من أجندة وفد الرياض.. التداعيات الإنْسَـانية للعدوان بالأَرْقَام.
الحصار.. المِـلَـفُّ الحاضرُ في أجندة الوفد الوطني الغائب من أجندة وفد الرياض.. التداعيات الإنْسَـانية للعدوان بالأَرْقَام
إب نيوز 25 إبريل
لا حديثَ عن فك الحصار والسماح بتدفُّق الامداداتِ التجارية والغذائية والدوائية والوقود إلَـى الموانئ الـيَـمَـنية، فعلى الرغم من تأرجُحِ تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار، إلّا أَن الحصار المفروض على الشعب الـيَـمَـني منذ أَكْثَـر من عام لا يزال مستمراً رغم الأضْــرَار الفادحة التي تسبب بها الحصار على مختلف الجوانب الإنْسَـانية والاقتصادية، التقرير التالي يسلط الضوء على أهم الملفات التي فرضت نفسها على الوفد الوطني المشارك في محادثات الكويت وسقطت من اجندات وفد الرياض إلَـى التفاصيل:ـ
فرَضَ الجانبُ الاقتصادي والإنْسَـاني حضورَهُ في مختلف المحادثات وفي جُلِّ إفادات مبعوث الأمين العام للأُمَـم المتحدة إلَـى الـيَـمَـن إسْمَـاعِيْل ولد الشيخ لمجلس الأمن، ولكن لا يزَال هذا الجانب الهام غائباً رغم حضوره أَيْضاً في بيانات المنظمات الدولية التي طالما حذّرت من تفشي المجاعة في أَوْسَاط الشعب الـيَـمَـني المحاصر ولكن حتى اليوم لم تتحرك تلك المنظمات ولا الأُمَـم المتحدة لوضع حد لمعاناة الشعب الـيَـمَـني.
حديثُ الأَرْقَام
بعد عام من العُـدْوَان والحصار بات حديث الأَرْقَام يكشف حجم المعاناة الإنْسَـانية التي تتصاعد كُلّ يوم، فالأَرْقَام تؤكد ارتفاع عدد السكان الذين كانوا قبل السادس والعشرين من مارس العام الماضي بحاجة للمساعدة الإنْسَـانية من 15.9 مليون نسمة إلَـى 21.2 مليون بنسبة 33% بعد عام من العُـدْوَان، بما في ذلك 9.9 ملايين طفل، كما ارتفع إجمالي النازحين من منازلهم في ذات الفترة من 584 ألف نسمة، وزاد العدد إلَـى مليونين وَ700 ألف نسمة بنسبة 330% بينهم 800 ألف طفل، وفي ظل الحصار المفروض على الشعب الـيَـمَـني ومنع التحالف تدفق امدادات الغذاء والدواء والوقود وانعدام العدالة في توزيع المساعدات الإنْسَـانية من قبل المنظمات الدولية العاملة في البلاد ارتفع عدد من يعانون من الكفاف الحاد ولا يجدون ما يكفيهم من الغذاء من 10.6 ملايين قبل العُـدْوَان إلَـى 14.4 مليون، بما في ذلك 7.7 ملايين طفل بعد العُـدْوَان، كما ارتفع عددُ الأَطْفَـال الذين يعانون من سوء التغذية بعد العُـدْوَان إلَـى 1.3 مليون منهم 320 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، فيما بلغ إجمالي الأَطْفَـال الذين يعانون من سوء التغذية الوخيم 537 ألف حالة مقابل 850 ألفَ طفل يعانون من سوء التغذية قبل العُـدْوَان.
منظمة رعاية الأَطْفَـال العالمية من جانبها أَكَّـدَت في بيان صادر عنها أَن العُـدْوَان والحصار أدى إلَـى تفاقم الأزمة الإنْسَـانية وأن 90% من الأَطْفَـال الآن في حاجة إلَـى مساعدات إنْسَـانية عاجلة وَما يزال 10 ملايين طفل منسيون من قبل المجتمع الدولي، وَأَكَّـدَت المنظمة ارتفاع الأشخاص الذين لا يحصلون على الرعاية الصحية الكافية إلَـى 14.1 مليون بينهم 8.3 ملايين طفل مقابل 8.4 ملايين قبل العُـدْوَان بنسبة زيادة وصلت إلَـى 67% نتيجة إغلاق حوالي 600 مستشفى ومرفق صحي؛ بسبب القصف أَوْ نقص المواد العلاجية وَالوقود.
