قريباً لن يستطيع سلاح الجو السعودي التحليقَ بطائراته .
إب نيوز ٢١ فبراير /متابعات
واشنطن بوست: التأثيرات الحقيقية لحظر السلاح الألماني عن السعودية قد بدأت عندما أعلنت المستشارة الألمانية “أنغيلا ميركل” في أكتوبر/تشرين الأول الماضي أن حكومتها الائتلافية ستوقف جميع صادرات معدات الأسلحة إلى ثاني أكبر مستهلك لها، السعودية، فإن هذه الخطوة كانت بمثابة ضغط معنوي فوري على المصدرين الرئيسيين الآخرين للقيام بإجراء مماثل.
وجاء الحظر الألماني وسط غضب دولي شديد بسبب الانتهاكات المتصاعدة التي صاحبت التدخل العسكري الذي قادته السعودية في اليمن، وقتل الكاتب الصحفي المشارك في صحيفة “واشنطن بوست”، “جمال خاشقجي”، داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، والذي خلصت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، في وقت لاحق، إلى مسؤولية ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان” عنه.
وأشاد ناشطون حقوقيون بموقف ألمانيا، معتبرين أنها وضعت نموذجاً دوليًا في ذلك الوقت للتعامل مع التجاوزات السعودية، لكن بالنسبة إلى محللين ونقاد، فإن القرار الألماني كان يبدو رمزيا في معظمه؛ نظرا لأن صادرات السلاح إلى المملكة تأتي إلى حد كبير من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، لا سيما في السنوات الأخيرة.
لم يقرر أي من هذه الدول بعد ذلك الانضمام إلى الألمان، لكن بعد مرور ستة أشهر تقريبا، بدأت أمور أخرى تتضح، وتشير إلى أن القرار الألماني سيكون له تبعات أقوى مما كان متوقعا.
تتزايد المخاوف في بريطانيا وفرنسا من أن الحظر الألماني قد يكون له تأثير كبير على صادرات معدات الأسلحة إلى السعودية من دول أوروبية أخرى.
وقد اعترف ممثلو شركة BAE Systems، وهي شركة الأسلحة الرئيسية في بريطانيا، بالقلق بشأن إمكانية وصولهم في المستقبل إلى أجزاء ومكونات مهمة من طائرات “يوروفايتر تايفون”، التي يتم إنتاجها جزئيا في ألمانيا.
كما أثر حظر الصادرات الألماني تحديدا على صواريخ جو-جو لهذه الطائرات، التي يتم إنتاجها وفق مشروع مشترك مملوك جزئيا لشركة الطيران الأوروبية “إيرباص”، والتي تعد ألمانيا من المساهمين الأساسيين فيها.
وعندما حظرت حكومة “ميركل” المبيعات للمملكة، في العام الماضي، لم تمنع فقط المنتجات المجمعة بالكامل مثل السفن، لكن أيضا المكونات عالية التقنية التي تستخدمها الشركات في جميع أنحاء أوروبا.
ربما تكون ألمانيا خفضت مؤخرا صادراتها الإجمالية من الأسلحة، لكنها تظل مركزا أوروبيا لمثل هذه المكونات عالية التقنية.
وسببت الاضطرابات في سلسلة التوريد تلك انزعاجا من الرئيس التنفيذي لشركة “إيرباص”، “توماس إندرز”، الذي قال لـ”رويترز”، الأسبوع الماضي: “إنها مشكلة مجنونة نعاني منها لسنوات، وهي أنه عندما يكون هناك فقط جزء ألماني صغير يشارك في طائرات هليكوبتر -على سبيل المثال-، فإن الجانب الألماني بهذا التصرف يمنح نفسه الحق، على سبيل المثال، في منع بيع مروحية فرنسية”.
بالنسبة إلى منتقدي حقوق الإنسان في السعودية، هذه هي النقطة بالضبط، حيث لا يوجد مخرج سهل للسعوديين.
وعندما وافق السعوديون على شراء أكثر من 70 طائرة مقاتلة أوروبية قبل عقد من الزمن، لم يشتروا الطائرات فحسب، بل اشتروا أيضا حزمة كاملة تتضمن تدريب للطيارين والصيانة على المدى الطويل.
وللحفاظ على تلك الطائرات تعمل، يتعين على شركة BAE Systems استبدال المكونات (قطع الغيار) التي لم يعد بإمكانها الوصول إليها الآن، بسبب الحظر الألماني.
ونقلت صحيفة “فاينانشال تايمز” عن شخص لم تذكر اسمه قوله، الإثنين: “سنصل قريبا الى النقطة التي لا يستطيع فيها السعوديون الطيران بطائراتهم”.
ومع تدخلها المستمر في اليمن، تأتي مشاكل الإمداد في وقت حساس بالنسبة للسعودية، لكن الأمر نفسه ينطبق على الشركاء التجاريين الأوروبيين للمملكة.
ومع بقاء شهر واحد فقط قبل أن تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي، هناك مشكلة أكبر؛ حيث يمكن لخروج بريطانيا أن يعطل سلاسل التوريد، مثل شركة BAE Systems إلى حد أكبر بكثير من الحظر الألماني على صادرات الأسلحة.
ويرى القائمون على الشركة أنه يجب الحفاظ على العلاقات التجارية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
لكن بالنسبة إلى معارضي الاتحاد الأوروبي، يبدو أن الحظر الألماني وتأثيراته في جميع أنحاء القارة تثبت العكس؛ حيث يقولون إنه ما دامت أوروبا لا تستطيع الاتفاق على قضايا مثل أطر صادرات الأسلحة المشتركة، فإن الاتحاد يظل تجربة معيبة إلى حد كبير في توحيد الدول القومية المختلفة.
هذا القلق لا يقتصر حصرا على خصوم الاتحاد الأوروبي.
ووسط تداعيات الحظر على الصادرات الألمانية إلى السعودية، شرعت “ميركل” والرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” في بذل جهود مشتركة لتطوير إطار لصادرات الأسلحة الأوروبية، والذي سيحمل جميع الأعضاء مسؤولية وضع معايير معينة للموافقة على المبيعات في الخارج.
حتى الآن، يتخذ المشرعون من الدول الأعضاء بالاتحاد هذه القرارات بناءً على المعايير الخاصة لكل دولة.
وقالت “ميركل”، خلال مؤتمر الأمن في ميونخ، نهاية الأسبوع الماضي: “إذا لم تكن لدينا ثقافة مشتركة لصادرات الأسلحة في أوروبا، فإن تطوير نظام الأسلحة المشترك سيتعرض للخطر”.
ويبدو أن أوروبا تتفق بشكل متزايد على أن هناك حاجة لاستراتيجية مشتركة للتنافس مع الولايات المتحدة ومنتجي الأسلحة الآخرين.
والسؤال الأكثر أهمية هو النهج الذي سيسود: استجابة ألمانيا لانتقادات حقوق الإنسان، أو البديل الأكثر ربحا الذي تنتهجه بريطانيا وفرنسا وغيرهما