من غصة الى فرصة!!
——————-
برغم المأساة ، و بعظم الحزن والألم الذي خلفه حادث الإعتداء الإجرامي الإرهابي على المصلين في مسجدي نيوزلاندا ،إلا أن الحدث اظهر حس اسلامي فريد، نحن في العالم اليوم المعاصر أشد ما نكون حاجةً اليه، خصوصا نحن المسلمين..
ذلك الحس ظهر جلياً ، في قصة الدكتور المسلم النيوزلاندي من أصل بنقالي ( فريد احمد) ، قصة هي اقرب إلى الخيال منها إلى الواقع، ولولا مشاهدتها بالصوت والصوره ، لحصل شك في الراوي ،..
الدكتور فريد احمد، كان أحد المصلين الناجين بإعجوبة ، وبتضحية عالية لا تقل في فداحتها عن فقدان روحه ، وانتقاله الى الرفيق الأعلى ، كما ظهر ذلك جلياً من كلماته الحزينة، وتعابير وجه ، و زفراته الحرى ، أما التضحية فقد كانت حياة زوجته وشريكة عمره الوفية المؤمنة المحتسبة،،
لقد دفعت حياتها ثمناً لحياة زوجها ، وفدته بنفسها، فما إن أحست بالخطر، وشاهدت ما يحدث، حتى رمت بنفسها عليه ، وجعلت من جسدها حائطاحصينا،ً و سداً منعياً يقيه طلقات الرصاص القاتلة ، وظلت صامدة حتى خرت بين يديه صريعة..
وإن كان فيما ذكرت عجباً ، إلا أن الفصل الأعجب في القصة لم يظهر بعد،، فلكم أن تتخيلوا رجل عظيم مسلم في حجم الدكتور( فريد احمد) وهو يعرض الشخصية الاسلامية المتسامحة والمتسامية فوق الجراح مهما عظمت ، و يصنع من مأساته وغصته فرصة حقيقية،لعرض الإسلام على بقية أفراد مجتمعه النيوزلندي خاصة، وكل مجتمعات المعمورة بشكل عام ، الإسلام الحقيقي المتسامح البعيد عن المسخ والدعشنه..
فالرجل لم يعتزل الحياة ، و لم يثنه مصابه الجلل عن مواصلة نشاطه الدعوي ، في موقعه الأكتروني الذي أسسه بتشجيع ومساعدة حقيقة من زوجته الراحلة ، للدعوة الى الإسلام ، وعرض افكاره المتسامحة، ولم يغير نظرته وموقفه من دين ومجتمع السفاح القاتل ، لأنه يحمل تعاليم الإسلام وفلسفته المثالية ، فالمجرم لا يمثل إلا نفسه، و وزره يقع على عاتقه وحده، ولا يتعداه إلى غيره ، حتى وإن كان أقرب المقربين إليه( ولا تزر وازرة وزر أخرى)،، أكثر من ذلك ، لقد أبدا استعداده في التنازل عن حقه في معاقبة المجرم،، حتى يعكس أجمل وأبهى صورة لتسامح دينه( الإسلام ) ورسالة نبي الإسلام التي تدعو للتعايش والسلام..
السفاح النيوزلندي لم يكن مجرد شخص قاتل ، بل هو سفير ووجه قبيح لتيار يميني متطرف ، بات الآن يحكم معظم بلدان العالم الغربي، ويتصرف بكل شؤونه ، وأصبح هو الموجه الفعلي لنظرة المجتمعات الغربية تجاه المسلمين ، في أغلب أصقاع العالم ، و المتسبب في معظم معاناتهم، وما يواجهونه من حيف وظلم…
ذلك التيار المتطرف، كان للصورة المقززة التي عكستها الداعشية المقيتة عن الأسلام ، و ما تركه اسلوبها المتوحش في القتل، أكبر الأثر في تكونه وصعوده واكتساحه لكل الميادين و الساحات في العالم الغربي بشكل عام.. وهو تيار من الخطأ وعدم الحكمة ان يواجه بسكاكين داعش ، أو أي افكار إسلامية متطرفة ، بل بابتسامة ( الدكتور فريد احمد) واخلاقه العاليه وتسامحه الفريد..بموقفه النبيل واخلاصه لربه ودينه ، الذي جعل همه الأوحد هو خدمة دينه ، واستغلال كل الفرص في نشره وعرض افكاره المتسامحة ، ومحاربته للعنف والتطرف بكل صوره واشكاله..
حميد دلهام