من قصف تل أبيب ولماذا؟!
إب نيوز ١٦ مارس
بصرف النظر عن الجهة التي نفذت عملية القصف الصاروخي على تل أبيب قبل منصف ليل أمس الجمعة، وهل كان ذلك القصف ناجم عن خطأ بشري أم لا؟ فَإنَّ كونه جاء بعد قرابة ٣٠ ساعة على تهديد رئيس الوزراء الإسرائيلي بن يامين نتنياهو بقصف السفن الإيرانية التي تنقل شحنات النفط الإيراني إلى الخارج مساهمة في الحملة الأمريكية الرامية إلى حرمان إيران نهائياً من تصدير حتى برميل نفط قد يؤشر إلى وجود علاقة بين التهديد الإسرائيلي بضرب السفن الإيرانية وقصف تل أبيب بصواريخ.. إيرانية.
لقد شكّل هذا القصفُ صدمةً للدوائر الأمنية والعسكريّة والسياسيّة الإسرائيلية التي لم تكن تتوقع على الإطلاق بأن يجري استهداف تل أبيب من قطاع غزة على خلفية التوتر الحاصل بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل؛ بسببِ رفض حكومة نتنياهو تخفيف الحصار المفروض على القطاع وكذلك العقوبات أَو على خلفية التوتر الحاصل بين إيران وإسرائيل.
فعلى ما يبدو فإنَّ أقصى ما كان يتوقعه صناع القرار في إسرائيل هو قيام الفصائل الفلسطينية بممارسة نوع من الضغط العسكريّ المحدود على حكومة نتنياهو قبل الانتخابات الإسرائيلية في محاولة لإجبارها على دفع ثمن ما لشراء الهدوء.
ولكن المفاجأة ألمذهلة أن الضربة جاءت في المكان الذي يعتبره الإسرائيليون خطاً أحمرَ يعني تجاوزه الدخول في محظورات سياسيّة وعسكريّة لا يمكن التسامح معها لكي لا يصبحَ قصفُ تل أبيب حدثاً روتينياً عادياً يمكن اللجوء إليه متى شاءت المقاومة في غزة أَو إيران.
ومع ذلك فَإنَّه وعلى عكس ما توقع محللون سياسيّون ووسائل أعلام تابعة لمحور التطبيع العربي مع إسرائيل فَإنَّ ردة فعل حكومة نتنياهو على عملية قصف تل أبيب كانت أقل من المتوقع بكثير في دليل على أن إسرائيل لم تعد كلية الجبروت وعاجزة رغم كُـلّ الدعم الأمريكي عن تغيير موازين القوى التي نشأت في المنطقة.
ولا يغير من هذه الحقيقة أن إسرائيل شنت بعد منتصف ليل وفجر الجمعة، أَكْثَـر من ١٠٠ غارة جوية على أَهْدَاف ومواقع عسكريّة فلسطينية تم اخلاؤها سلفا في قطاع غزة، فذلك القصف الذي أدّى إلى إصابة ٤ فلسطينيين من بينهم امرأة حامل بجراح كان بموافقة ضمنية فلسطينية لحفظ ماء وجه نتنياهو.
ومنع انزلاق الأمور إلى مواجهة واسعة لا أحد يريدها في هذه المرحلة على الأقل على كُـلّ حال فَإنَّ ما حصل يدل على أن قصف تل أبيب قد يصبح في المستقبل القريب عملاً روتينياً عادياً مثل قصف مستوطنات غلاف غزة وعسقلان وبئر السبع مما يؤكّــد أن قوة الردع الإسرائيلية ستصبح قريبا في خبر كان. ويبقى السؤال هو ذاته ومفاده من قصف تل أبيب ولماذا؟ وإذَا كانت إسرائيل عاجزة عن ردع غزة فكيف ستواجه إيران وحزب الله وَسوريا والمقاومة العراقية في أي حرب قادمة؟.
* رأي اليوم