وعلى مدى عام من العُـدْوَان فقد قرابة 3 ملايين مواطن يمني فرص أَعمالهم نتيجة توقف مختلف النشاطات الاقتصادية والخدمية والانتاجية، وهو ما انعكس سلباً على الاستقرار المعيشي لأسرهم، حيث تخلت معظم الأسر الـيَـمَـنية عن اقتناء الحاجيات الكمالية مقابل توفير أَسَاسيات الحياة من غذاء ودواء وتأمين مسكن؛ لينعكس ذلك على الحركة التجارية في الأَسْوَاق الـيَـمَـنية التي تعاني هي الأُخْـرَى من شُحَّة في المعروض جراء الحصار وارتفاع في الأَسْعَار بلغت 38% عما كانت عليه قبل العُـدْوَان.
أَسْوَاقُ الدواء
ولم تكن الأَسْوَاق التجارية فقط من تضررت فأَسْوَاق الدواء أَيْضاً تعيش أسوأ أَوْضَـاعها؛ بسبب الحصار وتعاني من شحة في معظم الأدوية التي تتعلق بالأَمراض المزمنة كأَمراض القلب البالغ عددهم 20 ألف مصاب وأَمراض الفشل الكلوي البالغ عددهم 25 ألف مصاب يواجهون الموت كُلّ يوم؛ بسبب انعدام المحاليل الخَاصَّة بمراكز الفشل الكلوي المخصصة للاستصفاء الدوري لمرضي الكلي، يضاف إلَـى أَن انعدام محاليل الفشل الكلوي تسبب بتوقف عدد من المراكز الخَاصَّة، مما ضاعف معاناة المرضى بالانتقال من محافظة إلَـى أُخْـرَى.
وفي السياق يواجه مرضى السكر البالغ عددهم وفق احصائية رسمية 1,2 مليون نسمة في الـيَـمَـن مخاطرَ كبيرة جراء التناقص الحاد للأنسولين في سوق الدواء المحلي واستيراد نوعيات رديئة، كما تسبب الحصار الخانق الذي لا يزَال حتى الآن رغم بدأ محادثات السلام في الكويت برعاية الأُمَـم المتحدة بتناقص حاد لأدوية المرضى النفسيين وخُصُـوْصاً المصابين بحالات الصرع والأَمراض النفسية المزمنة التي تستدعي تناول المصاب للدواء بصورة يومية باعتبارها من الأَمراض المزمنة ووفق آخر تقارير وزارة الصحة العامة فَإن العُـدْوَان والحصار تسببا بارتفاع الحالات النفسية خلال العام الماضي، حيث تم تسجيل 14 ألف وَ67 حالة مصابة بحالة نفسية وإعادة معظم تلك الحالات إلَـى تردي الأَوْضَـاع المعيشية للمواطن الـيَـمَـني.
وطالت أضْــرَار الحصار حتى الأَطْفَـال الرضع؛ بسبب تناقص عدد من أنواع الحليب التي كانت تباع في الأَسْوَاق فأغذية الأَطْفَـال وأدوية مرضى الدم بأنواعه من تكسرات وداء خبيث (سرطان) تحولت إلَـى أَهْــدَاف عسكرية للعُـدْوَان أَيْضاً.
وإلى جانب تردّي الخدمات الطبية في مختلف المحافظات؛ بسبب نفاد المحاليل الطبية والأدوية الخَاصَّة بالإسعافات الأولية تأثرت 412 منشأة صحية من العُـدْوَان منها 180 مستشفى ومركَزاً صحياً وَ232 وحدة صحية ومصنعَــي اكسجين، وارتفعت التكلفة الأولية لتلك الأضْــرَار التي طالت القطاع الصحي العام إلَـى 99 ملياراً وَ207 ملايين وَ24 ألف ريال، كما تكبدت المستشفيات الخَاصَّة العاملة في تقديم الخدمات الصحية في العاصمة والمحافظات مليارات الريالات؛ وبسبب الحصار والعُـدْوَان أفلست العشرات من المنشآت الصحية الخَاصَّة وتوقفت العشرات من الاستثمارات في القطاع الصحي.
