصار الله ) ..رؤيتهم لهوية الدولة اليمنية .!

إب نيوز ١٢ يناير

 

م /صالح الجرموزي

سألني احد الأخوة من اعضاء الحزب الاشتراكي اليمني سؤالا عجيبا غريبا …..قال : هل هناك رؤية لأنصار الله ( الحوثيين ) لهوية الدولة اليمنية ……؟

علمت انه ليس متابعا جيدا لما يدور في اليمن من حراك سياسي وفكري وثقافي وخاصة ما كان خلال الحوار الوطني …..وهو معذور لأسباب كثيرة منها كون الحزب الاشتراكي اليمني لم يعد هو ذلك الحزب اليمني التقدمي العلمي الأممي العالمي حيث اصبح بعضه ذراع وصوت اعلامي لحزب الاصلاح وبعضه ذراع وصوت اعلامي للسلفيين وبعضهم التحق بدول العدوان كعميل ومرتزق للاسف ….

اما البقية منهم وهم الوطنيين الاحرار الشرفاء فهم باقون ثابتون على قيم ومبادئ الحزب وثوابته ينتظرون الفرج من الله وينتظرون قائد يستطيع ان يعيد للحزب مجده وتاريخه اليمني الوطني التقدمي ….

المهم ان الاخ طلب مني ان انزل منشور خاص فقط عن رؤية انصار الله ( الحوثيين) للدولة اليمنية…..ولا زال وهو يسأل يشك ان لأنصار الله تصور ورؤية لهوية الدولة ….

طبعا هو معذور لانه خلال الفترة الماضيه وهو لا يسمع ولا يقرأ ولا يشاهد الا ما تبثه وسائل اعلام العدوان السعودي الامريكي الاماراتي ومعهم اعلام العملاء والمرتزقة حول انصار الله وتشويه الانصار بدعاواى باطلة وكاذبة وبأنهم يدعون الحق الالاهي في السلطة ….وما الى ذلك من كذب وافتراء ….

واليك اخي الاشتراكي السائل الجواب :

رؤية الحوثيين (انصار الله) لهوية الدولة:

سنحاول في هذه الإجابة ألا نغرق في التفصيلات أو

نخوض في التاريخ حتى لا نبتعد عن المقصود من الإجابة

وهو تحليل بنية الدولة القائمة والقادمة في مجال الهوية.

تتحدد الهوية للدولة إما على أساس ديني أو على أساس

مدني، فإذا ما تم تبنى الأساس الديني للهوية فلابد أن

يعكس هذا في النصوص الدستورية المتعلقة بهذا المجال

والعكس صحيح.

وبالرجوع إلى دستور الجمهورية اليمنية المعدل في عام 1994م يتبين أنه قد حدد هوية الدولة في المواد (1، 2، 3) على النحو التالي:

المادة(1) الجمهورية اليمنية دولة عربية إسلامية ذات سيادة، وهي وحدة لا تتجزأ ولا يجوز التنازل عن أي حزء منها، والشعب اليمني جزء من الأمة العربية والإسلامية.

المادة(2) الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية.

المادة(3) الشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات.

ومن المواد الثلاث السابقة تبرز الهوية الدينية للدولة من حيث أن:
أولاً: الدولة دينها هو الإسلام.
ثانياً: الشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات.
وبتحليل العنصرين السابقين يتبين أنه يتطلب لإعمالها ما يأتي:
1 – بناء الدولة وسلطاتها على أساس الإسلام.
2 – خضوع جميع التشريعات التي تصدر من الهيئات ذات الاختصاص بالتشريع بما في ذلك الدستور نفسه؛ باعتباره أعلى التشريعات مرتبة للشريعة الإسلامية.

بيد أن واقع الحال وبتحليل بقية مواد الدستور تقول غير ذلك، فلا الدولة بنيت على أساس الإسلام، ولا جميع التشريعات خضعت للشريعة الإسلامية

وخصوصاً التشريع الدستوري، ويمكننا القول: إن الدولة بنيت

على أساس حكم المادة (4) من الدستور التي تنص على أن:

(الشعب مالك السلطة ومصدرها ويمارسها بشكل مباشر عن طريق الاستفتاء والانتخابات العامة، كما يزاولها بطريقة غير مباشرة عن طريق الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية وعن طريق المجالس المحلية المنتخبة)

وعلى حكم المادة (5) التي تنص على أن :

يقوم النظام السياسي للجمهورية على التعددية السياسية والحزبية؛ وذلك بهدف تداول السلطة سلمياً ،

وعلى حكم المادة (6) التي تنص على أن:

(تؤكد الدولة العمل بميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق جامعة الدول العربية وقواعد القانون الدولي المعترف بها بصورة عامة).

