عطاء قابله الله بعطاء .
إب نيوز ١٤ يناير
كتبت /إكرام المحاقري
في عشية مظلمة ليلها حالك وبردها قارس، ونسيمها لطيفة تلاعب افئدة الذين يتدبرون أيات الله تعالى، وفي سماء تلك الليلة يوجد نجماً مشعاً متلآلآ يكاد يضاهي بنوره القمر، وبجواره نجوم كثيرة لها ألوان وتشكيلات بديعية.
فكلا له شاكلته وكلا له رونقه الخاص به في أبدع خلق لله تعالى، وماهذه النجوم إلا مصابيح مضت في الأرض وهي تشع نورا من هدي القرآن الكريم، لتضيئ للعالمين سبيلا نيرا تملئه العزة والكرامة والشموخ، ويكتسي بجزيل التضحيات في سبيل الله.
فنجوم السماء ومصابيح الأرض هم الشهداء الاحياء من أعطوا الدين أنفسهم وأرواحهم ليقابل الله ذلك العطاء بعطاء عظيم هو أن جعلهم (أحياء عند ربهم يرزقون ).
وهاهو بريق إسبوع الشهيد يأتي الينا حاملا قوافل من عطاء الدم الطاهرة، ومواقف لرجال تصدروا بها صفحات التاريخ بل أعادوا التاريخ من بدايته ليخطوه بدماءهم من جديد، وما كل هذه الدماء الزاكية إلا عطاء قدمه الصادقين في سبيل الله من أجل عزة وكرامة الدين القويم.
فبداية إنطلاقتهم كانت من منطلق (كنتم خير أمة أخرجت للناس) ونهاية هذه الانطلاقة هي ( رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ) قضوا نحبهم لينالو الفوز العظيم والخلود في ضيافة الرحمن، فهم أحياء عند ربهم يرزقون.
وها نحن وفي هذه المناسبة التي يفترض على العالمين من عظمتها أن يحتفلوا بها وتكون مناسبة عالمية تاريخية نستلهم منها الدروس والعبر ونتعلم فيها من الشهداء معنى البذل والتضحية والعطاء في سبيل الله، وما معنى بيع النفس من الله والمتاجرة بها مع الله سبحانه وتعالى.
ونتعلم منهم القوة والعزم والصبر وأن نعظم الله في أنفسنا من أجل أن يصغر كل مادونه في نفوسنا، تعلمنا منهم أنه من عظم الله في نفسه صغر في عينه كل ما يمتلكه العدو من امكانيات هائلة من المدرعات والدبابات والطائرات المقاتلة والجيوش المجيشة.
فهم حقا فهموا قوله تعالى ( إن كيد الشيطان كان ضعيفا ) وهذا ما يجب أن يفهمه عامة المسلمين في العالم في مواجهتهم للطاغوت.
عطاء قابلة الله بعطاء، هكذا عرف الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي عليه السلام الشهادة في سبيل، لكن لن يفهم هذا التعريف إلا من تعمق وغاص وأبحر في عمق القرآن الكريم ، ليرسي بسفينة علمه بعد هذا الغوص في مرسى الجهاد في سبيل الله ومواجهة أعداء الإسلام واعداء الإنسانية أجمعها.
فعطاء الشهادة هو عطاء الدم وعطاء النفس وتقديم الإخرة عن الأولى ، وما عطاء الله إلا عطاء عظيم بدايته في الدنيا وثمرته يوم يقوم الناس لرب العالمين (وجيئ بالنبيين والشهداء ) عطاء غير محدود لا يناله من الله إلا خيرته من خلقه.
فكلا يترقب الموت إلا الشهداء يترقبون الحياة الأبدية، حياة أكرمهم الله بها في جوار الأنبياء والصديقين والصالحين وحسن اولئك رفيقا وذلك فضلا من الله لمن تفضلوا على الدين بدماءهم الزكية والطاهرة.
فالشهداء سلام الله عليهم عرفوا الله سبحانه وتعالى حق معرفته، عرفهم على نفسه وعلى عظمته وعلى قوته وعظيم رحمته وحكمته وتدبيرة في آيات القرآن الكريم، نعم عرفوا الله وانطلقوا في صفه كالصواريخ لا أحد يثنيهم عن موقفهم الحق، صدقوا وأمنوا ووثقوا بكل وعود الله سبحانه وتعالى للمؤمنين في القرآن الكريم ، ورسخوا في جدار قلوبهم أنه( ومن أصدق من الله حديثا) ( ومن أصدق من الله قيلا).
وهاهو الدين اليوم يعتز بهم وبتضحياتهم وهاهي دماءهم الطاهرة تتصدر المشهد وتنتصر على سيف أمريكا وإسرائيل وعملائهم كما إنتصرت دماء جدهم الحسين على سيف اليزيد ربيب القردة والخنازير.
وكأن التاريخ عاد نفسه من جديد ليثبت للطواغيت أنهم وعلى مر الايام والسنين أوهن من بيت العنكبوت ، وهاهو أسبوع الشهيد يتتوج بثقافة قرآنية أصيلة تتجسد فيه تضحيات الميامين، منذ بدر وحنين إلى جميع جبهات المواجهة في أرض الإيمان والحكمة في كل ثانية وفي كل دقيقة وفي كل ساعة وفي كل يوم واسبوع وشهر وسنة وقرن حتى تقع الواقعة.