تحذيراتٌ صوتية
بين الحين والآخر تجدّد المنظمات الدولية تحذيراتِها من انزلاقِ الأَوْضَـاع الإنْسَـانية في الـيَـمَـن إلَـى الهاوية إلّا أَن الأَيَّــام كشفت أن تحذيرات تلك المنظمات ليست سوى تسجيل حضور فقط لا تعكسها الأفعال، فبرنامج الأغذية العالمي التابع للأُمَـم المتحدة جدّد تحذيرَهُ قبل أَيَّــام من تفشي المجاعة في 50% من محافظات الـيَـمَـن الـ 22؛ بسبب العُـدْوَان العسكري السعودي، وأرجع البرنامج – ذلك إلَـى القيود التي يفرضها التحالف السعودي على وصول الإمدادات إلَـى الموانئ الـيَـمَـنية، كما حذّرت منظمة أوكسفام البريطانية من خطورة وقوع ملايين الـيَـمَـنيين في المجاعة؛ نتيجة تفاقم الأزمة المصرفية التي تلوح ملامحها في الأفق، وأشارت إلَـى أَن الضربات الجوية أدّت إلَـى تدمير المزارع والأَسْوَاق، مؤكدةً أَن الحصار وفرض قيود على الواردات التجارية تسبب بتفاقم أزمة الوقود المستمرة منذ فترة طويلة، وهو ما نجم عنه انخفاض معدلات الإنتاج الزراعي، وشح في الإمدادات التموينية، وارتفاع في أَسْعَار الغذاء.
وأوضح البيان، أن المصارف الدولية، باتت أَكْثَـر ترددًا في توفير الائتمان للمستوردين، ما يعني أن التجارَ في الـيَـمَـن قد يضطرون إلَـى وقف استيراد الشحنات الغذائية، مما يؤدي إلَـى ارتفاع الأَسْعَار.
لا خضوعَ رغم المعاناة
أَكْثَـر من 400 يوم مضت من العُـدْوَان والحصار كانت كفيلةً بتردّي الأَوْضَـاع المعيشية لشرائح واسعة من المجتمع الـيَـمَـني وإلحاق الضرر بمختلف القطاعات الاقتصادية والخدمية، وتوقيف الاستثمارات المحلية والأجنبية ونزوح شركات النفط العاملة في مجالي الانتاج والاستكشاف وتوقف صادرات النفط والغاز المسال، بالإضَــافَة إلَـى فقدان قرابة 3 ملايين عامل لفرص أَعمالهم.
أضْــرَار مهولة طالت مختلف المجالات، إلّا أَن المواطن الـيَـمَـني الصابر الصامد قابلها بالثبات والإصرار على البقاء من خلال التنازل عن كثير من الحقوق الأَسَاسية التي كفلها الدستور الـيَـمَـني وكفلتها كافة دساتير الأَرْض والسماء، فالشعب الـيَـمَـني الذي يُصَنَّــفُ كأفقر شعوب المنطقة واجه عُـدْوَاناَ صلفاَ وحصاراً أحمقَ خالف كُلّ القوانين الدولية وفرض عِقاباً جماعياً على 26 مليون نسمة كان قبل العُـدْوَان يعيشُ منهم 50% على أقل من دولارين، ورغم ذلك نجح الشعب الـيَـمَـني في تفويت الفرصة على العُـدْوَان وأَدَوَاته وأفشل مخططاته وأثبت طيلة 400 يوم قدراتٍ خارقةً على مواجهة كُلّ التحديات حتى وإن كانت تتعلق بلقمة عيش أَطْفَـاله واستقراره المعيشي من أجل إفْشَـال مخططات خارجية كان هدفها تحويل الفقر إلَـى ورقة واتخاذ من البطالة والفاقة والعوز وسائلَ لتحقيق أَية مكاسب لم تحققْها مختلف أسلحة العالم الحديثة التي استخدمها العُـدْوَان في عُـدْوَانه البربري على الـيَـمَـن وشعبه.
صدى المسيرة/ تقرير ـ رشيد الحداد