حرية التعبير بين حق واستغلال !

 

إب نيوز ٢٤ يناير

قد تجد شعارا يخاطب وجدانك قبل عقلك، ويحظى بقبول عند مجرد السماع إليه؛ وذلك أن ظاهر الشعار جذاب وخلاب ويستجيب لرغبات الإنسان، ويتناسب مع ما يتطلع إليه.

من تلك الشعارات المتداولة في عصرنا الراهن حرية الرأي والتعبير ،،،
فلا تجد شخصا يرغب في مخالفة هذا الشعار، أو يريد مناقشته، لكن ما ينبغي أن يلتفت إليه أن هذا المصطح قد استغل استغلالا سيئا جدا، فمن خلال هذا الشعار حاول البعض:
أ – أن يدعو إلى النيل والتعدي على المقدسات الدينية – إسلامية كانت أو مسحيية أو يهودية – فقد تطاولت الألسن على الله تعالى والأنبياء والصالحين وإسقاط الرموز وتجريدها عن القدسية.
لا نذهب بعيدا؛ لنفهم هذا الاستغلال المعيب، ففي عصرنا الراهن قامت بعض المجلات والجرائد والصحف الأوروبية بنشر الصور المسيئة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحجة حرية الرأي والتعبير. وربما أراد أصحاب تلك الصحف والمجلات استفزاز المسلمين، لكن من جهة أخرى أثبت هذا العمل المشين أن الغرب لا يحترم الآخر، ويستغل الشعارات التي ظاهرها خدمة الإنسان ومساعدته وإعطاؤه حقوقه المشروعة للنيل من كرامة الآخر.

ب – شجع شعار حرية الرأي والتعبير الكثيرين على نزع حق الحياة من الآخر؛ لأنه كافر ويباح هدر دمه. وهذا ما أدى إلى تدمير المجتمعات تدميرا كاملا.

ج – احترام الآخر بأشكاله المختلفة الذي كان ميزة المجتمعات الشرقية بدأ يتلاشى بحجة حق حرية التعبير والرأي.

د – من نتائج استغلال هذا الشعار، تمت الدعوة إلى الرذيلة والفساد والانفلات، فهناك من يدعو مستقبل الأمة إلى ارتكاب الرذائل والفواحش جهارا، ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي المرئية والمسموعة والمقروءة؛ لأنه حر فيما يعتقد وفيما يدعو إليه.

مع الالتفات إلى أننا لا نعارض هذا الحق، لكن ينبغي أن يمارس ذلك ضمن حدود وضوابط، فحينما تمارس حق حرية الرأي والتعبير يجب عليك أن لا تنال من كرامة الآخر، وأن لا تتعدي على حقوقه، وتكون ممارسة هذا الشعار في خدمة تطوير المجتمع، وتساهم في نشر الأخلاق والأدب والفضيلة، وتربي شبابنا أحسن التربية.

حكي عن البعض أن شخصا مد يده وحركها تحريكا عشوائيا، وهذا ما أدى إلى ضرب شخص آخر على أنفه كان واقفا بجانبه، فسأله متعجبا: لما ضربتني على أنفي؟ فأجابه قائلا: أنا حر في استعمال أعضائي وحركاتي وسكناتي؛ فرد عليه بكل هدوء وحكمة: إن حدود حريتك تنتهي من المكان الذي يبدأ منه أنفي.
هذه القصة تؤكد على أن الحرية إن لم تمارس ضمن حدودها وضوابطها تأتي بنتائج عكسية،

يقول المفكر الإسلامي العالمي الشهير العلامة محمد إقبال رحمه الله:
” إن حرية التفكير والتعبير تدمر شخصا لا يملك طريقة التفكير وسليقة التعبير، فإن الفكر إذا لم ينضج، فحرية التفكير والتعبير تجعل الإنسان حيوانا.”

فكل إنسان حر فيما يعتقد ويقول؛ لكن يجب عليه أن يعرف أن لكل شيء عند العقلاء حدود وضوابط.
(محمد إشفاق)

You might also like