آية ذلك المواد الثلاث الأخيرة هي التي تم الاعتماد عليها في وضع البناء القانوني للدولة وفقاً للأنظمة الوضعية المعاصرة،

وبالتالي تم القفز على أحكام الشريعة الإسلامية في فقهها السياسي كلية، وأصبحت مضامين المواد الثلاث الأولى ذات العلاقة بهوية الدولة ميتة، ذلك أن الفقه السياسي الإسلامي يبني الدولة على نمط آخر وهذا النمط مفصل ومبسوط في كتب الفقه السياسي لجميع المذاهب.

ونذكر على سبيل المثال: كتب الأحكام السلطانية والولايات الدينية الماوردي في الفقه الشافعي،

وتحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام لابن جماعة في الفقه الحنبلي، وهذان الكتابان من الكتب المتخصصة في هذا الباب،

وهناك من المطولات الفقهية ماتناولت هذا الجانب مثل الروضة للنووي، والمغني لابن قدامة وغيرهما، وفي هذه الكتب بيان الأدلة الشرعية التي تم الاستناد عليها ومنها الكتاب والسنة والإجماع.

ويبدو أن القوى السياسية التي اشتركت في تعديل دستور الجمهورية اليمنية عام 94م والقوى السياسية الأخرى لا ترغب في إعمال أحكام الفقه السياسي بمذاهبه المختلفة وفقاً لما هو مبسوط في كتب الفقه الإسلامي المعتبرة ومالت إلى بناء الدولة على أساس النظريات الديمقراطية، ونحن لسنا ضد هذا التوجه ولكننا ضد أن يشتمل الدستور على أحكام توضع لغرض من الزينة فقط كما هو شأن

أحكام المواد الثلاث الأولى في دستور الجمهورية اليمنية ومن ثم فإن رؤيتنا هي:

1 – إذا هناك رغبة في الإبقاء على مضامين المواد الثلاث الأولى في الدستور الحالي المتعلقة بالهوية السياسية فإنه يجب إعادة النظر في المواد الثلاث الأخرى من (4 – 6) بما يتوافق مع أحكام الشريعة، ويجب أيضاً أن يعاد النظر في الأحكام الدستورية المتعلقة بسلطات الدولة الثلاث في هذا الاتجاه.

2 – إذا كان هناك رغبة في بناء الدولة على أساس المواد الثلاث الأخرى وفقاً للنظريات الديمقراطية المعاصرة فيجب إعادة النظر في مضامين المواد الثلاث الأولى.

3 – نرى أن الدولة هي شخص معنوي والشخص المعنوي ليس له دين، فالدين هو للأشخاص الطبيعيين الذي يتكون منهم الشعب، ومن ثم فإن الدين للشعب والدين الإسلامي يقوم على مذاهب متعددة، ومن ثم فإنه يجب النص على هوية الشعب الإسلامية بما يكفل الاعتبار لجميع المذاهب الإسلامية وعلى وجه الخصوص المذاهب المتواجدة في اليمن.

4 – تفريعاً على ما تقدم يجب النص على التزام الدولة باحترام هوية الشعب فيما يصدر عنها من تشريعات وتصرفات وخلافه.

5 – ولما كانت لغة الشعب هي اللغة العربية فضلاً عن أنها لغة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة فيجب النص عليها باعتبارها اللغة الرسمية لسلطات الدولة.

6 – حيث إنه توجد في اليمن مجموعة غير إسلامية وهي قليلة جداً فإنه يجب النص في الدستور على أن تكفل الدولة حقوقهم الدينية وفقاً لدياناتهم.

7 – تجدر الإشارة إلى مايلي:

أ – في العام 1991م أصدر علماء الزيدية فتوى اجتهادية قرروا فيها أن الولاية العامة فضلاً عن الولاية الأخرى في الدولة حق لجميع أفراد الشعب دون تمييز، ومن ثم فلم تعد محصورة في فئة أو شريحة، ونحن على هذه الفتوى حتى الآن.

ب – في العام 1992م دعا علماء الزيدية في بيان لهم الشعب إلى الاستفتاء على دستور الوحدة بنعم، ما يعني تأييد بناء الدولة على أساس مدني وفقاً لمضامين الدستور المستفتي عليه، ونحن مانزال على ذلك الموقف حتى الآن.. والله الموفق.

انصار الله ( الحوثيون ) …..

 

You might also like